الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد بوبكري: الزعيم الذي يتمادى في خرق الدستور

محمد بوبكري: الزعيم الذي يتمادى في خرق الدستور محمد بوبكري
لقد صار شائعا في مختلف الأوساط السياسية المغربية أنه لا حق للفرد في الوجود داخل الاتحاد الاشتراكي، ما يعني أن زعيمه لا يؤمن بحق المواطنة داخل هذا الحزب، حيث تحول مناضلوه في عين هذا الزعيم إلى مجرد عبيد أو أقنان يتخذ ما شاء من القرارات باسمهم. وإذا حدث أن اعترض أحدهم على ذلك، فسيكون مآله التوقيف، أو الطرد.
لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن الزعيم يراسل عامل الأقاليم في شأن معارضيه، حيث ينزع عنهم أية تمثيلية للحزب بالإقليم، ويخبر العامل بمن سيعوض المطرود، دون أدنى حد من احترام القوانين التنظيمية للحزب التي تقتضي انتخاب من سيعوضه في مهام المسؤولية. على رأس الإقليم أو الفرع.
تفرض علينا ممارسات هذا الزعيم هذه طرح الأسئلة الآتية: لما يراسل عامل الإقليم؟ أليس في ذلك نصب على الحزب والإدارة المحلية معا؟ ألا يهدف من وراء ذلك إلى منح شرعية لقراراته الجائرة؟ خلاصة الجواب على هذين السؤالين أن هذا الزعيم لم يقرأ دستور البلاد. وإذا كان قد قام بتهجيه، فإنه لم يفهمه، وإذا كان قد فهم شيئا منه، فإنه لا يحترمه عندما يتعلق الأمر بنزوله السلطوي التسلطي. هكذا، فإن هذا الزعيم قد نصب نفسه مؤسسة قضائية، ينبغي على السلطات المحلية أن تنفذ قراراته؛ فعامل الإقليم ليس تابعا للزعيم حتى ينفذ قراراته، لأن العامل مستقل عن الزعيم، ولا علاقة له به، والزعيم ليس مؤسسة قضائية. قد يقول قائل: إن الزعيم يراسل عمال الأقاليم على سبيل الإخبار. لكن الأمر ليس كذلك، فالزعيم يستغل ذلك لترهيب خصومه، وللبرهنة لهم على أن قراراته مدعومة من قبل الإدارة، الأمر الذي ليس صحيحا، لكن هذا الزعيم يرمي من وراء ذلك إلى النصب على الإدارة، بدون إرادتها، لمنح قرارته الجائرة شرعية في الفضاء العام…
لكن لماذا لا يلجأ هذا الزعيم إلى اللجنة الحزبية للتحكيم والأخلاقيات؟ لأنه يعلم أن أعضاءها لن يسايروه في نزعته التحكمية، وسيعترضون على قراراته. لكنه عوض أن يلجأ إلى هذه اللجنة الحزبية، فضل أن يطرد المناضلين، ويخبر عمال الأقاليم بأنه لم تعد لعم أية علاقة بالاتحاد، ما أفقدهم تمثيلية الحزب في أقاليمهم، والحال أنهم منتخبون من قبل المؤسسات المحلية الحزبية لتحمل مسؤولية الحزب محليا، ما يعني أن الأمر يتعلق بمكر وتحايل، علما ان قرارات التوقيف والطرد التي يتخذها هذا الزعيم ليست لها أية شرعية حزبية. وما دامت هذه القرارات لا شرعية لها، فإنه يتحايل لمنحها شرعية إدارية، حيث يرمي من وراء إخبار عمال الأقاليم بها إلى التحايل عليهم لمنحها شرعية إدارية، ضد إرادة الإدارة الترابية. لقد كان على الزعيم أن يلجأ إلى الأجهزة الحزبية، وبعد ذلك إلى القضاء لمنح شرعية لقراراته. لكنه لم يفعل ذلك، وفضل اللجوء إلى التحايل والنصب عبر اتخاذ السلطة المحلية قناعا لقراراته، ضدا على إرادة الإدارة المحلية، ما يفيد أنه يخرق الدستور مع سبق الإصرار؛ فهو عندما يفعل ذلك، يريد أن يبين أنه على صواب، وأن معارضيه على ضلال، بدليل أن السلطة المحلية تقبل منه المراسلة، مع أن هذه في واقع الأمر مجرد نصب وتحايل. هكذا، فإن هذا الزعيم قد لجأ إلى التحايل على الإدارة المحلية لتحقيق أهدافه التسلطية، حيث يريد أن يظهر للمناضلين أنه مدعوم، وأن القانون معه، بدليل أنه يراسل الإدارة المحلية ليخبرها بقراراته، وهو يعلم مسبقا أنه لا يمكنهم التمرد عليه، لأن التمرد عليه سيفهم منه أنهم يتمردون على القانون وعلى الإدارة، والحال أن الإدارة بريئة من قراراته التي لم يحترم فيها القوانين الحزبية، ولا قانون الأحزاب، لكنه تحايل على الإدارة والمناضلين معا لتمرير قراراته الجائرة في حق مناضلين اختلفوا معه في الرأي، فقرر توقيفهم وطردهم من الحزب، حتى يخلو له المجال ليفعل ما شاء بالحزب وباسمه من أجل الإثراء غير المشروع.
وإذا كان مؤكدا أن هذا الزعيم يمارس النصب على الحزب والإدارة المحلية، فإنني أناشد هذه السلطات أن تقوم بتنبيهه بأن عليه ألا يراسلها في شأن قرارات الطرد التي يتخذها ضد المختلفين معه، لأنه تبين أن لجوءه إلى ما يسميه بـ"مراسلة عمال الأقاليم" هو مجرد تغطية على اعتداءاته المتكررة على المناضلين الشرفاء، حيث سبق له أن قام بذلك في حق مناضلين شرفاء في أقاليم الجديدة وطنجة وبركان. ونظرا لاستفحال هذه الظاهرة التي تخدم النزوات التحكمية للزعيم، فقد أصبح مطلوبا من سلطة الإدارة الترابية أن تضع حدا لعبث هذا الزعيم، الذي لا يتوقف عن خرق الدستور خدمة لنزعته التحكمية، التي تخرب كلا من الفضاء العمومي والحقل السياسي، الأمر الذي يتعارض مع الدستور روحا وشكلا، ويتناقض مع التوجهات المستقبلية للمغرب…