الخميس 25 إبريل 2024
فن وثقافة

قصة سيناريو فيلم "سيكا"حول قضية الصحراء للمخرج ربيع الجوهري

قصة سيناريو فيلم "سيكا"حول قضية الصحراء للمخرج ربيع الجوهري "قضية الصحراء هي قضية وجود وليست حدود"
أنهى المخرج ربيع الجوهري والمنتج مصطفى بوحلبة تصوير فيلم "سيكا" المطول حول قضية الصحراء المغربية.
كتب ربيع الجوهري السيناريو سنة 2006، ولم يكتب له الخروج إلى الوجود لما يتطلبه من ميزانية لم يستطع توفيرها مكتفيا فقط بإخراج الفلم الوثائقي واسع الانتشار "تندوف، قصة مكلومين" (أول فيلم وثائقي سينمائي يعالج موضوع الأسرى المغاربة الذين عاشوا أكثر من ثلاثة و عشرين سنة بمعتقلات تندوف) بإمكانيات بسيطة منتظرا فرصة الفيلم للخروج، إلى أن قرأ السيناريو المنتج مصطفى بوحلبة وهو سينمائي اشتغل في أفلام عالمية سنوات عديدة، واشتغل في ما يزيد عن خمسين فيلما بورزازات والمناطق المجاورة، إذ راكم تجربة سينمائية ليست بالهينة، بل كان ربيع الجوهري يضيف إلى هذا السيناريو و ينقحه بين الفينة و الأخرى كأن أدخل فيه حدث نزع المايك مثلا الذي حدث سنة 2013 بجنيف، و لما قرأ المنتج مصطفى بوحلبة السيناريو، تحمس كثيرا لتصويره وسارع في إنتاجه مؤمنا بضرورة المساهمة بمادة فنية في موضوع القضية الوطنية.
وقصة السيناريو تروي الروابط المتينة بين سكان الشمال والجنوب، وكيف أنه من الصعب تفرقة الأمازيغي عن العربي، فجيوش المقاوم الشيخ ماء العينين مثلا معظمها كان من قبائل سوس الأمازيغية، بل تتخلل مناطق الصحراء قبائل أمازيغية والدليل هو أسماء الأماكن بما فيها "تندوف" و التي تعني "برج المراقبة" باللغة الأمازيغية...
ويقول ربيع الجوهري، مخرج فلم "سيكا" أن الفيلم: "هو تأويلي الشخصي لمقولة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حينما قال بإحدى خطبه أن "قضية الصحراء هي قضية وجود وليست حدود"، فلقد أثارتني هذه المقولة بحكمتها وعمقها و تلخيصها لهذا الصراع الاستعماري المفتعل. ويضيف بأن الفيلم هو "محاولة مني لترجمة هذه المقولة الحكيمة على شكل صور إبداعية، أو بالأحرى أعطتني هذه المقولة إلهاما قويا أخذني في رحلة البحث عن قضية الوجود هذه المرتبطة بالصحراء المغربية".
هذه المقولة دفعت بربيع الجوهري أن يستحضر شذرات من هذا الصراع من خلال رؤية ذاتية تتعلق بتجربته الشخصية والتي تنقسم إلى شقين، شق نظري بحثي و شق ميداني معاش، فأثناء تواجد المخرج ربيع الجوهري بالعديد من المهرجانات العالمية كمهرجان حقوق الإنسان بجنيف على سبيل المثال لا الحصر، كان "ربيع الجوهري يدخل في سجالات فنية و فكرية مع مخرجين إسبانيين و فرنسيين عرضوا أفلامهم لتمويه الرأي العام العالمي حول موضوع الصحراء المغربية، فمثلا في مهرجان جنيف لسنة 2013 تحدى الدكتور ربيع الجوهري المخرج الإسباني ألفارو لونغوريا Alvaro Longoria حين عرض في فيلمه من بطولة (راوي الفيلم) الممثل خافيير بارديم Javier Bardem أن سكان الصحراء المغربية لا علاقة لهم بسكان شمال المملكة، مغيبا إما عن قصد أو عن جهل الروابط العائلية و النسبية و العرقية و الدينية و الثقافية و التاريخية التي لازالت متينة إلى يومنا هذا، معلومات مغلوطة كهذه دفعت بالدكتور ربيع الجوهري أن يتحدى مباشرة المخرج الاسباني بأن يأتي بدليل واحد حول ما يقوله.."
