الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

خولة فرحات: حكاية الأندلس.."عبد الرحمن الدّاخل صقر قريش" الجزء الخامس

خولة فرحات: حكاية الأندلس.."عبد الرحمن الدّاخل صقر قريش" الجزء الخامس خولة فرحات
بعد أن تجرّع المسلمون هزيمة نكراء في موقعة البلاط هنا التاريخ يعيد نفسه  فهي تشبه إلى حد كبير غزوة أُحد.. مات في هذه المعركة الوالي الغافقي ورجع جيش المسلمين إلى الدّيار، ثم بعدها مباشرة قامت للمسلمين قائمة جديدة تحت قيادة عقبة بن الحجاج السّلولي الذي تولى من 116ه إلى 123ه. عقبة قاد أكثر من سبع حملات داخل فرنسا ويعتبر آخر شخصية مؤثرة في زمن الولاة واستشهد في إحدى المعارك وانتهى بعده زمن الولاة الأول المبني على الجهاد والفتوحات. وجاء بعده مباشرة زمن جديد، لأن الظروف تغيرت ومع كثرة الفتوحات أصبح للمسلمين غنائم وأموال كثيرة مابقى لا إيمان لا سيدي زكري كاين غير المصالح والفلوس وحدثت انقسامات عاود تاني ها لي أمازيغي ها لي عربي ها لي أندلسي ها لي حجازي ها لي عدناني ها لي قحطاني...إخ المهم ناضتْ... فوُليَ على الناس طغاةٌ لا يعرفون الرحمة ولا الشفقة ممّن ألهبوا ظهور الناس، منهم على سبيل المثال عبد الملك بن قطن، كان حاكما جائرا وظالما وقسّم الناس بحسب القبلية ولم يعط نصيبا من الغنائم للأمازيغ، ولم يعط لغير المدَريين، فانقلب عليه النّاس! ظهر أيضا يوسف عبد الرحمن الفهري الذي تولى من 130ه حتى 138ه، يعني آخر سنوات حكم الوُلاة هاد خونا السطاج اللّخر لأنه انفصل بالكلية عن الخلافة الأموية وادّعى أن الأندلس إمارة مستقلة وشاع في الأرض فسادا، ما بعده فساد فما كان من الناس إلا أن ثاروا في وجهه في الكثير من المناسبات وعدّ التاريخ عشرون ثورة تقريباً هذه الفتنة كانت لها تداعيات كثيرة، منها توقّف الفتوحات وتوقف الحروب ضد النصارى في الشمال الغربي، خصوصا منطقة الصخرة ونظرا لتفاعل كل هذه الأمور من انقسام وعنصرية وظلم الولاة أصبح الوضع في سنة 138ه على الشكل التالي:  
- فُقدت كل الاراضي في فرنسا باستثناء مقاطعة سبتمانيا 
- ظهرت مملكة نصرانية جديدة اسمها مملكة ليون في الشمال الغربي عند منطقة الصخرة 
- المتولّي للأمور يوسف عبد الرحمن الفهري أعلن انفصال الأندلس عن الأمويين 
- انقسمت الأندلس إلى فرق صغيرة وكل واحدة منها تريد التملك والتقسيم والظفر بالحكم 
- ظهر فكر الخوارج و انضمّ إليهم الأمازيغ 
فكاد الاسلام أن ينتهي من الأندلس إلى الأبد يعني هاااد تمارة كلها كانت غاتمشي فالزيرو.  
المفاجأة: سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية أمرٌ جلَلْ، لأن قيام الدولة العباسية كان قياما دمويا رهيبا وانشغل الطرفان بحربهم وغابت الأندلس عن الأذهان وأصبح أمر الأندلس هذا يحتاج إلى "معجزة"  حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه.. فحدثت المعجزة بالفعل تماماً في ذي الحجّة 138ه، و هي دخول واحد الرجل اسمه عبد الرّحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك إلى أرض الأندلس كيفاش دخل؟! اجي نقوليكم واحد الحاجة العباسيين قتلوا كل المرشحين للخلافة من الذكور من أمراء وملوك وأبناء وأحفاد إلا قليلا وفْلَت ليهم هاد عبد الرّحمن لي هو حفيد هشام بن عبد الملك كان عُمر عبد الرحمن هذا في ذلك الوقت 19 سنة، كبر في العراق وكان له أخ صغير في سن 13 سنة وكانا مطلوبين لدى العباسيين.. 
فهربا من العراق بعد أن غرس العباسيين الرايات السود في كل مكان يمكن أي يمرّ منه عبد الرحمن وأخوه كيفاش غادي يهربو؟! 
بعد أن أخذ عبد الرحمن أخوه الوليد وهربا وجدا جيش العباسيين على ضفاف نهر الفرات، ومن خوفهم ألقيا نفسيهما في النهر وأخذا يسبحان، فنادى عليهم العباسيون أنِ ارجعا وعليكما الأمان، فاستجاب لهم الوليد أخوه الصغير الذي تعب من السباحة في النهر بالرغم من تحذيرات أخيه له؛ عاد الصغير سابحا إلى العباسيين لأنهم أعطوه الأمان، فقتلوه أمام أخيه عبد الرحمن وأنقضوا عهدهم للطفل الصغير في مشهد سوريالي.. قمة الوحشية و البطش. 
