الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

المهدي لحلو: النموذج التنموي حول الحكومة والبرلمان إلى غرفة تسجيل

المهدي لحلو: النموذج التنموي حول الحكومة والبرلمان إلى غرفة تسجيل المهدي لحلو
ما جاء في التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي ليس إلا إعادة لتوصيات ومقترحات   معروفة منذ زمان.
فمثلا الحديث عن خدمات عمومية ذات جودة مرتفعة تم تكراره منذ سنوات وتداوله العديد من الخبراء والمهتمون بالشان الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب،  كما  سبق لكل هته الفصائل وجمعيات المجتمع المدني أن طالبت بالرفع من مقدورات وجودة وكذا تعميم التعليم إلى جانب تطوير المنظومة الصحية وتواجدها بشكل متكامل بمختلف جهات الوطن، فالتقرير كسر أبوابا مفتوحة منذ عقود. 
وفي اعتقادي ليس هناك أي جديد يذكر. إذ في الحقيقة أن ما قدم على أنه نموذج جديد للتنمية ليس إلا تكريسا للنموذج الماضي، وهذا النموذج الماضي الحاضر  هو الذي أكد  الملك بشأنه في خطابه، خلال افتتاح الجلسة الأولى من دورة البرلمان في أكتوبر 2017. أنه لم يأت بنتائج إيجابية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ولم يمكن من الحد من الفوارق الاجتماعية ولم يمكن من التقليص من التفاوتات المجالية.
 
وهذا التقرير هو تزكية للنموذج الماضي بعبارات جديدة إن صح التعبير، وذلك  لسببين أساسيين:
أولا، إن تقرير  اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي  لم يفسر لنا ولم يتطرق لأسباب إخفاق النموذج التنموي الماضي الحاضر،  ثم إن هذا التقرير لم يقدم للمغاربة المبادئ والمرتكزات السياسية والمؤسساتية والتنظيمية  التي من شأنها أن تأخذ مكان المرتكزات المؤسساتية والسياسية والتنظيمية القديمة. 

لماذا؟ لأن هذه المؤسسات والمرتكزات والسياسية القديمة التي نعرفها حق المعرفة هي التي أوصلتنا إلى  هذه الوضعية الاقتصادية والاجتماعية التي تدل قطعا على عدم نجاعة النموذج التنموي الذي اتبعه المغرب حتى الآن.
وبما أن النموذج المغربي الماضي الحاضر قد أخفق  فإن كل المتتبعين كانوا  ينتظرون من خبراء اللجنة التي ضمت 35 خبير وخبيرة، وبعضهم جاء  من أمريكا وهولندا وكوريا الجنوبية وفرنسا أن يستلموا الدروس من نماذج اقتصادية واجتماعية ناجحة، فمثلا أن يقدموا لنا كيف نجحت دولة من حجم المغرب ديموغرافيا ككوريا و بلد صغير كسنغافورة والتي لا تتوفر على موارد طبيعية كالتي يتوفر عليها المغرب ، كيف تمكنت هذه الدول من الرقي في سلم الدول المتقدمة، وماهو التوجه الممكن لنأخذ بعبرة نماذج ناجحة وصحيحة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسباسي. هذا ما لم تقدمه اللجنة في تقريرها الجديد عن النموذج التنموي.

والسؤال الذي يطرح الآن منذ  صدور هذا التقرير يوم 25 ماي، ماهي التمويلات والامكانيات المنهجية والمالية لترجمة  النموذج المقترح على أرض الواقع. لقد جاء المقرر الذي نتحدث عنه  بتوصيات تهم تحسين والرفع من جودة التعليم والصحة، وتعميم وتحسين الخدمات العمومية وتطوير امكانيات الإدارة العمومية. لكنه  لم يتضمن أي إيضاحات حول النفقات الممكنة والمرتقبة  وكيفية تمويل هذه المقترحات والمشاريع. وبالتالي لم يتحدث عن جزء أساسي وهو الجزء المرتبط بالتمويل. وهذا الذي يؤدي بنا إلى اعتبار أن توصيات النموذج التنموي الجديد ليست إلا مقترحات نظرية من الممكن أن تقدمها أية جمعية من المجتمع المدني وكذلك أي مكتب خبرة يكلف بمثل هذه المهمة.

الآن ما العمل ؟ هناك العديد من الأسئلة الحرجة المتكررة  والتي من الضروري أن تتم الإجابة عنها من طرف الحكومة والدولة ولجنة النموذج التنموي كذلك. فمثلا، كأحد الأسئلة التي يطرحها المغاربة اليوم، من سيقرر ومن سيحاسب ومن سيتابع عن ما وقع وعن ما لم يقع؟  وبالتالي على من ستكون  المحاسبة؟
وهناك سؤال آخر: ماهو الدور الذي سيوكل للحكومة المقبلة وللبرلمان المقبل؟ في اعتقادي، بعد قراءتي للتقرير فإن أعضاء اللجنة أعطوا دورا للحكومة والبرلمان  لم يتجاوز دور غرف للتسجيل.

ثم هناك سؤال آخر آني، ونحن على أبواب الانتخابات المحلية والبرلمانية المقبلة، وهو أي معنى سيعطى للانتخابات بعد اليوم في
المغرب؟ باعتبار أن التباري بين الأحزاب هو تباري بين البرامج وبالتالي أمام تقرير لجنة النموذج التنموي ما هو دور الانتخابات وما معناها؟
بل ما معنى  وجود  أحزاب سياسية أمام مشروع يقدم كقانون أسمى على المستوى الاقتصادي والاجتماعي للبلاد؟
وهذا يحيلنا على سؤال آخر وليس أخيرا ، أليس من الأجدى  بأعضاء اللجنة القول بأنه لا معنى لوجود انتخابات ووجود برلمان ووجود حكومة بالمغرب بعد اليوم، وأن يقولوا بضرورة أن تسند للإدارة كل الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لاقتراح كل البرامج الممكنة وتتبعها ومحاسبة من لاينفذها؟
 
المهدي لحلو/أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي