الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الرحمان العمراني: عداء النظام الجزائري للمغرب..عقدة أم عقيدة؟ !!

عبد الرحمان العمراني: عداء النظام الجزائري للمغرب..عقدة أم عقيدة؟ !! عبد الرحمان العمراني
غريب أمر كل هذا المنسوب من العداء للمغرب من طرف النظام الجزائري.
والاغرب منه بالنسبة للمتتبع هو استمراريته على نفس الحال والوتيرة عقودا طويلة منذ منتصف الستينيات، بغض النظر عن التحولات والظرفيات الدولية والمتغيرات الايديولوجية والاقتصادية والسياسية.
شيء باتولوجي يتعين على الباحثين والدارسين في المنطقة المغاربية استجلاء حقيقته ومرتكزاته.
وجيلنا شاهد على هذه الاستمرارية الغريبة.
- خلال السبعينيات قدم النظام الجزائري نفسه كإحدى زعامات العالم الثالث، مسنودا بفوائد مالية صنعتها سيولات الغاز المتدفقة. خلال هذه المرحلة كان عداء النظام العسكري للمغرب مستحكما لا يحتاج الى دليل لإبرازه.
انتهت المرحلة وانتقل مركز الثقل في العالم الثالث وتحولت المطالب والايديولوجيات لكن عداء النظام الجزائري للمغرب ظل على نفس الوتيرة والمنسوب .
- تقمص النظام الجزائري على الصعيد الاقتصادي مقولات التصنيع الثقيل على النمط السوفياتي القادم واعتبر أن ذلك يعطيه قوة الدفع ومواقع قدم في إفريقيا مزهوا بالموارد وبعض التحالفات الظرفية.
خلال هذه المرحلة كان العداء للمغرب.
تغيرت النظريات الاقتصادية وفشل النموذج الجزائري، نموذج substitution d importation ووجد الجزائريون أنفسهم أمام أكوام الحديد المهترئة في الأفران الكبيرة وحوانيت تنقص فيها كل الضروريات. وبقي العداء للمغرب هو هو لم يتغير ولم ينقص.
في أوج الحرب الباردة قدم النظام الجزائري نفسه في صف منظومة الشرق المواجهة للغرب وصدق العديد الحكاية وجعل النظام الجزائري من هذا الارتباط المعلن أصلا تجاريا يروج به ومن خلاله مساومات وترتيبات أحيانا بتعال وثقة زائدة .
خلال هذه المرحلة كان العداء للمغرب مستحكما.
انتهت الحرب الباردة وعاد كل قطر الى مربعه وتفرق السوق (كما نقول في لهجتنا المغربية)، واندلعت ثورات الربيع الشرق أوروبي ولم يعد للأصل التجاري اياه اية قيمة أو سومة. لكن عداء النظام الجزائري بقي على حاله او زاد.
جاءت اتفاقية مراكش وتوطد لدى الشعوب المغاربية حلم كبير لطالما سقاه الوطنيون الأوائل في الخمسينيات والستينيات بدمائهم وأرواحهم، وما هي إلا شهور حتى بدا النظام الجزائري يستعيد أنفاسه العدائية من جديد تجاه المغرب واضعا بموقفه من قضية الصحراء المغربية العراقيل والحواجز أمام كل إمكانية لتسريع وتيرة الاندماج المغاربي لصالح شعوب المنطقة؟
عرفت الجزائر وضعا مأساويا خلال التسعينيات كاد يقترب بها من الحرب الاهلية. وفي مثل هذه الحالة يمكننا أن نتصور أن انشغال النظام الجزائري بمشكلته الداخلية يجب أن يكون أقوى من أي انسياق الى العداء لبلد جار. لكن وحتى في ظل هذا الوضع المأزوم والمتفجر بقي النظام على عاداته العدائية للمغرب يصرفها في كل المحافل الدولية.
ولن أنس بالمناسبة خطاب بوتفليقة في قصر نادي الصنوبر بالجزائر العاصمة بمناسبة انعقاد مؤتمر البرلمان العربي حيث كنت حاضرا ضمن الوفد المغربي، تحدث بنوع من اللهجة العدائية المكشوفة حيال المغرب متهما اياه بالتشفي في الجزائر !!!!!
ثم كانت تلك الفترة الغريبة فترة بوتفليقة يدفع على كرسي متحرك ووقف العالم على منظر رئيس لم يروا نظيرا له من حيث الحالة الصحية حتى مع الرؤساء الروس من أمثال تشيرنينكو وأندروبوف. وبدا واضحا من تداعيات الأحداث أن النظام الجزائري أبقى على رجل يقترب من نهايته لغاية ايجاد بديل له تكون أول شروطه أن يكون شديد العداء للمغرب .
ثم جاءت انتفاضة الشعب الجزائري الشقيق وشبابه، وبرز بوضوح مطلب إجراء إصلاحات عميقة في بنية النظام، شباب لم يعد ينطلي عليه خطاب المؤامرة التي يروج لها النظام الجزائري. ومرة أخرى عوض الانشغال بالوضع الداخلى والاستجابة للمطالب والانتظارات راح النظام الجزائري يفتعل حروب كلمات ضد المغرب في صحفه ومنابره الاعلامية.
وإذن ماذا ؟
قلت في بداية هذه المقالة أن منسوب العداء تجاه المغرب غريب حقا وان الأغرب منه استمراريته في كل السياقات والظرفيات والوضعيات .!!
هل من تفسير؟
واكتفي بطرح هذا السؤال: أيتعلق الأمر بعقيدة أم عقدة ؟ وإذا كانت عقيدة ترى ما هي عناصرها ومكوناتها. أما اذا كانت عقدة فكيف تشكلت عبر مراحل هيمنة النظام الجزائري على مقاليد الأمور في هذا البلد الجار ؟