فأكمل عبد الرحمن عبور النهر برغم حزنه الشديد على أخيه، ثم يمّمَ في اتجاه المغرب كما قال "فيمّمت مغرباً" لأن أخوال عبد الرحمن كانوا من الأمازيغ، بحكم أن أمه كانت امازيغية فاختار أن يلجأ لهم.. قصة عبور وهروب هذا الرجل موجودة ومتاحة للقراءة في العديد من الكتب التي اهتمت بسيرته ويمكنكم الاطلاع عليها... 
لما وصل إلى القيروان بعد رحلته الشاقة وجد هناك ثورة عظيمة جدّا للخوارج بقيادة عبد الرحمن بن حبيب، هذه الثورة شملت الشمال الإفريقي كلّه واستقل بالشمال الإفريقي عن الدولة العبّاسية، وكان هذا الرجل ابن حبيب يسعى أيضا للقضاء على عبد الرحمن بن معاوية، لأنه يكره الأمويين ويريد القضاء على ما تبقى منهم...
تعرّف عليه الخوارج وكادوا يقتلوه، فهرب مجددا وذهب إلى ليبيا في برقة ومكث هناك أربع سنوات تقريبا مختفيا عند بعض أخواله حتى سنة 136ه.. ولاّت عندو 23 سنة دابا هاد السيد ذو الحسب والنسب واش غادي يبقى حياتو كاملة هربان؟! مايمكنش؟! آش غايدير ؟! المصيبة انه اذا ظهر في المشرق غادي يقتلوه العباسيين وإن ظهر في شمال افريقيا يقتله عبد الرحمن بن حبيب. 
واش غادي يبقى مخبي والأمويين في كل مكان يُقتّلون و يُذبحون؟! بعد تفكير عميق رأى أن يذهب الى الأندلس، وهي أصلح الأماكن التي يمكنها استقبال عبد الرحمن بن معاوية لعدة اعتبارات، منها أن الوضع في الأندلس كان في تلك الفترة مشحونا، خصوصا أنها كانت آخر فترة لحكم الولاة وراه دوينا على شنو طاري فيها في الأسطر الأولى من هذا الجزء. يعني أن عبد الرّحمن غادي يطيح قد قد مع الأزمة ودخلها آمنا مطمئنًا، لأنها ليست تابعة لا للعباسيين ولا للخوارج صافي صاحبنا عقد العزم للعبور إلى الضفة الأخرى واقتنع، ولكن شنو دار؟! أولا أرسل مولاه بدر لدراسة الوضع ودراسة موازين القوى المؤثرة في الحكم، وأيضا راسل كل محبي وتابعي الدولة الأموية في بلاد الأندلس بعد أن عرفهم من مولاه بدر ولقت رسائله قبولا حسنا لدى الناس. وبذكاء شديد منه ومغامرة، راسل الأمازيغ أيضا يطلب ودّهم ومساعدتهم ووجدهم على خلاف شديد مع قائد الخوارج وفاش لقى هاد اللعيبة ديال الرسائل صادقة وبنادم على سبّة راسل كل الأمويين في الأرض وكلشي بغا يعاونو وبدا كايجمع الأفكار والعدّة اللوجيستيكية، ولكن بحكم ذكائه الشديد اش غادي يدير؟! غادي يدخل الأندلس بوحدو فرّادي وحيييد بمفرده أعيد و أذكّر أننا في سنة 136ه وعمره 23 سنة من هاد التاريخ وهو كايستعد ويتراسل ويجمع في الأعوان حتى سنة 138ه في هذه السنة غادي يجيه رسول من عند مولاه بدر من الاندلس يقول له : إن الوضع قد تجهز لاستقبالك فبدأ يعد العدة و يجهز السفينة التي ستأخذه منفرداً كما قلنا من قبل.
فنزل عبد الرحمن بن معاوية هلى ساحل الأندلس وحيدا فاستقبله بدر وانطلقا معاً إلى قرطبة التي كان يحكمها الفَهري، فأخذ يجمع الناس من حوله من أمويين وبربر وحجازيين والكثير من القبائل، ولكن واخا هاكاك لم يجمع عددا كافيا يستطيع معه الوقوف في وجه الفهري أو يغير شيئا، ففكر في اليمنيين بالرغم من خلافهم مع القائد الأموي الجديد لانه لم تعد لهم طاقة بالفهري فقبلوا عرض عبد الرحمن بن معاوية و كان على رأس اليمنيين آن ذاك أبو الصباح اليحصوبي وكان مقرُّهم الرئيسي في أشبيلية، وذهب إليهم عبد الرحمن بنفسه واجتمع بقائد اليمنيين واتفق معه على أن يقاتلا سويا ضد الفهري.. بعد هذا اللقاء بدأ عبد الرحمن بن معاوية يرسل رسائل إلى يوسف بن عبد الرحمن الفهري يطلب ودّه، وأن يستسلم ويسلم له الإمارة بحكم أنه حفيد هشام بن عبد الملك بطبيعة الحال الفهري رفض هذا العرض وجهز جيشه وذهب لمحاربة عبد الرحمن بن معاوية، فعُرفت هذه الموقعة في التاريخ الإسلامي بموقعة "المُسارة" في سنة 138ه.. وانتصر فيها عبد الرحمن بن معاوية ومن معه وهُزم الفهري وهرب مع جيشه، وعندما أراد اليمنيون تتبع الفارّين قال لهم عبد الرحمن قولة شهيرة: لا تتبعوهم واتركوهم لا تستأصلوا شأفة أعداءٍ ترجون صداقتهم واستبقوهم لأشدّ عداوة منهم. (في إشارة إلى النصارى) السيد عارف عدوّه الحقيقي ! و فهمه عميق للأمور..
