الخميس 28 مارس 2024
في الصميم

معبر الكركارات ورقة التوت الأخيرة التي تغطي عورة الجزائر!

معبر الكركارات ورقة التوت الأخيرة التي تغطي عورة الجزائر! عبد الرحيم أريري

تعد منطقة الكركارات الحدودية من المناطق المهمة من الناحية الجيواستراتيجية للمغرب، ليس في علاقته مع موريتانيا أو مع الأمم المتحدة لضبط ومراقبة  المنطقة العازلة فقط، بل لكون الكركارات هي المعبر الرئيسي والمحور المهم في علاقة المغرب مع عمقه الإفريقي.

 

من هنا نستحضر أن أي مس بوضع هذا المعبر الفاصل بين المغرب وموريتانيا، هو مس بحق المغاربة والأفارقة على حد سواء في التنقل وفق المواثيق الدولية والقوانين الأممية.

 

ولهذا السبب، كلما اشتد الخناق على الجزائر والبوليساريو (داخليا أو خارجيا) يتم اللجوء إلى الرياضة المفضلة للعسكر الجزائري، ألا وهي دفع عناصر البوليساريو للتحرش بالمغرب في منطقة الكركارات.

 

فحين نستحضر أن موعد إصدار مجلس الأمن الدولي لتقريره حول الصحراء في متم أكتوبر 2020 وطرح القضية المرتبطة بتمديد أو عدم تمديد مهمة المينورسو أو تمديدها لسنة أو ستة أشهر، نفهم سر الاستفزاز الجزائري، عبر تجييش البوليساريو، لإشعال النار بالكركارات وجر المنطقة إلى مربع الأزمة الدولية.

 

هذه اللعبة ليست وليدة اليوم، إذ تمتد إلى أواسط العقد الحالي، وتحديدا عام  2016.

 

لماذا؟

 

لأن الجزائر بمالها ونفطها وإرشائها للمنظمات الحقوقية الدولية وتسخيرها لمكاتب محاماة دولية لملاحقة المغرب في المحاكم الدولية طوال عقد (2005- 2015) لما لم يسعفها هذا التحرش لتسييس ورقة حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية ضد المغرب، عمدت إلى تبني خطة قطع الشريان الاقتصادي الذي يربط المغرب بإفريقيا عبر الكركارات.

 

هذه الخطة تبنتها الجزائر والبوليساريو بمجرد ما أن أعلن الملك محمد السادس يوم 16 يوليوز 2016 عن قرار المغرب بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي في الرسالة الشهيرة الموجهة من طرف الملك إلى القمة 27  للاتحاد الإفريقي التي احتضنتها عاصمة رواندا.

ذلك أن قرار الملك محمد السادس أحدث دوخة في العقل الجزائري الذي صعق فسعى(عبر البوليساريو) إلى استفزاز المغرب في هذا المعبر الاستراتيجي.

وأول ما فعلته الجزائر أنها أعطت التعليمات للبوليساريو يوم 25 غشت  2016 لخرق وقف إطلاق النار.

ويوم 30 غشت من نفس السنة أرسلت البوليساريو دوريات عسكرية لاستفزاز عمال مغاربة يعملون في ورش تعبيد طريق الكركارات في المقطع الفاصل بين المغرب وموريتانيا، وهو التعبيد الذي قام به المغرب في إطار تطهير المنطقة من تجار المخدرات من جهة، وضمان انسياب تنقل  الشاحنات والسيارات (من وإلى إفريقيا) من جهة ثانية.

 

المغرب ظل يراقب الاستفزاز ويخبر المنتظم الأممي، إلا أن ذلك لم يثن البوليساريو على الاستفزاز فقامت ميليشياتها يوم 18 دجنبر 2016 باعتراض شاحنات مغربية محملة بالفواكه والخضر كانت متجهة إلى موريتانيا.

ويوم 29 يناير 2017، تم اعتراض سيارات مغربية على نفس الخط.

ومع ذلك لم يتدخل المغرب عسكريا لسحق البوليساريو، لأنه كان يرتب للالتحاق الرسمي بالاتحاد الإفريقي، وهو الالتحاق الذي تم رسميا يوم 30 يناير 2017 .

تزامنا مع هذه الفورة الديبلوماسية للمغرب، قام الملك محمد السادس بجولة  كبيرة في دول إفريقية (غانا-زامبيا- غينيا-الكوت دي ديفوار) انطلقت يوم 17 فبراير  2017.

وهو ما زاد من حنق العدو بشكل جعل وزير دفاع البوليساريو يصرح لمنبر موريتاني يوم 20 فبراير 2017 بأن "الوضع قابل للانفجار في أي لحظة" وبأن "جيشنا كله في حالة استعداد واستنفار".

 

ويوم 24 فبراير 2017 تم الاتصال الهاتفي بين الملك محمد السادس والأمين العام الأممي غوتيريس، حيث أطلع الملك المسؤول الأممي على الوضع مطالبا إياه بـ "اتخاذ الإجراءات العاجلة واللازمة لوضع حد لهذا الوضع غير المقبول"، أي التوغلات المتكررة والأعمال الاستفزازية لعناصر البوليساريو. واعتبر الملك أن ما يجري "يهدد بشكل جدي وقف إطلاق النار ويعرض الاستقرار الإقليمي للخطر".

 

وفي 23 مارس 2017 بدأت البوليساريو من الانسحاب من الكركارات.

وها نحن اليوم (شتنبر 2020)، نشاهد كيف عادت الجزائر والبوليساريو إلى نفس اللعبة بإرسال فيالق عسكرية إلى المنطقة العازلة بالكركارات بالتزامن مع قرب اجتماع مجلس الأمن في متم أكتوبر 2020 للبت في تمديد ولاية المينورسو من جهة، وللتشويش على نجاحات المغرب في الأزمة الليبية ومالي من جهة ثانية.