وأضاف ربيع الجوهري "...لقد عرض في فيلمه و أثناء نقاشه مع الجمهور أن سكان الصحراء هم عرب خالصي العرق فجأة وجدوا بالمنطقة قبل قرون مخفيا أو جاهلا بكيفية وظروف هذا التواجد، وأن سكان الشمال هم أمازيغ نزلوا منطقة الصحراء بعد الاستعمار الاسباني فاحتلوا العرب، و هذا ما جعلني أواجهه بالحقيقة و هي أن العديد ممن كان يسانده من البوليساريو هناك في جنيف كانوا يتحدثون الأمازيغية في دليل صارخ على أن المغربي لا يمكن تقسيمه بهذه السهولة ما جعل وجه (لونغوريا) يحمر بشدة، بل زاد ارتباكه عندما واجهته بأن قبيلة الركيبات والعروسيين و غيرها من القبائل الصحراوية تعود أصولها إلى المولى عبد السلام بن مشيش (دفين جبل العلم بشمال المغرب بعيدا عن إسبانيا فقط ببضعة كلومترات) الذي عاش في القرن السابع للهجرة و الثالث عشر للميلاد، أي قبل الاحتلال الاسباني للصحراء و أيام الخليفة الناصر لدين الله الموحدي، و ما عبد السلام بن مشيش إلا حفيد المولى ادريس، أي باختصار فسكان الصحراء أدارسة اختلطوا بالأمازيغ الذين قطنوا المنطقة قبل التواجد العربي، و عندما استرسلت بشرح الحيثيات التاريخية، التي أثارت ضجة بالقاعة، طلبت مني امرأة فرنسية مدعمة للبوليساريو التحدث باللغة الفرنسية، فأجبتها لماذا؟ والكل يتحدث بالانجليزية؟ فردت علي لأنني مغربي يجب أن ألتزم باللغة الفرنسية، فقلت لها ولماذا المخرج والكل يتحدثون الانجليزية و لم تطلبي منهم التحدث بالفرنسية، ففهمت مرادها من خلال ذلك، لأن حججي كانت دامغة و بدأت ضجة يحدثها أجانب من آسيا و دول لا تفهم الفرنسية و تتواصل بالانجليزية، إذ كان هدفها ألا تصل الحقيقة إليهم... و فجأة و عندما استرسلت باللغة الانجليزية أشرح مغالطات المخرج "ألفارو لونغوريا"، تقدمت إلي فتاة من اللجنة التنظيمية مسرعة كالبرق و نزعت مني المايك، حينذاك رفعت صوتي بالقول:
" ينزع صوتي بإحدى أهم الأماكن التي تعلمنا حقوق الإنسان، أما أنا فيكفي أن أقول لكم، مرحبا غدا لمشاهدة فيلمي، و عقبه سوف لن أقاطع أو أنزع المايك لأحد، بل سأناقش معكم لأنني صاحب حق و صاحب الحق لا يخاف شيئا، بل مرحبا بكم في المملكة المغربية لمناقشة هذا الأمر و سترون أن لا أحد سينزع لكم المايك أو يقاطعكم..."
وحادثة نزع المايك لربيع الجوهري، أدخلها في سيناريو "سيكا" معيدا إياها لأنها من المفارقات الغريبة جدا و التي تفضح أفلام البروباغاندا.
أما فيلم سيكا يقول المخرج "فهو فيلم متشبع كثيرا بمفاهيم تفكك النظرة الاستعمارية التي تستمر في محاولة إضعاف مملكتنا وتقسيمها، فهو فيلم استمد روحه الفكرية من فلسفة إدوارد سعيد و هومي بابا التي تفكك أطروحة الاستعمار والهيمنة و يستمد روحه الإبداعية من فنانين سايروا هذا التوجه و لو ضد بلدانهم الاستعمارية كالفنان السسينمائي "جون لوك جودار" الذي انتفض في أفلامه ضد كل فكرة كولونيالية سائدة...