الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

الشاعرة لطيفة المسكيني في "مدارات".. أقيم في منزل الشعر، وأعلن محبتي لابن عربي

الشاعرة لطيفة المسكيني في "مدارات".. أقيم في منزل الشعر، وأعلن محبتي لابن عربي الشاعرة لطيفة المسكيني والزميل عبد الإله التهاني

في حلقة برنامج "مدارات"، الذي يعده ويقدمه الزميل عبد الإله التهاني، ليلة الجمعة 13 غشت 2021، استضافت حلقة "حوار في الثقافة والمجتمع" الشاعرة والباحثة الأدبية لطيفة المسكيني، على اعتبار أنها من الأصوات المبدعة التي جعلت من الشعر اختيارها الإبداعي، وفيه سكبت ذوبان الوجدان وعصارة الروح، عبر دواوينها الشعرية الخمسة التي صدرت لها حتى الآن، موازاة مع  إسهاماتها النوعية في مجال الدراسات الأدبية، وأبحاثها العميقة في التراث الغني للتصوف وسِيَّرْ المتصوفة الكبار، ولاسيما رحلتها العلمية الطويلة في العالم الروحي لكبير الصوفية محيي الدين ابن عربي.

 

تحدثت الشاعرة والباحثة الأدبية لطيفة المسكيني، عن مسارها الأدبي  والفكري، وتجربتها في تحقيق عدد من المخطوطات المحفوظة بخزانة القرويين، وتقييمها للحركة الأدبية النسائية في المغرب، فضلا عن جوانب شخصية في تجربتها الإنسانية، وكذا عن المدن والأسفار والشخصيات التي شكلت مصدر إلهام إبداعي وروحي لها. وهي من الأصوات النسائية الوازنة في حركة الشعر المغربي المعاصر التي أنتجت في مسيرتها الإبداعية خمسة دواوين شعرية وهي: "اَلسِّفْرُ المنسي" و"قزحيات الصمت" و"حناجرها عمياء" و"فتنة غياب" و"دروس". في هذا السياق استحضر في تقديمه معد ومقدم البرنامج سيرة الشاعرة بصفتها حاصلة على دكتوراه الدولة سنة 2005، ومتوجة بجائزة الكتاب وجائزة الديوان الأول في منافسات الشعراء الشباب التي ينظمها بيت الشعر.

 

واعتبر الإعلامي التهاني في ورقته التقديمية أن الشاعرة لطيفة المسكيني تتميز بـ "مسيرة طيبة وعطرة. تغري بالعودة إلى المقروآت الأساسية في بادية مشوارها". لتجيب بالقول إنها "سعيدة بهذا اللقاء الذي تود أن تكون فيه عند حسن المحاور والمتلقي أيضا عبر أثير الإذاعة الوطنية من الرباط"؛ واعتبرت أن برنامج مدارات من "البرامج الهادفة والجادة والتي يديرها إعلاميون يشتغلون بكل رصانة من بينهم الزميل عبد الإله التهاني في حوار الثقافة والمجتمع".

 

وعن البدايات قالت: "كنت أكبر من سني. قرأت لجبران خليل جبران وكتب الحكة لطاغور، وكان النص القرآني ملهمي في ترقبي لعوالم اللغة وسؤالي عن المعنى". وأكدت أن الكتاب الأكبر الذي رافقها هو "النص القرآني...فيه البلاغة والمعاني ويجعل الشاعر يسبح في المقدس".

 

وأحالت الشاعرة ذاكرتها الطفولية على مشاهد وصور من داخل البيت، حيث قالت: "أخبركم بأن والدتي امرأة عصامية. كانت تكتب الزجل وهي منهمكة في أعمال المطبخ. وكنت لما أعود من المدرسة تطلب مني أن أحضر ورقة وقلما في حالات السقية الشعرية ترتجل نظما وأنا أدون كلام زجلها"، من هنا انتصب سؤالها وهي طفلة: "من أين لوالدتي بكل هذه المعاني؟".

 

وبخصوص العوالم الحالمة في قصائدها فقد اشتغلت الشاعرة لطيفة المسكيني على "قراءة المدارس المهجرية والشعر الجاهلي وتوسعت مداركي رويدا رويدا". حسب تعبيرها. وعن القصيدة الأولى التي أنتجتها باكرا قالت: "يصعب جدا أن أتذكر عناوينها، لكن عوالمها مازالت راسخة في الذهن (المتخيل الجبراني، المثالية..) عوالم تعطيك متسعا من الإبداع".

