الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الالاه حبيبي: حتى لا يتكرر سيناريو 8 شتنبر بتلك التراجيديا الكابوسية...

عبد الالاه حبيبي: حتى لا يتكرر سيناريو 8 شتنبر بتلك التراجيديا الكابوسية... عبد الالاه حبيبي
كل الأحزاب منذ الآن وصاعدا مرشحة لتنال حقها من العقاب الفظيع والتأديب الشديد، لقد استرجع المغربي بوصلة السياسة، واستعاد وعي المواطنة بعدما حشرته الإيديولوجية اللاهوتية لسنين طويلة في عماء الخلط بين السياسة والدين، وبين التصويت ضد البرامج والتصويت ضد العقيدة، لقد اكتسب مناعة ضد الخوف وجرأة على اقتحام العقبات، والنيل من كل من سولت له نفسه اللاهثة وراء المال والمناصب التلاعب بمصيره وبوعوده...
اليوم نال إخوان ابن كيران صعقة رهيبة لن تمحى أبدا من سجل تاريخ الاستحقاقات في المغرب، او قل في  العالم، بين شرود الاستمتاع بالكراسي الوثيرة  وصحوة ضمير التاريخ أصبح الحزب القوي والنافذ نكرة، نسيا منسيا... لعله أيضا القدر الذي فعل فعلته لأن جزاء من تسول المناصب بقدسية العقيدة أن يلقى في على وجهه في مستنقع الإهانات مذموما مدحورا...
لا شك أن المغاربة يعرفون من يحدثهم بجد، ومن يتلاعب بطموحاتهم، ويلهو بأحلامهم، لقد بلغوا الرشد السياسي، لم تعد الخطابات المنمقة تستهويهم، ولا الشرعيات التاريخية أو غيرها تستميلهم، بل ما يبحثون عنه هو كيف يواجهون تكاليف الحياة ومصاريف تمدرس الأبناء التي حولها حزب المصباح إلى جهنم يصلاها الفقراء و المعدمين، حيث قال ذات مرة السيد الوزير المغضوب عليه، وزير التعليم العالي آنذاك في أول حكومة بن كيران، الشخص المنبوذ كصوت وصورة  أن التعليم أصبح بالفلوس، ومن أراد تعليم أبنائه فعليه أن يحك جيبه... هذا هو الخيار الإسلامي الذي بشر به أصحاب الوزير ومعهم رهط كثير من المطبّلين والمسمّعين والمدّاحين وأشباه المحسنين، وبائعي الصكوك، وثلة من أصحاب النفوذ، وبعض السذج الصادقين... حيث سرعان ما فتحت الجامعات الخاصة أبواب جهنم الفقر في وجه أبناء المغاربة الذين بالكاد يواجهون فواتير الكراء والماء والكهرباء أما المرض فقد تركوا أمره لله...
أن تحسب نفسك في مأمن حينما تكون في وعاء السلطة فأنت خاطئ، أن تتجرأ على كسر عظام رجال التعليم لأنهم رفضوا أن تؤدى أجورهم من ميزانيات الأكاديميات في فصل يختلط فيه حساب الكراسي والطاولات برواتب المدرسين، فهذا قمة السفه، وبؤس السياسة، وفراغ الوعي من كل محتوى أخلاقي أو حتى إنساني لأن مهنة التعليم هي اشرف مهنة طورتها المجتمعات المتقدمة لترفع الناس من أسفل سافلين إلى مراتب الاحترام والوقار والقدرة على تغيير الذات والعالم وابتكار الحلول لمشاكل الصحة والعمل والفلاحة والملاحة والطيران والأمراض وغيرها من التحديات... أن تأتي أنت بحسك الساقط لتدوس على هذه المنجزات وتحول حقل التربية  والتعليم إلى مشاتل لإنتاج التائهين، والفاقدين لكل الكفايات والقدرات، لتحولهم بعد ذلك لخدم وحشم في معامل إنتاج الأتباع والمريدين الصامتين فهذا قمة الغباء ومنتهى الصفاقة والخرف...فحذار من تكرار نفس الأخطاء وترديد نفس العبارات ونسيان العقاب في الأزقة والصناديق والمنتديات... وللحديث بقية ...