الخميس 28 مارس 2024
سياسة

20 دجنبر: الامتحان الكبير للقضاء بأبواب المحاكم

20 دجنبر: الامتحان الكبير للقضاء بأبواب المحاكم عبد اللطيف وهبي (يمينا) ومحمد الشمسي (يسارا)
بحسب رسالة وهبي المؤرخة في 10 دجنبر فإن القضاء المغربي سيكون يوم العشرين من ذات الشهر في الامتحان الكبير ، امتحان الالتزام بالقانون ولا شيء غير القانون، أو الانحياز لمضمون رسالة وهبي التي اعتادت الأحكام القضائية أن تصف مثلها بأنها "هي والعدم سواء"، ففي العشرين من الشهر الحالي ستدخل "مشيئة وهبي" حيز التطبيق، بحيث سيمنع على القضاة والمحامين وموظفي كتابات الضبط وعموم المتقاضين ولوج المحاكم ما لم يكونوا حاملين لجواز صحي بصلاحية جارية.

 ترى كيف "أمر" وهبي وكيف أعد العدة لتنزيل مضامين رسالته وهو الذي تحدث عن نفسه أنه وزير العدل والأمن والمحاكم ؟ هل ستُقام السدود والبارجات والمعابر يُستنفر فيها رجال الأمن والسيكيريتي والمخازنية لتوقيف القضاة والمحامين والموظفين والمتقاضين بمداخل المحاكم قصد فرز الملقح من غير الملقح؟ وأليس في الأمر خروج عن التراتبية وانعطاف عن القانون والمنطق حين يفتش بوليسي أيا كانت رتبته رؤساءه في النيابة العامة من وكلاء عامين للملك ووكلاء الملك ونوابهم ، أو يفتش سيكيريتي قضاة ومحامين وموظفين؟ وكم يلزم من الوقت لتخطي عقبة الباراج والوصول الى القاعة او مكان العمل؟ أو شعبة قضاء الحاجة؟ وكيف؟ وماذا لو؟ ومن يفتش....؟ وهل..؟ ...

فإذا كان وهبي قد ركب عناده وشخبط رسالته التي لا ترقى إلى درجة القاعدة القانونية، فإنه على القضاء أن يكون في الموعد مع التاريخ ومع القانون، لأنه كما يقول المثل"إلا كان الداوي حمق يكون المستمع بعقلو"، لأن مهمة وزير العدل هي بناء المحاكم وتجهيزها وهو رئيس لموظفي كتابة ضبطها، فإن مهمته تقف خارج قاعات الجلسات وبعيدا عن أحكام وأوامر وقرارات السادة القضاة، وعليه يفرض القانون والدستور على المسؤولين القضائيين من رؤساء أولين ووكلاء عامين للملك، ورؤساء محاكم ووكلاء الملك بها أن يتأهبوا يوم 20 دجنبر لضمان سير الحياة في المحاكم، متصدين لكل منع يحول دون جعل المحاكم مؤسسات مفتوحة في وجه العاملين فيها ومرتفقيها، لإنتاج العدالة، فلا فرق بين استعجال لدخول محكمة لإحقاق حق ودخول مستشفى لطلب علاج، لأنه لا قيمة للصحة دون عدالة ولا سمو لأي حق على الحق في العدالة، ويكون للقضاة يومها كل الحق في إصدار أوامر فورية عاجلة لرفع كل منع من الدخول للمحاكم مع ترتيب غرامات تهديدية في حق المانعين، استادا الى روح القانون والدستور، خاصة وأن هناك ملفات ودعاوى كتابية وأخرى جنائية يكون فيها حضور المحامين إجباريا بقوة القانون، وستضطر الهيآت القضائية إلى تأخير ملفات إلى آجال غير مسماة بما يمس أصول المحاكمة العادلة ويراكم القضايا بعضها فوق بعض، وهي المتراكمة بما فيه الكفاية، كما أن تحقيق العدالة يستوجب في بعض الملفات استدعاء شهود باستدعاءات تأمرهم بالمثول أمام مجالس القضاء دون شرط الجواز، و دون إغفال حق أطراف الخصومة في المثول أمام القضاء كل يدافع عن مصالحه، وإن كل تصد أو اعتراض على دخول هؤلاء للمحاكم وحضور الجلسات في غياب النص القانوني المبيح لذلك قد يرقى الى درجة الجريمة. 

من المتوقع أن تضرم رسالة وهبي النيران في مداخل المحاكم يوم 20 دجنبر2021، لأنها ليست من صلب القانون في شيء، مثلما لم تكن محل إيجاب وقبول مع القطاعات المعنية، ثم إن توقيع الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ومعه رئيس النيابة العامة على تلك الرسالة لن يمنحها الروح والوجود والشرعية، فالمؤسستان المعنيتان أكبر من أن تُقحمان في ما يمس باستقلاليتهما وحيادهما ونصرتهما للقانون النافذ.
لقد جرى استثناء قطاع التعليم بكل مستوياته من بدعة ذلك الجواز، مثلما جرى استثناء ولوج المستشفيات منه، أفليس استثناء ولوج المحاكم أولى مادام باب الاستثناء مشرعا؟ وما الجدوى من إقرار ذلك الجواز في المحاكم والحال أن وسائل النقل والمقاهي والأسواق تعج بالناس مزدحمين ملقحين وغير ملقحين؟ ...

نقول هذا للتاريخ، فهو شاهد لا يفلت صغيرة ولا كبيرة، وسيزول الوباء يوما لكن ستخلد بعض الإجراءات المغالية التي فعلت في القانون والدستور ما يفعله الفيروس في الأبدان، اجراءات تخاطب الناس بلسان متسلط مستبد لتقول لهم "من مصلحتكم أن أقمعكم"  فاللهم إنا لا نسألك رد القضاء لكن نسألك اللطف في تبعاته.