أفاد الأستاذ محمد الدرويش، وهو المختص في قضايا التربية والتكوين كما يرأس جمعية الخدمات الاجتماعية للتعليم العالي، موقع "أنفاس بريس" بمقتطف من الرسالة التي بعثها إلى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، محمد حصاد. تصدى من خلالها إلى ما يحاصر الأساتذة والتلاميذ على حد سواء من إكراهات تخص ملف التأمين الصحي والإسعافات الأولية. من منطلق غياب هذه الضروريات في مجريات الأداء المهني اليومي للمعنيين بالميدان، وما ؤثر به هذا الخصاص على مردودهم العام. لهذا أجمل الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي السابق المطالب العاجلة في عشر نقاط، بعد أن قدم تشريحا مفصلا للواقع وما يعتريه.
"إن واقع الحال يصدح بوقائع مؤلمة تسيء لمغرب القرن الواحد و العشرين و تناقض و تعاكس ما يريده جلالة الملك محمد السادس لأفراد آسرة التربية و التكوين، و الذي أشار إليه في كل خطبه السامية منذ 1999 إلى اليوم.
فتامين التلاميذ غالبا ما يكون مصير المصاب منهم الإهمال و التسويف و المماطلة و المراوغة في تطبيق مقتضيات العقد المبرم إن اطلع عليه الأب / الولي. و مؤسساتنا المدرسية و الجامعية لا تتوفر على مقومات الإسعاف الأولي و لا على اتفاقات مع مؤسسات الخدمات الصحية و لا وسائل نقل و إسعاف لمواجهة ما يصيب التلاميذ و الطلاب من تسممات غذائية تحصل هنا و هناك.
و طلابنا و تلاميذتنا في الأقسام التحضيرية و المؤسسات الجامعية يعانون في صمت في الداخليات و الأحياء الجامعية و المطاعم و النقل المدرسي و الجامعي و الحياة الثقافية و الرياضية و الترفيهية. و في المقابل نطالبهم بالتحصيل و الجودة و البحث العلمي.
و الأخطر من ذلك، أن أكثر من نصف طلاب التعليم العالي غير مؤمنين أصلا كما هو الحال بالنسبة لـ 90 في المائة من طلبة التعليم الجامعي ذات الإستقطاب المفتوح و لا يتوفرون على تأمين خاص بهم رغم ما قد يصيبهم جراء اشتغالهم في المختبرات و الرحلات الميدانية، و كذا الإصطدامات التي قد تقع هنا و هناك من مثل ما وقع بمراكش و فاس و القنيطرة و وجدة.
يجب أن نستحضر كذلك أن طلاب و تلاميذ و أساتذة و مخبريين وتقنيين في تخصصات العلوم و التكنولوجيا بكليات العلوم و المدارس العليا و الأقسام التحضيرية و الثانويات التاهيلية، يتعرضون يوميا لأخطار المختبرات ذات المواد الكيميائية و الفزيائية و البيولوجية بما تحتوي عليه من مواد خطيرة من مثل الأحماض و المواد السامة و الحارقة و المشعة و المسببة للسرطان، ناهيك عما يمكن أن يقع في بعض المختبرات من مخاطر الزجاج و الميكانيكا و الكهرباء و الغازات المضغوطة... و نسجل هنا أن مجموعة من مختبراتنا لا تتوفر على قواعد الأمن و السلامة ولا على أجهزة الوقاية و الحماية ولا على حقائب الإسعافات الأولية...
لقد عاشت مجموعة من مؤسساتنا التربوية عدة مآسي انتهت بإصابات بعض الطلاب و التلاميذ و الأساتذة و الإداريين بجروح و حروق وعاهات مستديمة بلغت في حالات قليلة إلى الموت.
فإن كانت بعض المؤسسات بدأت تشترط على طلاب الماستر و الدكتوراة أداء واجبات التأمين بصفة فردية، فإننا نسجل بألم و أسف عدم توفر الأستاذ و الموظف و المستخدم على تأمين عن حوادث الشغل.
بعد كل هذا نوجه إلى الحكومة الرسائل التالية على شكل أسئلة و اقتراحات متضمنة لمطالب استعجاليه حتى لا تقع كارثة، و نتجنب نتائج المخاطر و الحوادث.
1/ فتح ورش التأمين في القطاعين العام و الخاص مع مراجعة الترسانة القانونية المنظمة له لتجاوز الثغرات المسجلة في الوضعيات الحالية، و بما يلائم العصر مع تبسيط المساطر و الإجراءات المصاحبة لعمليات التامين و حماية المؤمنين.
2/ تعميم التامين على حوادث الشغل و إجباريته على كل مكونات ثلاثي المنظومة التلاميذ و الطلاب / و الأساتذة و المتعاقدون / و الإداريون و المستخدمون مع ضرورة ضمان التعويض عن الأخطار ( prime de risque ).
3/ تسليم كل مؤمن / الأب أو الولي/ أو الطالب أو الأستاذ أو الإداري نسخة من وصل التامين و عقده.
4/ توفير متطلبات الإسعافات الأولية في كل المؤسسات من أدوية و أطر طبية مع ضرورة توفر كل جامعة على ممرض قار و طبيب زائر أسبوعيا.
5/ تأمين المؤسسات التربوية و الإدارية في المناطق الجبلية والوعرة ضد البرد و العواصف و الأخطار المرتبطة بالمناطق الموجودة بها.
6/ اشتراط المكتتب على المؤمن تخصيص نسب مائوية سنويا لدعم الحياة المدرسية و الجامعية، و إصلاح مؤسسات بعض المناطق تحتسب بالنظر إلى عدد الحوادث المدرسية و الجامعية.
7/ الإسراع بتطبيق مقتضيات الجهوية و اللامركزية و تمركز في موضوع تدبير عمليات التأمين، و ذلك بتكليف كل أكاديمية و جامعة بالموضوع.
8/ فتح تحقيق دقيق في كل عمليات استخلاص رسوم التسجيل و التي تقدر ب (150.00 مضروبة في 8.000.000 تلميذ و طالب بمبلغ ( 1.200.000000 ) بمختلف أنواعها في المؤسسات المدرسية و الجامعية، و تعميق البحث في المبالغ المالية المستوفاة و طرق صرفها و تدبير مدخراتها...
9/ البحث المعمق في مصير مشروع التغطية الصحية لـ 250000 طالبا الذي طبلت له كثيرا الحكومة السابقة و لم تتمكن خلال 3 سنوات من تجاوز 22000 طالبا؟.
10/ فتح ملفات التنظيمات الموازية تدبيرا و تسييرا و مالية و انتظامية.
و نحن نثير هاته الملفات المؤرقة، فإننا لا نتهم أحدا، و لكننا نعلن عبر ذلك انخراطنا اللامشروط في محاربة الفساد و المفسدين و الذين تسللوا إلى جسم أسرة التربية و التكوين و تبذير الإمكانات و الطاقات. إذ لا يمكن أن يتقدم مجتمعنا و يتطور و يبلغ مصاف الدول المتقدمة إلا بالاهتمام و العناية بأسرة ثلاثي المنظومة. و من ثم وجب إيقاف كل هدر للطاقات و الموارد المادية و المالية. إذ ليس لنا عجز في مالية التربية و التكوين، بل العجز كل العجز في حكامة و شفافية تدبيرها. و لنا أمثلة كثيرة على ذلك. إننا بدعوتنا هاته نريد أن يقع التمييز و الفصل بين من يخدم وطنه و من يخدم نفسه ويخذل وطنه. و هم قلة عددا لكن أفاعيلهم تسيء لنا جميعا".