 

وأشادت الشاعرة ضيفة البرنامج بـ "ترحيب البرامج الثقافية بالإذاعة الوطنية في فترة الثمانينات بالقصائد الشعرية للشباب، كنت أرسل قصائدي للإذاعة وكانت تقرأ بصوت إعلاميين كبار من طينة الأستاذ عبد اللطيف بن يحيى". فضلا عن نشر قصائدها على صفحات عدة منابر وجرائد وطنية (المنعطف، البيان، رسالة الأمة، الاتحاد الاشتراكي، العلم) هكذا حصل إلى أن "رأيت في قصائدي شيئا من النضج". من خلال ما لقيته من ترحيب "أنا صاحبة قلم وفكرة خاصة".

 

وعن أسلوبها في الكتابة أوضحت بأن "أي كتابة تكون مصحوبة برؤية استشرافية، لذلك كان اعتكافها على قراءة "الكتب المقدسة (القرآن، التورات، الإنجيل، وعوالم الإيمان والعقيدة...)، حيث انتصب سؤالها الأول حول "الذات في حركيتها وعلاقتها السلسة والمعقدة..."، لتنتج باكورة ديوان "السفر المنسي". ولأنها مهووسة باللغة فقد "تحول هذا التفكير في أجواء روحية وفكرية بالأساس في علاقة باللغة" لتجدد السؤال المتعلق بـ "إلى أي مدى قد تنجح اللغة وتترجم عوالمي في علاقتها مع ذاتي الكونية وليس مع ذاتي الأنثوية؟"

 

وهي حديثة العهد "تدرجت بالاهتمام وانفتاحي على النص الصوفي (ظلال) بعلاقة خاصة، لأن النص الصوف فيه عوالم مختلفة على مستوى آليات الكتابة"، وأكدت على أن مشروعها انطلق من بعد خاص يرتبط بالإجابة عن سؤال: "إلى أي حد يمكن للعبارة أن تحتوي المعنى؟"، إن "اللغة هي ذاكرة العالم إذا شئنا بشكله الغيبي". لذلك كان انفتاحها على "اللغة وعلى الكون بخلق هذا التماس الشديدة المعاني".

 

وحسب قولها فإن "الأفكار تختمر في الفكر والروح، وتجربة انفتاحي نضجت منفتحة على الفكر والفلسفة والنص القرآني والتراث العربي والإسلامي". وأوضحت أن "ذاتها تتفاعل مع اللغة ومع الفكر". ولم يفت الشاعرة لطيفة المسكيني أن تؤكد كذلك على "انفتاحها على الأدب والثقافة الغربية" من خلال دواوينها المتتالية التي تميزت بـ "تكثيف خاص في تفاعلي كشاعرة وكذات لها حمولة... مع البعد المعرفي وما يطرحه من تصورات وأسئلة وجودية" رغم اختلاف تجاربها الشعرية السابقة من خلال الدواوين الخمسة .

 

وبألق الشاعرة المثقفة التي خلدت أسماء نسائية من خلال الكتابة قالت: "محاولة كتابة نصوص نساء لم يخلد التاريخ نصوصهن. مثل (قصة بلقيس مع النبي سليمان) بصفتها امرأة خلفت في نفس وروح رجل بقامة النبي سليمان/ الملك...لقد خلدت لنا شيئا مأثورا من روحها من فكرها. بالإضافة إلى (زليخة) الفقيهة والعالمة التي كان لها أثر عظيم على روح ابن عربي". فضلا عن استلهامها لقصص وصلتنا من النص القرآني "هو مشروع آخذ فيه وقتي وأكتب فيه بتأني، آخذ المسافة بي المنجز الشعري وآخر".

 

وعن تفسيرها البقاء في حلقة الشعر دون الاقتراب من جنس الرواية مثلا أشارت ضيف البرنامج إلى أن "الشعر يتضمن كل الأجناس الأدبية، واللغة هي اللغة، واشتغالنا على اللغة من حيز لآخر يختلف....أنتمي لحقل الشعر وأجد نفسي فيه". وأضافت قائلة: "لا أجد في نفسي هذه القدرة على الكتابة الروائية، أنا جئت إلى اللغة وإلى الشعر لأبقى فيه، واشتغالي أكثر مهووسة بالتراث القديم، وألجأ إلى تحقيق المخطوطات".

