أثار نشر قانون رقم 69.16 المغير للمادة 4 من فانون رقم 39.08، المتعلق بمدونة الحقوق العينية، جدالا كبيرا بين المهتمين والهيئات المهنية.. فبمقتضاه أصبحت المادة الرابعة تنص على أنه "يجب أن تحرر، تحت طائلة البطلان، جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، وكذا "الوكالات" الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك”، فيما لم يطرأ تغيير على باقي فقرات هذه المادة.
وكان وزير العدل، محمد أوجار، قد أكد خلال مناقشة هذا القانون والمصادقة عليه من طرف مجلس النواب أن هذا المقتضى التشريعي الجديد يندرج ضمن التعليمات الملكية الرامية إلى التعبئة والتصدي لظاهرة الاستيلاء على أملاك الغير، موضحا أن المصادقة على المادة الرابعة لهذه المدونة جاءت للحد من تفشي بعض أوجه التزوير أو التدليس الذي يطال الوكالات التي تخول حق تمثيل الموكلين في عمليات نقل الملكية أو إنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، بهدف محاربة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير باستعمال وكالات مزورة.. مشيرا إلى أن هذه الوكالات أصبحت تنجز في محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يحرره محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض، مؤهل لذلك، وذلك لتفادي ما قد يترتب عن ذلك من مشاكل.
ويرى مراقبون أن مفتضيات المادة الرابعة تسائل في نفس الوقت المادة 2 من مدونة الحقوق العينية 39.08، حيث تنص على أن ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير و تشطيب من الرسم العقاري لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية، كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر، إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه.
ولكن المثير في الامر هنا هو أنه حتى وإن أدخل المشرع الوكالة ضمن المحررات الواجب تحريرها تحت طائلة البطلان بواسطة محرر رسمي، معتبرا بذلك "الوكالة" كتصرف من التصرفات الناقلة للحقوق العينية العقارية، فإن الوكالة تطرح إشكالا كبيرا لا يخلو من خطورة عندما تكون الوكالة صادرة عن سوء نية من تدليس أو تزوير وغيرهما، وبالتالي تصبح هذه الوثيقة مهددة لحائز العقار حسن النية، والذي يكون ملزما أن يطعن فيها في ظرف 4 سنوات من تاريخ تقييدها حسب المادة 2 نفسها، وهذا إجراء صعب، بل مجحف في حقه.. إذ كيف يمكنه أن يعلم بأن ملكية عقاره قد تم تفويتها للغير بواسطة وكالة مزورة، خصوصا إذا لم يعلم المتضرر من هذا التفويت بأن عقاره قد فوت للغير إلا بعد مرور أجل أربع سنوات، طبقا للمادة 2، وبالتالي يسفط حقه في المطالبة بحقه، خاصة إذا كان يوجد بعيدا عن عقاره، كالمغاربة المقيمين بالخارج، بل على أي أساس يستند محررها أو كاتبها؟
والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه بإلحاح أيضا هو، ما مصير الوكالات العرفية المتعلقة بنقل الملكية المنجزة قبل صدور هذا القانون، وكيف يمكن تسوية وضعيتها وفد كان التعامل بطريقة (التنازل/ الوكالة) هو صيغة التعامل الجاري بها العمل في إطار التفويتات الخاصة التي تتم بين الناس في عمليات إعادة الإسكان وإعادة الهيكلة؟