الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

مختبرالبروفيسور العثماني نموذج "أهل الكهف" قاتل أحلام سعادة وفرح المغاربة

مختبرالبروفيسور العثماني نموذج "أهل الكهف" قاتل أحلام سعادة وفرح المغاربة العثماني يتوسط مختبرين لصناعة الفرح والسعادة

أن تكون فقيرا ليس عيبا، لأن الفقراء هم من يصنعون الفرح والأمل ويجتهدون ويكدون في صناعة السعادة، ولم يكن الفقر في المجتمع المغربي يعني البؤس والحزن والغضب والقلق، وجميع أشكل الضغط النفسي والعصبي الذين يولدان مختلف الأمراض المزمنة في زمن الجحود والتنكر للمشترك على هذه الأرض التي تستحق الحياة والبهجة، حيث كانت أسرنا الفقيرة تؤمن وتبدع في صناعة السعادة والفرح داخل مختبر قطع غيار ماكينة العيش المشترك كضرورة ملحة لضخ أسلوب جديد في مواجهة تقلبات الحياة .

كان الأب ذلك المحارب على كل الواجهات دون كلل أو ملل، هو الرجل الدائم الإبتسامة الحامل لتباشير الخير والأمل في حضرة زوجته و أطفاله بالرغم من الضربات الموجعة التي يتلقاها في مختبر نشاطاته الخاصة، رجل القلب الكبير، الإنسان الصبور الذي لا يكشف عن مرضه و آلامه وأحزانه وإكراهات الزمن أمام أسرته، المؤمن بالتضحية والمكابدة وقدر المسؤولية تحت سقف بيت يقاوم العواصف والشدائد بإرادة صناعة وصفته الساحرة للفرح والسعادة التي ورث جيناتها أب عن جد.

الأم الطيبة والجميلة التي تحبل وتتوجع وتتألم دون شكوى، لتضع من رحمها الولاد من يملأ فضاء عش الزوجية بالأمل والفرح والسعادة، وتشتغل على كل الواجهات ليل نهار مثلها مثل أمهات كل المغاربة في البادية والمدينة، وتتقمص بعشق داخل مختبر صناعة الفرح والسعادة دور المرضعة و المربية والمعلمة والطبيبة المعالجة والصيدلي المحنك والطباخة الماهرة والمنظفة الحدقة والحارسة الأمينة للرعية.

لقد أدارت المرأة مسؤوليةمختبر حياة المجتمع المغربي بحنكة وإبداع وتفنن،كنا نجد نساء مكافحات، يشتغلن بحب في نفس المكان والزمان لإنتاج أجمل الحياك والبرانس والجلاليب والزرابي والأغطية الصوفية، وهن يرددن أبلغ المرددات الغنائية والتغني بجمال الطبيعة، و نبل الأخلاق وشهامة الرجال وكرم القبيلة وفرسانها من أجل مواجهة الملل والرتابة، واستعادة لحظة السعادة و الفرح بمنتوج أناملهن وأيديهن الحاملة لخرائط تشققات صعوبة العمل في الحقل والبيدر، وبفعل مشقة جلب الماء من البئر، والأشغال اليومية بالخيمة وزريبة المواشي وخم الدجاج..

كان مختبر "اَلجًامَعْ/ لَمْسَيِدْ" وتحت إشراف الطالب/ فقيه الحي أو الدوار، (طبعا قبل أن يقطر السقف بحاملي راية الإسلام السياسي) تفوح منه روائح الألواح و الصمغ والصلصال والحصير، وتجد الفقيه منهمك في كتابة حروف الأبجدية بـ "لُقْلَمْ" و "الدْوَايَةْ" لتعليم فلذات أكبادنا ما تيسر من تعاليم الدين الإسلامي السمحة وترسيخ قيم وسلوك الأخلاق والإحترام، وحفظ سور وآيات قرآنية، ويسهر على صناعة فرح قلوب "اَلْمَحْضْرَةْ" بمختلف أعمارهم (ن) في انتظار يوم "لَارْبْعِيَةْ" الذي لا يشبه أيام الأسبوع فرحا وسعادة.

نعم، كان نشاطمختبر صناعة السعادة والفرح يستند في تجاربه الحياتية الناجحة على طقوس وعادات وتقاليد المجتمع المغربي المتضامن، ويؤثث في برامجه الحياتية مشاهد وصور من وحي تراث الموروث الثقافي الشعبي بتعدد روافده، لتقديم أرقى وجبات أطباق الطبخ البسيطة في مكوناتها وتوابلها والغنية بمذاقها وجودتها الطبيعية، التي تجود بها الأرض وفصول السنة، وتتقاسمها الأسر والعائلات والجيران دون تخطيط وحسابات.

نعم، بالعيش المشترك كان الجيران في الحي والأهالي في البادية والأحباب والأصهار يغنون ويمرحون ويرقصون جماعات وأفراد في أعراسهم وحفلاتهم ومناسباتهم ومواسمهم، ويتقاسمون لقمة الخير والبركة مع لمة لحباب دون تمييز في توزيع لحظة السعادة والفرح، حتى مع الأطفال مثل أغصان شجرة طيبة تحتاج للعناية والتتبع لتنمو وتتفرع وتنتج ثمارها الطيبة كل حين.

بدوره كان مختبر الراديو ناقل الأخبار والأغاني الشعبية والعصرية وعروض المسرح وحكايات الزمن الجميل بأزلياته وقصصه ورواياته وأشعاره، وساهم بقسط وافر في إعداد الخلطة السحرية لصناعة السعادة والفرح، و كان هو اللغز الوحيد الذي يفك شفراته المستمعات والمستمعين على أثير أمواج الإذاعة و الإستمتاع بلحظات برامج راقية على مستوى تثقيف وتلقين وتوجيه وتقديم النصح في مختلف الحقول والمجالات.

في هذا المختبر تفاعلت خلطة صناعة السعادة والفرح وأضفيت إليها توابل حكمة رجال لبلاد وكراماتهم، وجرعة رحيق أعشاب و نباتات عطرية ممزوجة بدم شيوخ وشيخات العيطة وعبيدات الرما وصناع الفرجة في الحلقة وفرسان التبوريدة وهم يطلقون بارود بنادقهم في عنان السماء خلال المواسم والمناسبات الإحتفالية.

مختبرنا اليوم أصابه العقم، وتوقف عن صناعة صدق مشاعر السعادة والفرح، بعد أن حولته مختلف "الجوائح والأوبئة والأمراض" المصطنعة في دهاليز مختبرات المتحكمين في صناعة القرار السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي والثقافي إلى مغارة/كهف للبيات الطويل، وحولت المسؤولين إلى ممثلين مفترضين عاشوا زمن "أهل الكهف" ويحنون إليه.

مختبر "أهل الكهف" حقق نتائج غرائبية بأبحاثه وقراراته ضد حب المعرفة وعشق الجمال و توسيع مدارك الثقافة والفكر وقضى على مهارات اللعب وأسباب الضحك، ولم يفلح سوى في تعميم "الكمامة" و "المنع" و "الإغلاق" و "الحظر" و "القهر" في زمن تغول بروفسورات قتل السعادة والفرح .