الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

شعيب حارث: عقود نظام التعاقد تتّسم بالتّعسف وتعطي سلطة كبيرة لمديري الأكاديميات

شعيب حارث: عقود نظام التعاقد تتّسم بالتّعسف وتعطي سلطة كبيرة لمديري الأكاديميات شعيب حارث
لا يمكن إعطاء جواب واضح في مسألة التعاقد، لأنه من جهة لا يوجد ما يلزم الدولة بأنها توفر التوظيف، ليس في قطاع التعليم فقط بل في جميع القطاعات، بدليل أن عددا من المؤسسات تشتغل بنظم خاصة، ولا يربطها بأطرها أو مستخدميها أي علاقة توظيف مباشرة، لكن بالنظر لأن قطاع التعليم شأنه مثل قطاع الصحة والقضاء، باعتبارها قطاعات حيوية في المجتمع، فكان بالأحرى الإبقاء على التوظيف المباشر، لأنه ليس هناك سبب لإلغائه.
بالنسبة لنظام التعاقد في التعليم، فهو يعود للتعاقد الذي تم بين المعنيين بالأمر والأكاديميات الجهوية. وبالرجوع للعقود سنقف على مدى التزام كل طرف بما نص عليه العقد، وكذا إمكانية تراجع هذا الطرف أو ذاك عن مقتضى من مقتضياته، ما دام الأصل هو التعاقد، لينقلب مطلب الأساتذة اليوم إلى التوظيف في سلك الوظيفة العمومية. لذا فاختيار الحكومة لهذا النّظام لإعماله في ما يخص توفير الموارد البشرية لقطاع التعليم بالمغرب، حظي بقبول المترشّحين سنة 2016 الذين هم اليوم أساتذة.
اليوم الأساتذة يعتبرون أن هذه العقود تتّسم بالتّعسف، وتعطي سلطة كبيرة لمديري الأكاديميات. ومن خلال الاطلاع على مقتضيات هذه العقود نلاحظ أنها تتميز بتعسف واضح وتمنح سلطة واسعة لمدراء الأكاديميات من حيث فسخ العقد وطرد الأساتذة، وهي من النقط التي أفاضت الكأس. ولهذا يرى الأساتذة أن هناك نوعا من اللااستقرار الاجتماعي، وأوضاعهم مهددة بين الفينة والأخرى، مما جعلهم يصفونها بعقود الإذعان. بخلاف لو كان الوضع مرتبطا بقانون الوظيفة العمومية، سيكون هناك ضمان للاستقرار، وبالتالي حتى هذه العقود المبرمة ليست عقود شغل خاصة، لأنها لو كانت كذلك، لخضعت لمدونة الشغل، وإنما هي عقود تخضع لنظام خاص، فيه مزيج بين مقتضيات خاصة وأخرى تتعلق بنظام الوظيفة الأساسية. فمثلا في نظام الحماية الاجتماعية يخضعون لنظام «كنوبس» ولو كانوا في نظام خاص سيخضعون للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بالمقابل هناك مقتضيات أخرى تحيل على نظام الوظيفة العمومية تتعلق بالتنقيط والترقية وغير ذلك. فاختيار الدولة لهذا النّظام تم وفق مقاربة لا هي تميل لعقود شغل خاصة بشكل صريح تخضع لمقتضيات مدونة الشغل، ولا لتميل لعقود التّوظيف بالقطاع العام المتعارف عليها.
بالنسبة لسؤال إمكانية الانتقال من نظام التعاقد الذي يخضع له هؤلاء الأساتذة إلى نظام الوظيفة العمومية، فإن العقود المبرمة معهم نصت صراحة على عدم الإمكانية في هذا الانتقال، وبالتالي إذا كانت هناك من منازعة قانونية، يجب أن تنصب على تعديل هاته العقود بالشكل الذي تصبح معه إمكانية التوظيف بمقتضاها مثلا بعد قضاء مدة معينة أو أي شيء من هذا القبيل.
لكن مما لا شكً فيه أن البنود وًالمقتضيات التي تسري على علاقة الأطر بالأكاديميات تمّت وفق اتفاق تعاقدي في شكل عقد بين الطّرفين، وبالتالي فهي مشمولة بذلك لاسيّما أن من بين بنودها نجد الإشارة إلى عدم إمكانية التوظيف من خلال هاته العقود، الأمر الذي ينبغي معه أن تنصبّ المطالبة أساسا على تعديل هاته الأنظمة بالشّكل الذي سيسمح بإمكانية التّوظيف بمقتضاها.
 
*شعيب حارث، باحث في القانون وعلم الاجتماع