Saturday 16 August 2025
منبر أنفاس

حسام عبد الحسين: بالسلاح والسيادة.. تركيا تحول الماء إلى سلعة

 
 
حسام عبد الحسين: بالسلاح والسيادة.. تركيا تحول الماء إلى سلعة حسام عبد الحسين
العراق يعتمد على نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا بنسبة كبيرة من مواردها المائية، وتركيا تنفذ مشاريع كهرومائية وري مثل سد إليسو، مما يؤثر على تدفق المياه. وأن التغير المناخي الذي تسبب بانخفاض 30% في تدفق الفرات خلال عقدين، وسوء إدارة المياه في العراق وسياسات الري غير المستدامة تفاقم الأزمة.
 
هنا يستغل النظام الرأسمالي الأزمة ويحول المورد العام إلى سلعة، كما تحول تركيا المياه إلى سلعة عن طريق نهري دجلة والفرات تستخدمهم كوسيلة لتعظيم أرباح الشركات التركية (مثل شركات البناء والطاقة المسيطرة على مشاريع السدود). ولفتح أسواقا لاستثمارات تركيا في قطاعات تحلية المياه والري، مما يدر أرباحا طبقية، حيث تستفيد شركات مثل "لِمَاك" و"إنكا" الإنشائية من مشاريع السدود، مثل مشاريع تحلية المياه في البصرة.
 
ورغم ذلك تركيا لا تستطيع تنفيذ ذلك الا عبر أفراد داخل العملية السياسية الحاكمة في العراق تتعاون مع الرأسمال التركي عبر صفقات استثمارية مُربحة، بينما يدفع ثمن الأزمة من جوع الفلاحين والعمال وعموم المجتمع، بواسطة تدمير الزراعة العراقية (مصدر عيش 30% من السكان). وتسمح أيضا بالتجاوز على السيادة بإنشاء قواعد عسكرية داخل الأراضي العراقية لحماية هذا الاستثمار. وبشكل مشابه استغلال إسرائيل لمياه الجولان والضفة الغربية.
 
إن الاستثمارات التركية في العراق تتجاوز ما يقارب 20 مليار دولار في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتجارة، ومن الإطار القانوني لا توجد معاهدة شاملة لإدارة المياه بين العراق وتركيا، رغم اتفاقيات أولية مثل بروتوكول 2009، والقانون الدولي (اتفاقية الأمم المتحدة 1997) ينص على "الاستخدام المنصف والمعقول" للموارد المشتركة حيث أن تركيا لم توقع على هذه الاتفاقية مما يعطيها حجة للتهرب من الالتزامات.
 
لذا هذه الأزمة ليست نزاعا دوليا بل حلقة من حلقات تراكم رأس المال عبر الاختلاس، حيث تُسرق موارد الشعوب لصالح برجوازية حاكمة محلية وعالمية. والحلول الإصلاحية (مثل المفاوضات) عقيمة لأنها لا تقطع جذور النظام الرأسمالي المُنتج للأزمات.
 
بينما الحل الجذري يتطلب مواجهة هذا المشروع الذي حول الماء إلى سلعة تخدم جيوب الطبقات الحاكمة عبر تحالف عمالي- فلاحي عراقي- تركي- سوري، يرفع شعار: “الماء ملك للجميع، لا سلعة للإمبريالية”، أو وجود دولة حقيقية تنتزع حق مواطنيها للمياه (وهذا غير متوفر).