الأحد 19 مايو 2024
كتاب الرأي

المنوزي: أزمة خيارات النظام السياسي أم أزمة إرادات الإصلاح والتغيير!

 
 
المنوزي: أزمة خيارات النظام السياسي أم أزمة إرادات الإصلاح والتغيير! مصطفى المنوزي
""ما يحرك المجتمع ليس الحق بقدر ما هو المنفعة."" 
 - عبد الله العروي
من خلال المسار الحياتي  المعيش والنضالي لابد وان يكتشف المرء أسباب النجاح والإخفاق، الاولى اغلب دوافعها ذاتية، والثانية جل مبرراتها موضوعية، فالإنسان على العموم صنيع ارادة شخصية وسياسية إن صح التقدي، ويظل السجال تحوم  حول إشكالية من يصنع من ؟! فالواقع طبعا هو المحدد، لكن يبقى للإنسان أدوار كبيرة في صنع الوقائع والتي بالتفاعل الجدلي المؤثر والمتأثر يخوض الإنسان امتحانات و معارك  في افق صناعة المواطن  الواعي.
كل هذا الاكتشاف ميسر بالتكافؤ ومتوفرة ممكناته للجميع، غير أن القدرة على تأطير  الطموح وتوجيه الإرادات والرغبات والطلبات لا تتأتى شروط إنجازه إلا للمحظوظين من صفوة المجتمع  ، إن بالسلطة والنفوذ بما يعنيانه من حظوة وثروة ومعرفة وذكاء اجتماعي.
وقد نتوافق على أن الفعل والتفاعل يأخذان شكل صراع بحدة عنيفة أو سبل سلمية؛ والفوز النسبي يكون في آخر التحليل لمن يملك القوة، مما يترتب على ذلك إلحاقية مقابل ذيلية في سياق ناموس  عدالة المنتصرين مقابل مظلومية ايديولوجية الهزيمة؛  وإذا كان الأقوياء مستعدين للتنازل ايجابيا عن جزء " معين ومحدود " من الثروة والمعرفة والسلطة في إطار  التدبير  المفوض؛ فإن  العنف المشروع الأداتي والقانوني يبقى حكرا  بالمطلق للدولة وممثليها وموظفيها المكلفين بإنفاذ القانون ( على علاته ) باسم الحق الشرعي في استعمال القوة العمومية.
من هنا يستدعي الأمر الإصرار على مطلب توسيع هامش  الديمقراطية  والتي لا تعني، كوسيلة في سياق بناء الديمقراطية كغاية ، لا تعني سوى فرض الرقابة والنقد والمحاسبة والمساءلة وترتيب العقاب.
فكيف يمكننا  فرض هذه المبادئ الدستورية تجاه جميع المؤسسات في ظل تماهي الصلاحيات والمسؤوليات، فلم يعد المشكل مقتصرا فقط في صعوبة تمديد  المساءلة إلى الجميع ، ولكن العقدة الحقيقية تكمن في تمثل  الكثير  من الفاعلين الحزبيين  والقياديين السياسيين لقاعدة استحالة  استقلالية السياسات العمومية عن السياسة العامة، مما يشبه تبني قاعدة " كم من حاجة قضيناها بتركها "، وبذلك وبتفعيل ذكي  لهذه القاعدة  تفوض جميع الصلاحيات للفاعل الرئيسي ، من الحق في الأمن ضد الخوف وضد الحاجة، إلى الحق في تقرير  المصير ، إن بالقوة  الصلبة أو السائلة، في زمن لا قدرة فيه لمدعي الشرعية التاريخية أو الوطنية لمجرد  تغيير ولو نقطة واحدة في جدول الأعمال الوطني، وهي قرينة قوية على عجز حاملي مشاريع الإصلاح أو التغيير بمختلف اصطفافاتهم  عن  تقديم عروض بدائل  وبالأحرى  التعاقد أو التسوية أو التوافق أو المعارضة أيضا.
وسيأتي وقت  نذكر فيه بأن الدولة ومؤسساتها تمارس المعارضة نيابة عن تعبيرات المجتمع المتراخية منها والمدجنة والحيوية حتى!