 

وعن سؤال الحركة النسائية على مستوى الكتابة أفادت بالقول: "أنها لا تؤمن بتوصيف الكتابة"، وأكدت على أن الحركة النسائية في العالم "حققت الكثير من الامتيازات عبر التاريخ، وعرفت بذات المرأة وفكر المرأة على مستوى الأدب". وشددت على أن الحركة النسائية "حققت الكثير على يد رائدات في زمن كانت فيه الفحولة للرجال في القول والأدب.. (ثريا السقاط ومليكة العاصمي وحكيمة الشاوي...)، وأعطت للقصيدة الكثير من الملامح التي تخلد للكتابة النسائية"، وخلصت بأنها "لا أعتقد بأن هناك نص رجالي ونص نسائي لأن الذات واحدة"... الشعر شعر سواء كان "شعر رجل أو شعر امرأة... هي نفس الكتابة لكنها بصوت نسائي".

 

وعن رحلتها العميقة وتجربتها مع شخصية المتصوف ابن عربي قالت "أجد نفسي في نقطة ضوء صغيرة في عوالم هذا الشيخ الكبير، هو شيخي الروحي، لقد أقمت في عوالمه ولم أبرحها إلى الآن، لأن الشيخ الكبير منحني الكثير في العالم الإنساني وعلاقته بالذات الإلهية... يصعب أن اختل الكلام عن الشيخ. والعلاقة توجت بقصيدة منحتني الكثير من التحليق وأجنحة التحليق".

 

في سياق متصل تحدثت ضيفة البرنامج عن المخطوطات التي قامت بتحقيقها (ابن مسرة الجبلي) الذي احرقت كتبه والذي عاش في قرطبة و(ابن محمد علي المستنير).."وقد ألهمتني فرصة الاشتغال بالقرويين واطلاعي على الكثير من المخطوطات واقترابي من عالمها دفعني للتحقيق في مخطوطات القرويين". اعتبر ذلك "فتحا مبينا وشرف لي كمغربية أن أقوم بنثر غبار النسيان على هذه المخطوطات (أقدم نسخ) كتراث يستحق تسليط الضوء عليه وإعطاء فرصة للطلبة للاشتغال عليه".

 

وأكدت الشاعرة لطيفة المسكيني بأن الشاعرة الأقرب من نفسها "هما شاعرتان. الأستاذة مليكة العاصمي التي أصفها بأنها مفرد بصيغة الجمع. الإنسانة المبدعة والشاعرة صاحبة المواقف السياسية، الأنيقة ذات الصدى الطيب. أقرأ لها، تجربتها فيها من الجنون الشعري والقوة ما يجعلني أراها الأقرب إلى نفسي". ثم الشاعرة الثانية وهي أمينة المريني التي أحترمها جدا بدماثة أخلاقها العالية وعوالمها الشعرية قريبة إلى حد ما...شاعرة لعا لغة عربية ضافية... قصيدتها تحقق الغنائية".

 

وبخصوص أقرب ديوان إلى وجدانها من دواوينها الخمسة قالت "الديوان الآتي دائما هو الأقرب إلى نفسي، استشرف فيه الكثير. العلاقة اربطها دائما بالمستقبل /القادم"، وشددت في جوابها عن سؤال نقد كتاباتها الشعرية بالقول: "كل من كتبوا عن تجربتي الشعرية كانوا مشكورين على ملامستهم للتجربة الشعرية التي مازالت في بدايتها وأحسست بأنهم يردون لي اعتباري (الأستاذ إدريس كثير وخالد بلقاسم وبوجمعة العوني وعبد السلام الموساوي..).

 

بالنسبة للمدن التي لها ارتباط قوي مع الشاعرة قالت: "فاس وبغداد كلاهما لي فيهما مشايخ، وعلاقة عن قرب مع مشايخ الصوفية. بين فاس وبغداد مدينة واحدة بوجه أندلسي ووجه مشرقي.. بغداد زرت مراقد متصوفة كبار"...