الخميس 28 مارس 2024
منبر أنفاس

الداودي: بعد أن كان سرا صراع جناحي العسكر بالجزائر يطفو إلى السطح

الداودي: بعد أن كان سرا صراع جناحي العسكر بالجزائر يطفو إلى السطح عبد العزيز الداودي
من هو الحاكم الفعلي بالجزائر؟ سؤال لطالما تم ترديده على نطاق واسع من طرف المهتمين بالشأن الجزائري وإذا كان هناك اجماع على أن العسكر هو صانع الرؤساء وهو الحاكم الفعلي لكن مع ذلك هناك جناحين لهذه المؤسسة واحدة فرنكفونية وأخرى تصف نفسها بأنها من أبناء الثورة وذات ثقافة عربية.طبعا الصراع بين الجناحين ليس وليد اللحظة بل له امتداد في التاريخ المعاصر للجزائر وتحديدا بناء على اتفاق بومدين مع الجنرال دوغول لسنة 1964 حيث انضم إلى جيش التحرير فئة كانت تعمل بالجيش الفرنسي تسلقوا الرتب بسرعة ليصبحوا فيما بعد جنرالات فرنسا بالجزائر. ولأن عسكر الجزائر بقي وفيا لعقيدته المبنية على التصفية الجسدية خدمة للمواقع ومراكز النفوذ فلا بأس من التذكير بالطريقة المشبوهة التي مات بها الرجل القوي في الجزائر الجنرال القايد صالح والذي كان رئيسا لاركان الجيش وترك في وقت سابق الأمن والاستخبارات مكرها للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة قبل أن تنقلب الموازين بفعل حراك الجزائر ويستغله القايد صالح لتصفية خصومه العسكريين في جهازي الأمن والمخابرات العسكرية والزج بهما في السجن ثم خلف من بعده الجنرال شنقريحة الذي قلب الطاولة مرة أخرى على جناح القايد صالح بافراجه على الجنرال توفيق رجل المخابرات القوي وبسماحه بعودة الجنرال خالد نزار من اوروبا والذي كان مدانا بقضايا تتعلق بالفساد وبتهريب أموال عمومية وقبل ذلك تمت تصفية الجنرال سليم قرادة المحسوب على جناح القايد صالح ووجد عمار بوسيسي مذبوحا بسيارته ولو كانت هذه الأحداث معزولة لتم توجيه الاتهام لايادي خارجية وقد تتهم دول الجوار وخاصة المغرب بزعزعة استقرار الجزائر عن طريق قتل جنرلاتها. وإذا كان التاريخ يعيد نفسه مرتين مرة في المأساة ومرة في الملهاة فانه في الجزائر لا يعيد نفسه إلا في المآسي لأننا باستحضارنا للتاريخ المعاصر للجزائر يتبين لنا أن الثورة لا تأكل أبناءها ولكن في المقابل العسكر كالقطة لا تجد أدنى حرج في أكل ابنائها على اعتبار أن الهواري بومدين انقلب على أحمد بن بلة في انقلاب عسكري سماه ثورة ثم بعد وفاة بومدين عين الجيش الجزائري الشادلي بنجديد ليحكم الجزائر بالرغم من أن أبرز المرشحين كان آنذاك هو محمد الصالح اليحياوي احد  الشخصيات الكاريزمية في حزب جبهة التحرير . وبعدها وبإيعاز من العسكر أجبر الشادلي بنجديد على تقديم استقالته بعد أن كانت الجبهة الإسلامية للانقاذ قاب قوسين أو أدنى من الحسم في السلطة السياسية بناءا على نتائج الانتخابات التشريعية في تسعينيات القرن الماضي وجيء بعدها ببوضياف الذي اغتيل هو الآخر بعنابة بعد ستة أشهر فقط من توليه الرئاسة لتدخل الجزائر في دوامة من العنف دامت اكثر من عشرة سنوات وخلفت أزيد من 126000 قتيل ناهيك عن آلاف المفقودين.
ليامين زروال هو الآخر لم ينجو من المناورات وقدم استقالته تحت ظغط العسكر ووحده بوتفليقة هو من عمر طويلا أو شيء له ان يبقى في كرسيه المتحرك كرئيس صوري لجزائر متحكم فيها من طرف جنرالات لا ولاء لهم لوطن بل ولاءهم لاستغلال السلطة ومواقع النفوذ.