الخميس 28 مارس 2024
منبر أنفاس

عبد الرحيم هريوى: ويبقى الكتاب هوية وتراث وحياة للماضي والحاضر والمستقبل للشعوب..!!

عبد الرحيم هريوى: ويبقى الكتاب هوية وتراث وحياة  للماضي والحاضر والمستقبل للشعوب..!! عبد الرحيم هريوى
ويبقى للكتاب مكانته ورمزيته لمن يعشق رائحة أوراقه العطرة، وقيمته المثلى لدى الأمم الراقية والمتحضرة، أو التي تبحث لها عن قدم موطئ و ثابت على أرض ثقافية صلبة ، وهي تعطي للإنسان في أوطانها إنسانيته وحقوقه وحريته في الاختيار، وبذلك يساهم الوطن الحقيقي  في منسوب وعيه المجتمعي والثقافي والسياسي كلية ..!
وحين تهتم الأوطان بثقافة مركزية الكتاب، وتبدأ أول خطواتها نحو بناء إنسان المستقبل، لا بد من أنها ستجني ثمار مبتغاها ولو بعد حين، لأن أي حضارة إنسانية مضت، ارتكزت على الكتاب والقراءة معا ، والدليل من تاريخ البشرية جمعاء ،وكل الأشياء التي كانت مع المورو بالأندلس المفقودة، قد تمت إبادتها إلا المدخرات العلمية من الكتب، حينما فرضت قوانين الكنيسة الصليبية بدعم من الملكية بين سنوات 1585/1595 ** على ما بقي من المدن الساحرة بمعمارها الأندلسي، وببصمة حضارة إسلامية راقية، بكل من مدينة طليطلة وٱشبيلية وغرناطة والخيرالدة،  وقد كان هدفهم حينذاك ، طمس هوية الأندلسيين على أرض شبه الجزيرة الإيبيرية. وطرد المسلمين لما وراء البحر نحو شمال إفريقيا، كي يتخلصون منهم بصفة نهائية، وبطريقة يعجز اللسان عن وصفها، كما سردها لنا الروائي المغربي الكبير حسن أوريد في رواياته التاريخية "الموريسكي" ..!! 
وهو يقول:" إننا ورثة حضارة عظيمة،يا بني،كما يدل على ذلك جمال قصور الحمراء ،وجلال الخيرالدة، وروعة جامع قرطبة،وإنسانية ابن عربي، وعقلانية ابن باجة وابن رشد "
لقد وصلت بهم درجة الاضطهاد والقمع العنصريين للمسلمين والمسلمات، أطفالا وشيوخا ونساء وعجزة، أو المحمديين كما كانوا يسمونهم لأتِّباعهم دينه وملته، بمحاربة هويتهم وقطع جذورهم من الأساس، حتى في طهي وجبة الكسكس نهار الجمعة، والصلوات الخمس خفية في بيوتهم ، وامتلاك المصاحف للكتاب المقدس، واللباس الإسلامي والأسماء المحمدية..!!
فلننظر إلى أوج التعصب الديني وخطورته، ومحاربة للحضارة الإسلامية بشتى الطرق ،و هي في طريقها للانحطاط الكلي.
وقد عمدوا إلى محق ذاكرة الموريسكيين بأرضهم الأندلس ،التي عَمَّرُوها وعاشوا فوقها لقرن من الزمان ، بحرق كل المكتبات إلا ما يفيدهم مستقبلا لبناء حضارة الغرب بعد ٱختفاء الأمبراطورية العثمانية حينذاك " رجل أوروبا المريض "، ولقد كان دين الإسلام في نظرهم هرطقة..!!
"لكن الطبيعة الإنسانية فطرت على أن القوي لا يرى نفسه ملزما باحترام التزاماته "**
لقدحرقوا..نهبوا..اغتصبوا..هجَّروا..طردوا..طمسوا.. !!
" يابني، ليست الأندلس وحدها ما أضعناه، الأنكى من ذلك، أننا بصدد إضاعة الإسلام.ما الذي يبرر استعباد المسلم لأخيه مسلم؟؟ (1)
لكنهم احتفظوا بالدَّخائر العلمية للمفكرين الكبار المسلمين الذين بنوا مدنهم وأبدعوا في هندستها بمرجعية الكتاب، وبالقلم وما كانت تسطره عقولهم ويبدعه ذكائهم .وما حرقوا مدخرات ٱبن سنا وابن رشد ..!!
لذلك نقول : لا حضارة ترجى لأمة لا تهتم بالقراءة والكتاب، وتركيا اليوم تعود بقوة لأنها اعتنت بالكتاب ،وعالمه الشاسع المفيد للبشرية جمعاء،حتى أن جيوش النظافة بمدنهم جمعت الكتب المرمية في القمامة، وبعدها أسست من خلال العدة الكافية من تلك الكتب، مكتبة قائمة الذات ،خصصت في أول الأمر لعائلات المستخدمين في النظافة، لتفتح أبوابها فيما بعد للعموم،وقد تجاوز عدد كتبها الستة آلاف كتاب..!!
لذلك نقول:
بأنه  في غياب الكتاب،وسلطته ومكانته الثقافية والعلمية تصير الأمم البشرية فاقدة لدورها الكبير بل أجساد بدون روح. لأن الكتاب هوية وتراث وحياة الماضي والحاضر والمستقبل..!!
..........
(1/ عن رواية الموريسكي للكاتب المغربي حسن أوريد).