الخميس 25 إبريل 2024
فن وثقافة

في مرسمه بساحل "اَلْكَّابْ".. الفنان حسن الزرهوني يصارع الزمن من أجل المستقبل

في مرسمه بساحل "اَلْكَّابْ".. الفنان حسن الزرهوني يصارع الزمن من أجل المستقبل حسن الزرهوني مع آخر عمله التشكيلي

كلما اشتد هول ضغط الزمن المتقلب بإكراهاته الضاغطة على الإنسان، إلا وفضل الفنان حسن الزرهوني بحسه وذوقه أن يفرغ شحنة الإنسان السلبية عبر أحاسيس أنامله الراقية ليجدد آمال الحلم الهارب من قبضة هذا الزمن اللعين، ولا يجد بديلا عن تأبط آلة الوتر والحنين إلى أحبال أوتارها التي تقطر بترياق النغم الجميل، ويختار أن يشنف مسامع وحدته وسط مرسمه ومحراب منجزاته "الصوفية" بأرقى تعابير العزف الموسيقي وانتقالاته بين مقامات الأمل والألم وإيقاعات الفرح والحزن الممزوجة بألوان قوس قزح.

حين تسأل الرجل عن السبب في اختياراته الفنية تقرأ في ابتسامته المعبرة، ولمحات رموش عينيه اَلْكُحْلِيَتَيْنْ الناطقتين بالإشارات أنه يتقاسم مع الآخرين رفض المألوف في رتابة الحياة لذلك تستنتج أنه قد يجيبك همسا أو عزفا وعبر ريشة جمال الألوان بالقول: "قد نعتاد على الحزن والغدر وتقلبات الزمن، حتى يصبح الألم جزءًا منا، ونصير جزءًا منه، وقد تعتاد عين الإنسان على بعض الألوان ويفقد القدرة على أن يرى غيرها...".

وبحواسه المدركة للجمال في أبهى صوره يعبر بأرقى وظيفة الفنان ليؤكد لك قائلا بملامحه التي لا تخطئ: "لَوْ أن الإنسان حاول أن يرى ما حوله لإكتشف أن اللون الأسود جميل، ولكن اللون الأبيض أجمل منه".

فعلا يجمع رواد الفنون الجميلة بأن "لون السماء الرمادي في فصل الشتاء يحرك المشاعر والخيال ولكن لون البحر ولون السماء أصفى في زرقتيهما خلال فصلي الربيع والصيف، لذلك وجب على الإنسان أن يبحث عن الصفاء ولو كان لحظة عابرة ويبحث عن الوفاء والإلتزام ولو كان مُتْعِبًا وشَاقًّا، ويتمسك بخيوط شمس الحق الساطعة حتى ولو كانت بعيدة في كبد السماء...".

في آخر منجز له بمحراب مرسمه الفني بساحل "اَلْكَابْ" قبل أسبوع انتهى من رسم لوحة جد معبرة ومليئة بالرسائل، حيث اختار حسن الزرهوني موضوعه الآني والمستقبلي ليترجم على قماشها مشاعر الصراع مع الزمن بماضيه المشرق، ويخط بفرشاته أجمل إبداع يوثق لصيرورة الحياة اللامتناهية هنا والآن ومستقبلا.

يقول لجريدة "انفاس بريس" بأن "نطرته الخاصة لموضوع هذه اللوحة نظرة فنية وفلسفية في نفس الوقت، فالبطل/الرجل الذي يعتلي صهوة قارب النجاة، استعملته كرمز ببنيته الفيزيولوجية التي تتمتع بالقوة الجسمانية مثل مصارع إغريقي، وهو في الحقيقة تعبير عن غلظة الزمن القاهر للإنسانية".

في هذا السياق وظف الفنان حسن الزرهوني متن عيطي من عيطة خربوشة الذي يقول "اَلزْمَانْ يْلُوحْ أَهْيَا وِينْ أَهْيَا وِينْ، اَلْكَافْرَةْ عَمَّالَةْ مَا يْكُونْ بَاسْ أَسِيدِي". على اعتبار أن الزمن الغدار يرمي بالإنسان إلى براثن الضياع" ليطرح سؤاله العميق: " كم من واحد قهره هذا الزمن ورمى به نحو المجهول؟".

ويصر في حديثه لـ " أنفاس بريس" على أن "الزمن دائما يقهر الإنسان، ويغلبه في حياته، ويظل الزمن يتابع نجاحات وفشل الإنسان وصراعاته القائمة على القوة والضعف، وفي آخر المطاف يشيخ الإنسان ويموت وينتهي مصيره بموته، ويظل الزمن واقفا شامخا في وجه الحياة التي تستمر بتجديد الولادة".

داخل إطار اللوحة الجميلة نستشف بأن الفنان حسن الزرهوني قد أقام بريشته الذكية علاقة أبدية بين الإنسان/ العجوز الذي يصارع الأمواج العاتية وبين الزمن ببنيته الجسمانية القوية ويده تمتد نحو العجوز الذي يمثل داخل اللوحة موضوع الموروث الثقافي وتراث الإنسانية لانتشاله من الضياع الغرق/ الموت، والمحافظة عليه وتحصينه وتثمينه، كمنطلق وركيزة نحو المستقبل الذي يمثله الطفل الرضيع العالق باليد اليسرى، أما المرأة بالنسبة للفنان المبدع الزرهوني فترمز إلى الأرض/ الحاضر.

إن التركيز في اللوحة الفنية على الماضي بحمولة الموروث الثقافي وتراث الإنسانية كونيا يمثل عمق الموضوع الذي يحتاج للحماية والتحصين، بحكم أنه هو القاعدة الأساسية لاستحضار الماضي وفهم الحاضر والتوجه بيقظة نحو المستقبل.

لذلك فإن ضيف الجريدة يؤكد على أن عمله الأخير يمتاز بطابع فني و فلسفي عميق لخص فيه ثلاثة شخصيات حاملة لتاريخ صراع الإنسانية مع الزمن وجدلية الموت والحياة في الماضي والحاضر والمستقبل.

ملاحظة : سيعمل الفنان حسن الزرهوني على تحويل عمله الفني إلى لوحة كبيرة بحجم (3 أمتار على 3) ووضعها بمنطقة الكاب ليساهم بها في تجويد ذوق المتلقي وإشراكه في البحث عن المعنى .