Saturday 12 July 2025
مجتمع

عبد الوهاب تدموري: هذا رأيي في الإضراب عن الطعام وفي طريقة تفكيرنا في حراك الريف

عبد الوهاب تدموري: هذا رأيي في الإضراب عن الطعام وفي طريقة تفكيرنا في حراك الريف

هل كان لابد من خوض إضراب مفتوح عن الطعام؟

هل كان القمع والاعتقالات والتعذيب والمحاكمات الصورية مفاجأة لنا أو بالأحري لقادة ونشطاء الحراك؟

هل كان الحراك بالشكل الذي سار عليه فعلا عملية مفكر فيها تحتكم إلي منطق الممكن في علم السياسة، وما تقتضيه موازين القوي من تدبير عقلاني يميز بين ما هو مرحلي، وما هو استراتيجي في عملية الصراع السياسي الطويلة مع أعتى الانظمة السياسية شمولية وفسادا؟

وبالتالي التمييز بين ما يمكن تحقيقه من مطالب اقتصادية واجتماعية عبر آلياته المعهودة، حتى وإن كانت بسيطة ومؤسسات مفلسة، لكنها تمثل الدولة والعمل علي خلق تراكمات كمية ونوعية والحفاظ علي شبابنا ونشطاءنا الميدانيين في أفق إنضاج الشروط الموضوعية والذاتية محليا وجهويا ووطنيا لتحقيق مطالبنا العامة المتمثلة في الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية .

أم أننا ركبنا انفعالاتنا وعواطفنا إزاء ما شاهدناه من استجابة جماهيرية واسعة لها في التاريخ والاقتصاد والسياسة ما يبررها، واشتغلنا من حيث لا نحتسب بالمنهجية الأمريكية القاضية بسحب الثقة من كل ما هو منظم، واعتماد الفوضى الخلاقة كآلية للتغيير، والتي سبق أن أتقنت إخراجها في بعض الدول مصر نموذجا، لكن دون أن تغير في الأمر شيئا .

هل يمكن أن نعتبر أن معركة الأمعاء الفارغة للمعتقلين تستطيع أن تحقق ما لم يستطع الحراك تحقيقه في عز عنفوانه وقوته؟ أم فقط حركة، ورغم نبلها وما تتضمنه من تضحية بالحياة كأقدس الحقوق، فهي تندرج ضمن نفس المقاربة الانفعالية التي نهجناها طوال مرحلة الحراك الشعبي. ولا يمكن أن نبررها فقط، وأؤكد علي فقط بالاحساس بالإذلال والإهانة من طرف نظام سياسي لم نلمس فيه غير هذا لعقود من الزمن، وإلا سنكون كمن يتفاجأ بطبيعة الدولة المخزنية ومقاربتها المذلة دوما وأبدا للشعب ولكرامته الإنسانية، كما تفاجأنا بالاعتقالات وكل ما استتبعها من قمع وخروقات في حق الحراك ونشطائه.

أقول قولي هذا وأوجه ندائي لكل المعتقلين من أجل أن يوقفوا إضرابهم عن الطعام والتفكير بهدوء وبكل ترو، لأن المعركة طويلة تحتاج مستقبلا إلي كل الطاقات المبدعة، ميدانية كانت أو فكرية، خاصة مع ما يعيشه محيطنا الإقليمي والدولي من تراجعات في مختلف مجالات حقوق الإنسان والحريات، وذلك بمباركة أو بصمت كل  القوى الدولية المهيمنة .

أقول وأؤكد علي ندائي هذا، ليس مقايضة من أجل شيء اسمه العفو أو إطلاق السراح، بل من أجل القادم من الأيام الذي سيحتاجنا جميعا وسنحتاج فيه بعضنا البعض ونحن في صحة جيدة، سواء كمعتقلين من داخل الاسوار أو من خارجها. ولا أشاطر في رأيي هذا من هم في انفعالاتهم مزهوون، يطالبون بمزيد من التضحيات لمن هم في السجون والمعتقلات، مع العلم أنهم خوفا من الاعتقال، وهذا حقهم، لم يغامروا بالدخول وتجاوز الحدود إلى الريف والوطن. وذلك فقط من أجل شيء اسمه تأزيم النظام وإظهاره بمظهر المستبد، الذي لا تخفى طبيعته عن أحد، أو كأننا سنكتشف طبيعته لأول مرة، وهو ما لا يحتاج لأن يكون على حساب حياة وصحة معتقلينا  .

عاش الحراك والحرية للمعتقلين ودرب النضال شاق وطويل.