السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

كريم مولاي: في ذكرى رحيل والدي الثامنة وحلم التغيير بالجزائر

كريم مولاي: في ذكرى رحيل والدي الثامنة وحلم التغيير بالجزائر كريم مولاي
تزدحم الذكريات في خاطري، وأنا أتابع التطورات المتسارعة التي يعرفها عالمنا المعاصر بشكل عام، وبلادي الجزائر تحديدا، حيث يستميت الظالمون والقاتلون للأحلام في اختطاف الجزائر والسيطرة على مقدراتها الاقتصادية والشعبية..
ومع أن الموت أصبح خبزا يوميا نصبح ونمسي عليه، ليس فقط بسبب جائحة كورونا التي لا تزال حتى يوم الناس هذا مجهولة المنشأ، وإنما أيضا بسبب تمادي القوى الاستعمارية في رفض الانصياع لقواعد العدل، إلا أن ذلك لم يمنعنا من التمسك بحلم الحرية الذي يمثل جوهر كل إنسان..
لم أنشغل كثيرا بأخبار الانتخابات التشريعية التي شهدتها الجزائر الأسبوع الماضي، مثلي في ذلك مثل غالبية أبناء الشعب الجزائري الذي مل وعود التسويف والشهادة على واقع التزوير، ولم تفاجئني نتائجها التي لم تأخذ بعين الاعتبار تغيرات الزمن السياسي الإقليمي والدولي.. فأنا واحد من أبناء جيل اكتشف منذ وقت مبكر، أن الجزائر التي دفع شعبها خيرة أبنائه لتحريرها من الاستعمار الفرنسي، لم تكمل استقلالها وسيادتها بعد..
تقاسمت ذات الأطراف المعروفة للشعب الجزائري رقعة البرلمان، لفتح صفحة جديدة من التمثيل البرلماني، بينما من يصوغ واقع ومستقبل الجزائر في الدهاليز المظلمة، هم جنرالات تمرسوا في تأبيد تبعية الجزائر للقوى الاستعمارية، لضمان مصالحهم وجلوسهم على عرش البلاد لا غير..
لم أنشغل بكل ذلك، وأنا في منفاي بشمال غرب أوروبا، فقد شغلني صارف زمني عابر عن كل ذلك، قبل أن تأتي الذكرى الثامنة لرحيل والدي رحمة الله عليه في مثل هذه الأيام من العام 2013، قبل زمن طويل من ظهور كورونا، وعندما كان الجزائريون ينادون من أعماقهم بأن يتمكن العقلاء من الاستجابة لمطالب الغالبية العظمى بالجنوح إلى الديمقراطية.
لن أبكيك يا والدي، أيها الثاوي تحت التراب، فلطالما علمتني أن الحياة مبدأ أو لا تكون، ولطالما علمتني أن الاستعمار الفرنسي البغيض ما كان له أن يترجل عن ديارنا لولا الإيمان الراسخ لدى الجزائريين، بأن الجزائر لأهلها وليست للغرباء..
لن أبكيك يا والدي، ليس لأنني قوي الإيمان أو لأنني نسيتك وغابت صورتك عني، فلا والله ما لهذا لم أبكيك، وإنما لأنني مازلت أرى في كل ما علمتني من إرادة الحياة الحرة الكريمة مبادئ تستحق التضحية، ويحلو معها العيش أيضا..
رحمك الله يا والدي، ونم قرير العين في قبرك، فطريق الحرية الذي دعوتني لسلوكه مستمر، والجزائريون أصبح بإمكانهم ليس فقط إسقاط الرؤساء ومقاطعة الانتخابات بالتظاهر السلمي فحسب، وإنما أيضا برسم معالم التغيير الهادئ الذي بدأت بواكيره في الظهور..
هذه الأيام عجلى يا والدي، وقد لا أكحل عيني بعناق تراب الخضراء في حياتي، ولا أن أزور حتى قبرك بعد أن حال الاستبداد بيني وبين رؤيتك قبل دفنك، لأن التغيير السياسي طريقه شاقة وبعيدة، ولكنني على يقين بأنني سألقاك بين يدي خالق يستوي عنده الجميع، وتحت ظل عدالة إلهية تنصف المظلومين..
رحم الله والدي وجميع موتى الجزائر والمسلمين أينما كانوا.
 
كريم مولاي، خبير أمني جزائري/ المملكة المتحدة