الجمعة 19 إبريل 2024
منبر أنفاس

عبدالرزاق حمادشي: الوجه المظلم لرياضة الكاراتيه بالمغرب

عبدالرزاق حمادشي: الوجه المظلم لرياضة الكاراتيه بالمغرب عبدالرزاق حمادشي
في بلاد اسمها المغرب، تعزف الرياضة على وتر الفساد والإخفاقات المتوالية، اللهم إن كانت هناك فلتات هنا وهناك يحكمها منطق المصادفة أو بالدارجة المغربية "لالة زهرة." ولا تخرج رياضة الكاراتيه على هذا المنحى، فهذه الرياضة تعاني من اختلالات عدة وتجاوزات خطيرة، في مقدمتها غياب الحكامة في التدبير وضعف السياسة التقنية وغياب سياسة تنقيبية واضحة المعالم، وسيادة فلسفة تقديم الولاء والزبونية والمحسوبية وقضية "باك صاحبي."
سنحاول من خلال هذه المقالة تشريح واقع هذه الرياضة من أجل تلمس مكامن الخلل والمرض ومحاولة معالجتها من وجهة نظر شخصية.
تعاني رياضة الكاراتيه من معضلة المحسوبية، ففي إحدى البطولات المدرسية والتي اقيمت بجهة مراكش آسفي وانا كنت من الحاضرين لها كمشاهد، لاحظت كيف تم التحايل على القانون ومنح الرتبة الأولى لبطلة أباها حكم في ذات الرياضة، إذ عند وصولها إلى الدور النهائي في هذه التظاهرة في صنف التقنية (الكاطا) تقابلت مع بطلة أخرى تفوقها مهارة وقوة، إلا أن الحكام الذين أداروا اللقاء تحاشوا منح هذه الأخيرة المركز الأول خوفا من خسارة وفقدان صداقة زميلهم الحكم الوطني، ليتم منح البطلة التي قدمت أداء متناسقا الوصافة والتي قدمت أداء باهتا الزعامة وفق مقياس المحسوبية وهذا غيض من فيض فالواقع ينذر بألاف الأحداث المشابهة والتي راح ضحيتها المئات من الأبطال.
المرض الثاني الذي ينخر جسد هذه الرياضة، يتجسد في عملية التلاعب بأسعار اجتياز الأحزمة السوداء، وخاصة حزام الدرجة الأولى، إذ نسجل بأن جمعيات تضع تسعيرة تتراوح ما بين 2500 درهم و 1500 درهم، بينما المبلغ المتوافق عليه من طرف الجامعة الملكية المغربية للكاراتيه محدد في 1000 درهم، أليس هذا نصب مقنن وريع يحتاج إلى تدخل الجامعة للحد من تداعياته وانعكاساته السلبية على رياضة الكاراتيه المغربية.
المرض الثالث الذي يقوض هذه الرياضة، يتبلور في هزالة المنح التي تقدم للحكام بمختلف درجاتهم عند إدارتهم للمسابقات الجهوية والوطنية، إذ لا تتجاوز في أحسن الأحوال مبلغ 200 أو 400 درهم للحكم الواحد، فهل هذا المبلغ يغطي كلفة تنقل الحكم إلى مكان الحدث أم تغطي كلفة الأعباء التي سيتحملها الحكام؟
المرض الثالث، يتجلى في عملية التلاعب بالأوزان والفئات في البطولات الجهوية الخاصة بصنف التباري، حيث نسجل بأن هذه البطولات وبالخصوص البطولة الجهوية بمدينة مراكش تشهد عملية احتيال كبير، إذ يجري إقحام مواليد من فئات 1999 مع مواليد 2004 في وزن أقل من 45 كلغ مثلا وقس على ذلك.
ليبقى السؤال هنا مطروح ما دور المراقب العام للتظاهرة وهل هو موجود أصلا؟
كما نسجل بأن هذه التظاهرات على مستوى الجدولة الزمنية ما تزال تعاني من الهشاشة، ففي الغالب لا يتم تحديد توقيت مباريات كل وزن على حدة، ويكون البطل في ظل هذا الوضع أمام إلزامية المكوث لساعات في القاعة ينتظر دوره وهذا فيه ضرر بالمشاركين بخاصة القادمين من مدن بعيدة.
المرض الرابع يتجسد في رغبة بعض المنتسبين للميدان في خلق انقسامات رياضية على المستوى الجهوي وأخص بذكر ها هنا اتحاد الجمعيات الرياضية الذي تم إحداثه من قبل أحد المدربين بمدينة مراكش والذي ضم في عضويته مجموعة من الجمعيات المتخصصة في رياضة الكاراتيه وهو اتحاد وضع بطريقة غير قانونية كان من أهدافه توحيد جهود هذه الجمعيات وهي معدودة على رؤوس الأصابع وكانت تبتغي تحصيل الربح المادي والدفاع عن مصالحها الذاتية بالدرجة الأولى هذا الوضع لم يرق لأندية كثيرة فراحت تطالب بتجميد نشاط هذا الاتحاد او السماح لها هي الأخرى بإحداث اتحادات رياضية مماثلة، وأمام هذه الوضعية قامت الجامعة والعصبة بإشعار الاتحاد بضرورة تجميد نشاطه كليا.
وبالفعل أزيل الاتحاد ولكن ظل يشتغل في الخفاء بصيغة أكاديمية تحمل اسم المدرب السالف الذكر، إن السماح بإحداث مثل هكذا اتحادات أو تكتلات رياضية سيجعل دور العصب الجهوية ثانوي وبالتالي ستصبح مؤسسات فارغة من محتواها.
إن هذه الأمراض وغيرها والتي تنخر جسد رياضة الكاراتيه المغربية، لهي دليل قاطع على سوء التدبير الذي يغلف المشهد الرياضي المغربي، ويفوت عليه العديد من المواهب، فكثيرة هي المواهب التي سطع نجمها في هذه الرياضة ولم تلقى العناية اللازمة فقررت الانسحاب من البساط في صمت أو بعد إحداث دوي سرعان ما يجري إخماد نيرانه من قبل الجامعة الوصية البداية كانت مع رضوان كسكسو والذي طالب بمستحقاته المالية المترتبة عن مشاركاته الخارجية رفقة المنتخب الوطني ولكنه لم يجد آذان صاغية فقرر المغادرة.
نفس الأمر حصل مع أشرف أوشن وياسين السكوري، فهذا الأخير حقق ميدالية أولمبية وميدالية في بطولة العالم والمكافئة التي تلقاها من الجامعة الوصية لا تكفي لتغطية معسكراته الخارجية حتى كان مبلغ المكافئة 6000درهم وهو مبلغ هزيل إذا ما قورن بحجم الإنجازات التي حققها البطل ياسين السكوري خلال المدة التي قضاها داخل الفريق الوطني.
فإلى متى سيظل هذا التهميش يطارد الأبطال المغاربة الموهوبين؟ ألم يحن الوقت لإعادة الاعتبار للكارتيكا المغاربة وتحسين وضعيتهم المادية من أجل تأهيلهم لتحقيق نتائج إيجابية في المستقبل القريب؟ إلى متى سيظل جسد الكاراتيه المغربي معتل بهذه الأمراض الخطيرة؟
 
عبدالرزاق حمادشي، طالب باحث في سلك الماستر تخصص القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية وباحث في الشأن الرياضي