الاثنين 6 مايو 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: احتكار اللقاح يغيب العدالة في توزيعه بين دول العالم

يوسف لهلالي: احتكار اللقاح يغيب العدالة في توزيعه بين دول العالم يوسف لهلالي

يعيش عالمنا  اليوم  انعداما كبيرا في  المساواة في الحصول على اللقاحات المضادة لكوفيد-19 بين الدول الغنية والفقيرة، وهذا الفارق في الحصول عليها "يتزايد" واصبح "فاضحا" كما عبر عن ذلك  المدير العام لمنظمة الصحة العالمية  تيدورس ادهانومغيبيسوس. انعدام المساواة يظهر في أرقام التلقيح التي تتربع عليها بلدان غربية مثل  الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا، وهي بلدان تتوفر أحيانا على لقاحات تفوق حاجياتها في الوقت الذي لم تتوصل بلدان فقيرة  باللقاح، وحتى برنامج  كوفاس الذي أعلنته  الأمم المتحدة من اجل  إمداد البلدان الفقيرة باللقاح مازال  ضعيفا ولم يتجاوز عدد الدول المستفيدة منه  10  بلدان عبر العالم. وتوقيف الهند لتصدير اللقاح سيجعل انطلاق هذا البرنامج مستحيلا وسيكرس احتكار البلدان الكبرى له.

في هذه الوضعية تقوم  الدول الأوربية بالتنافس بل بحرب حول اللقاح  من اجل الحصول على أكبر نسبة منه، وبعضها دخل في خلافات مع المختبرات المصنعة مثل ايطاليا وفرنسا، كما ان المندوبية الاوربية  اتهمت  مختبر استرازنيكا بعدم احترام العقود والتصدير المكثف نحو بريطانيا. في ظل هذا الصراع الأوربي -الأوربي فان اغلب البلدان الإفريقية  لم تحصل على اللقاح ولو بكميات محدودة، يبقى الاستثناء الوحيد بالقارة  هو المغرب  الذي دبر هذا الملف بشكل جيد واستباقي  مما جعله يحقق اكبر نسبة من اللقاح  لسكانه بالقارة ويتربع عرش  العشر الأوائل بالعالم في هذا المجال.

هذه القضية  وهي غياب العدالة في توزيع اللقاح بين دول العالم  وهذا الاحتكار الذي تقوم به بعض الدول الكبرى، يطرح مشكلا أخلاقيا كما عبر عن  ذلك جيدا مدير منظمة الصحة العالمية الذي قال في ندوة صحفية في شهر يناير الماضي
" أن العالم على وشك فشل أخلاقي كارثي اذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة لضمان التوزيع العادل للقاحات ضد كوفيد. لدينا الإمكانات لتجنب هذا الفشل لكن من المثير للصدمة رؤية أن القليل من الجهود بذلت لتجنبه".
وأضاف "الهوة بين عدد اللقاحات التي أعطيت في الدول الغنية وتلك التي أعطيت عبر منصة كوفاكس تتزايد وتصبح يوما بعد يوم فاضحة أكثر".
وتهدف آلية كوفاكس التي أنشأتها منظمة الصحة العالمية الى توفير جرعات لقاح لنحو 20% من السكان في حوالى 200 دولة ومنطقة هذه السنة. وتتضمن آلية تمويل تهدف الى مساعدة 92 دولة فقيرة."

لكن اليوم  الوضعية معقدة، هناك بلدان  غنية مثل الولايات المتحدة تسعى إلى تلقيح كل سكانها بدون استثناء بل   تقوم بتعاقدات تفوق حاحياتها المحلية، وهو وضع كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا وبريطانيا.  وقد   عبرت واشنطن عن رغبتها في اقتسام هذا الفائض مع حلفائها. لكن اين الية كوفاكس  من هذه المساعدات وما  هو العدد من اللقاحات الذي سوف يقدم لهذه البلدان وفي أي وقت.

وحول  تلقيح الشباب في بعض البلدان  يقول مدير منظمة الصحة العالمية أن "الدول التي تقوم حاليا بتلقيح أشخاص أصغر سنا وفي صحة جيدة ويواجهون مخاطر ضئيلة في الإصابة بكوفيد-19 إنما يقومون بذلك على حساب حياة طواقم طبية وأشخاص مسنين ومجموعات أخرى عرضة لخطر الإصابة في دول أخرى".
وتابع "تتساءل الدول الأفقر عما إذا كانت الدول الغنية تعني حقا ما تقوله عندما تتحدث عن التضامن. إن التوزيع غير العادل للقاحات ليس مجرد اساءة أخلاقية إنما هو أيضا مدمر للذات على الصعيدين الاقتصادي والوبائي".
وقال تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن "بعض الدول تتسابق لتلقيح كل سكانها في حين أن دولا أخرى ليس لديها أي شيء. يمكن أن يوفر هذا الأمر أمانا على المدى القصير، لكنه شعور زائف بالأمان".

في هذه الوضعية تسعى العديد من الدول في الحصول على اكبر كمية من التلقيح لسكانها، وتسعى كل واحدة الحصول على الكميات اللازمة.وأكد  الرئيس ايمانييل ماكرون أن فرنسا تحارب للحصول على جرعات من لقاح أسترازينيكا وأنها ستواصل ممارسة "ضغوط كبرى" على المختبر لكي "يحترم" العقود المبرمة.وتابع "اعتبارا من أبريل سنغير بعد حملة التلقيح" مشيرا إلى الجرعات الجديدة التي ستسلم وإلى توفر لقاح جونسون أند جونسون الشهر المقبل.
وقال  رئيس فرنسا ايمانييل ماكرون إنه لإعطاء دفعة لحملة التطعيم، "الأولوية هي للحصول على جرعات - نحارب من أجل ذلك - خصوصا لقاح من مختبر أسترازينيكا الذي هو اليوم لم يف تماما بالتزاماته تجاهنا".وأضاف "لم نتسلم الجرعات التي كان يفترض أن نحصل عليها، بالتالي الأيام المقبلة ستكون معركة في محاولاتنا لتلقيها ومواصلة ممارسة الضغوط القصوى لكي تحترم الشركة التزاماتها" مؤكدا أن "الاتحاد الأوروبي ينشط كثيرا في هذا الخصوص.

ومع انتشار موجة ثالثة من الوباء في كل أنحاء أوروبا، يتوقع أن عالج الاتحاد الاوروبي خلال قمته الافتراضية الاخيرة مسألة بطء حملات التطعيم في القارة ومشاكل تسليم لقاحات أسترازينيكا، وهي مسائل تثير الإحباط داخل التكتل..

في ظل هذه الظروف تستمر الحرب بين البلدان  الغنية من اجل الحصول على اكبر نسبة من اللقاحات لسكانها، و تقوم اوربا  بالضغط الكبير على  مصانع استرازنيكا فوف ترابها من اجل تزويدها بجرعات اكثر. ومع انتشار موجة ثالثة من الوباء في كل أنحاء أوروبا، شددت المفوضية الأوروبية آلية الاشراف على تصدير اللقاحات التي أقرت في يناير ،وأعلنت الخميس تقييد الصادرات إلى البلدان التي تنتجها أو التي طعمت جزء كبير من سكانها.

الهند هي الأخرى قررت عدم تصدير شحنات  من لقاح استرازنيكا،  التي كانت موجهة الى البلدان الفقيرة في اطار برنامج كوفاكس وذلك لتلبية حاجياتها الداخلية. وحتى حملة التلقيح بالمغرب والتي كانت ناجحة ونموذجية سوف تتأثر بتباطؤ الإمدادات القادمة من الهند والصين.