أبو الصباح زعيم اليمنيين بعد الموقعة خطب في اصحابه قائلا: الآن انتصرنا على الفهري و جاء وقت النصر على غيره (يعرّض على عبد الرحمن بن معاوية) ولكن اليمنيين خالفوه الرأي غير أن هذه الواقعة وصلت الى مسامع عبد الرحمن بن معاوية و أسرّها في نفسه و لم يُبدها له لكي لا يحدث انقساما في الجيش مرة اخرى ويخسر كل شيء  بالحقْ أصبح يحذر هذا الرجل حذراً شديدا، لأن غايته هي تجميع الناس، ومع مرور الوقت وبعد موقعة المسارة وتحرير قرطبة والسيطرة على الجنوب الأندلسي لُقب ب "عبد الرحمن الدّاخل"، لأنه أول من دخل من بني أمية قرطبةَ حاكما... ومنذ أن استلم الحكم على هذه المنطقة عرفت هذه الفترة بفترة "الاإمارة الأموية" تبدأ من 138ه، سميت إمارة لأنها أصبحت منفصلة عن الخلافة الإسلامية، ولكن راه يالاه خدا قرطبة والجنوب الأندلسي وراه مازال ثورات على مستوى كل البلاد وبصبر وثبات أخذ يراوض ثورات بعد اخرى يتودد لواحدة و يستميل أخرى ويحارب أخرى ثالثة ويقمع الرابعة وبقا كايحكم هاذ البلاد حتى سنة 172ه وطيلة هذه الفترة قامت عليه أكثر من 25. ثورة و ماغاديش نفصلو فيها لأنها موجودة في الكتب التاريخية بشروحات مفصلة شخصيا اخترت واحدة فقط لأهميتها في فهم هاد الحريرة ديال بنادم لي ساب. ثورة غادي توقع في 146ه يعني تقريبا 8 سنوات من استيلام عبد الرحمن للحكم في بلاد الأندلس.. هاد الثورة غادي يديرها واحد الراجل سميتو العلاء بن مغيث الحضرمي هاد خونا راسله ابو جعفر المنصور الخليفة العباسي باش يقتل عبد الرحمن الداخل ويحاول يضم هاديك البقعة من الارض إلى حكم العباسيين، لأنها البلاد المنشقة الوحيدة عن الخلافة الإسلامية، ولكن هاد العلاء راه جا من المغرب العربي وعبر للاندلس لتنفيذ هذه المهمة وإعلاء الراية السوداء (قطاطعية هاد العباسيين) فقامت معركة بين عبد الرحمن الداخل والعلاء، وقُتل هذا الأخير وانهزم و وصل خبر موته للخليفة العباسي ابو جعفر المنصور و المفاجأة أن هذا الاخير فرح لموت العلاء وقال: "قتلنا هذا البائس (العلاء بن مغيث الحضرمي) وما لنا في هذا الفتى من مطمح (أي عيد الرحمن الداخل) والحمد لله الذي جعل بيننا وبينه البحر، و من ثم ما بقى عاود شي عباسي باباه حاول يسترجع الاندلس. و هاد ابو جعفر المنصور هو اللي غادي يسمي عبد الرحمن الداخل ب صقر قريش لانه دخل الاندلس منفردا بنفسه مؤيداً برأيه و عزمه يعير البحر والقفرَ حتى دخل بلادا أعجمية ومصّر الامصار و جند الاجناد وأقام ملكا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وحكمته وكان أبو جعفر معجب بصقر قريش و دائما ما كان يتحدث عنه في مجالسه... ها قد أنقذ صقر قريش دماء وجه المسلمين و رجعنا تاني نحطو رجلينا بثبات في أندلسنا... هذا هو عبد الرحمن الداخل بالتمام و الكمال وبالصلا عالنبي 
مازال ماسالينا يالاه بدينا 
آه نسيت ما قلت ليكم : رمضان كريم

روابط الأجزاء السابقة:
الجزء الأول:
https://anfaspress.com/news/voir/79291-2021-04-15-07-32-29
الجزء الثاني:
https://anfaspress.com/news/voir/79345-2021-04-17-10-32-23
الجزء الثالث:
https://anfaspress.com/news/voir/79401-2021-04-18-05-34-10
الجزء الرابع:
 https://anfaspress.com/news/voir/79499-2021-04-20-09-13-52