الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: تدبير عقلية "التقاشر"

إدريس المغلشي: تدبير عقلية "التقاشر" إدريس المغلشي
يبدو أننا مع السيد عبداللطيف وهبي سنتعب كثيرا في ملاحقته وقد حطم الرقم القياسي بتصريحاته المثيرة للجدل فاق كل التوقعات وزاد على أعضاء الحكومة كلها مجتمعة ب" الجبهة الخاوية والسنطيحة " بل ويتوازى مع الناطق الرسمي في العدد وقد يفوقه  لايفوت فرصة دون أن يسجل لحظة لفت انتباه بفضوله الأرعن وكأنه جاء خصيصا ليؤدي دورا فجا خارج مهمته كوزير لقد حشر أنفه في كل الإشكالات ليعطي الإنطباع لمن يعنيه الأمر أنه قادر على هذه المهمة ولم يحتفظ لنفسه بالمسافة المعقولة لرمزية منصبه كأمين عام أولا ولاكوزير ثانيا .
 
حيث لايخرج من تصريح مستفز إلا ليدخل في آخر أكثر منه استفزازا. ألم تلاحظوا معي أنه الوحيد في حكومتنا السعيدة الذي ضبط شاردا أكثر من مرة خارج اختصاصه كما شذ سابقه وزير الصحة القديم الجديد حيث نعث الرافضين للجواز المعلوم الذي انتقل بقدرة قادر من وضعية اختياري إلى إجباري بدون مقدمات  بالأقلية وهو يحاول أن يقارب منظومة صحية متخلفة بأدوات ديمقراطية فأساء لوضعه الإعتباري كوزير الصحة إذا تجاوزنا مرحلة تنحيته الأولى بعد إعادته في ظروف غامضة. لقد ظهر جليا أن  وطننا العزيز  يتشبت بالفشلة لوحدهم دون غيرهم فتتم ترقيتهم والتمسك بهم . فيما تسرح الكفاءات وتهان بالضرب والسحل أمام أبواب الإدارات.
 
من سوء حظنا في ظل حكومة 8 من شتنبر التي  ولدت مشوهة لأن بنيتها الجينية مسرطنة بعدة فيروسات لايمكن بالمرة ان تكون أصيلة بل لقيطة بدون رسم ولادة ديمقراطي مهما تعالت الأصوات والأرقام فكل المؤشرات تعاكس هذا الإدعاء ألم يزوروا عملية تصويت على المباشر في جلسة علنية ظهر جليا أن الحسبة فيها  والعد لم تكن دقيقة كما هي العادة فالأجهزة عندنا لاتجيد سوى النفخ في كل شيء الأرقام والمبالغ وغيرها من الوضعيات. ولعل من الأسباب الرئيسية لهذه الوضعية النشاز أن ظهورها صاحبته عدة زلات لايمكن أن ينكرها إلا جاحد. كل الترتيبات التي رافقتها أخفقت أخلاقيا وسياسيا من الترحال الفجائي المبني على " الله يجعل الغفلة بين البايع والشاري " والذي يأتي في آخر لحظة مرورا بمقتل بلفقيه اللغز وما صاحبه من وعود تبخرت بعد ظهور الفضيحة وصولا إلى تصريحات عنترية اعقبتها هرولة وارتماء في أحضان خصم كنا ننعثه الى عهد قريب بالخصم اللذوذ الذي  يستحيل  التنسيق معه. كل هذه الأجواء التي تشبه لحد بعيد تدبيرا مافيوزيا كما تفعل العصابات. لايمكن أن يتولد عنه الرخاء والنماء.
 
فاشتعلت الساحة احتجاجات من جواز القهر ومصادرة حرية الناس في التنقل إلى غلاء الأسعار التي ألهبت جيوب الغلابا ثم تسقيف مجحف في أعمار التوظيف ليكون مصير الباقي الضياع بلا منهجية رصينة ولا بديل موضوعي قرارات فجائية عاصفة بكل أحلام المغاربة. 

ونحن ندقق في خطاب المسؤول أثارثني طريقته اتجاه مخاطبه التي جاءت  بنوع  من الإستعلاء جسدها بوضوح إشارة يديه وأصبعه وهو يشير في اتجاهه. رافقها كلام مرسل كأنه رصاصات تصفية غريم. وكأننا في العهد البائد وما على الرعاع إلا الطاعة والإنصياع وهي طريقة مرفوضة ومدانة. الوزيروهو يستدعي من معجمه الجديد الذي سيشكل بلاشك محطة منحطة في لغة الخطاب " التقاشر" ليعطي المثال أن وظيفته تحيط بكل المعلومات الصغيرة منها والكبيرة التي تهم الدولة اتجاه المواطن نتساءل هل أصبح  وزيرا لأم الوزارات بدل من الداخلية؟ 

 تداخل لاشك سيرخي بظلاله على المشهد السياسي فيما يتعلق بالإختصاصات وهو في نفس الوقت إدانة تترتب عليه جزاءات فيما يتعلق بالمسؤوليات. تصريح لايمكن وصفه إلا بالوضيع تتبناه عقلية متخلفة لن تشغلنا عن الأهم و الأساسي أن عديمي الأهلية والكفاءة هؤلاء التفاهات لن يقدموا جديدا يذكر عن سابقيهم . فيصدق عليهم المثل الجاهلي "مالي اسمع جعجعة ولا أرى طحنا "قدرنا أن نعيش دوامة العبث والضياع.
فمن يوقف النزيف؟