الأربعاء 1 مايو 2024
مجتمع

قرار محكمة القدس ضربة للإتهامات المشكوك فيها المنسوبة للشركة الإسرائيلية المتخصصة في الأمن المعلوماتي NSO

قرار محكمة القدس ضربة للإتهامات المشكوك فيها المنسوبة للشركة الإسرائيلية المتخصصة في الأمن المعلوماتي NSO عمر الراضي في صورة تركيبية مع شعار" أمنيستي"
حاولت منظمة أمنيستي إدانة شركة إسرائيلية متخصصة في برمجيات الأمن المعلوماتي بدعوى تسهيل ارتكاب خروقات لحقوق الإنسان، من خلال السماح بعمليات مراقبة غير قانونية أو مخالفة للأخلاقيات نفذتها دول مختلفة غير غربية ضد معارضين ومنتقدين.
القضية التي لا ترتكز على وقائع متينة كانت تنهار في كل مرة تثيرها أمنيستي.ونفس الدلائل الضعيفة أو غير الموجودة لم تقنع مرة أخرى محكمة القدس التي تقدمت أمنيستي بالدعوى أمامها مطالبة بسحب ترخيص الاستغلال من الشركة.
ورغم أن شركة NSO فاعل مهم ومعروف في مجال الأمن المعلوماتي، فإنها أصبحت محور اهتمام متزايد بعد مقتل جمال خاشقجي، الناطق الرسمي السابق باسم الحكومة السعودية والكاتب الصحفي في صحيفة الواشنطن بوست الذي قتل في ظروف غامضة داخل القنصلية السعودية في اسطنبول سنة 2018 .آنذاك اتهمت أمنيستي شركة NSO بمد الحكومة السعودية بوسائل مراقبة خاشقجي وهو ما لعب، حسب أمنيستي، دورا في اختفاءه.
لكن أمنيستي لم تشرح كيف لبرنامج أمني مقنن بصرامة أن يتواجد بالسعودية ، وكيف نفدت عمليات المراقبة بواسطة برنامج Pegasus الذي يصعب مراقبته وتتبعه والمتواجد في 45 دولة عبر العالم.
عندما تم التخلي عن هذه الإتهامات سارت أمنيستي على خطى محققي رويترز الذين أكدوا أن الإمارات العربية المتحدة المنفتحة أكثر فأكثر على العلاقات التجارية مع إسرائيل، استعملت نفس البرنامج المعلوماتي من أجل مراقبة وقرصنة عدة أهداف لغريمتها ومنافستها الإقليمية دولة قطر، وكذا العديد من أفراد المعارضة الإسلامية...ومرة أخرى لم تقدم أمنيستي أي دليل تقني أو غيره لإثبات استعماله.
وبعد حملة إعلامية وجيزة توارت بشكل غريب أصوات من كانوا يزعمون انهم كانوا ضحايا لهذه التقنية.
بعد ذلك اتهم جيف بوزوس، مؤسس أمازون ومالك صحيفة الواشنطن بوست ، ولي العهد السعودي بأنه شخصيا قرصن هاتفه عبر الواتساب باستعمال pegasus .وكان جزء من الفريق الأمني لبوزوس ،والذي لم يسبق أن وصل تقنيا إلى الهاتف المقرصن المزعوم ،كان منسقا آخر يتقاسم إيديولوجية معادية لإسرائيل وموالية للإخوان المسلمين.
وحاولت أمنيستي استغلال هذه القضية لكن حتى صحيفة الواشنطن بوست تراجعت نظرا للغياب الكبير للأدلة.
واستمرارا على نفس النهج ودون كلل تحولت أمنيستي مؤخرا نحو المغرب الذي تستهدفه منذ مدة اتهامات بوجود خروقات لحقوق الإنسان. بالنسبة للمغرب تزعم أمنيستي أن الحكومة المغربية التي ليست لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، تمكنت بطريقة ما من الحصول على برنامج pegasus واستعملته في التجسس على هاتف الصحفي المعارض عمر الراضي كواحد من بين الآلاف بل وعشرات الآلاف من حالات التضييق والتجاوزات ضد الصحفيين عبر العالم. ولم تشرح أمنيستي لماذا تهتم الرباط إلى هذا الحد بعمر الراضي الذي لا يكاد إسمه يتجاوز المغرب وتفعل كل ما في وسعها للحصول على برنامج تجسس إسرائيلي لتتبع تحركات هذا” المعارض”؟؟
لكن المهم هو أن تركيا -أول سجان للصحفيين في العالم والبلد الذي يقيم علاقات مع رسمية مع إسرائيل- لم توجه لها مثل هذه الإتهامات رغم ما يثار من تقارير عن مدى تحركات مصالحها الإستخباراتية التي يصل مداها إلى القدس الشرقية وأوروبا وحتى المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية.
وماتقدر الإشارة إليه كذلك هو أن قطر الدولة الوحيدة المتابعة بكونها تجسست وقرصنت حسابات وهواتف معارضين سياسيين مع وجود أدلة على وجود ارتباطات مع جماعات ضغط في الولايات المتحدة ونشر مراسلات متحصلة بطرق غير مشروعة وهو ما أدى إلى استعمال برنامج pegasus الذي يبدو أنه يحظى بتشجيع الغريمين السعودية والإمارات وشريكه التجاري المغرب.
مسألة أخرى مثيرة في هذا الملف وهي أنه من خلال وثائق المطابقة الموضوعة. لدى FARA (Foreign Agents Registration Act) فإن مجموعة NSO/Q cyber Technologie تتشارك نفس شركة الضغط المتهمة بالمشاركة في هذه العمليات Mercury Public Affairs LLC مع سفارات قطر وتركيا في واشنطن.
هي صورة تظهر من خلالها منظمة أمنيستي توجه الإتهامات المناوئة لقطر وتركيا باستعمال هذه البرنامج لمراقبة المعارضين وغيرهم الذين لا يشاطرون قطر وتركيا مواقفها، بينما أنقرة والدوحة وحلفاؤهما الدوليين والإقليميين مثل باكستانو ماليزيا أو عدة دول إفريقية لا تثير مثل هذه المراقبة .
ماهي مكانة المغرب في هذه اللوحة؟ هل هو محاولة استعمار جديد من جانب أمنيستي ؟ فهذا لا يفسر عدم اهتمامها بالنسبة لمختلف الأنظمة الإفريقية المتسلطة ،ولا عدم قدرتها على التعليق على ما تحقق من تحسن في مجال حقوق الإنسان بالمغرب..وهو لا يفسر أيضا عدم اهتمام أمنيستي بالجزائر المستعمرة السابقة المناهضة لأمريكا وإسرائيل،بينما المغرب الموالي للغرب يتعرض لانتقادات المجتمع الدولي في مجال حقوق الإنسان...اليوم أمنيستي تتهم المغرب بشن حملة تشهير ضدها بعدما نفى المسؤولون المغاربة تلك التهم منبهين إلى سوابق المنظمة فيما يخص الحياد وازدواجية المعايير.
لكن الأهم هو رغبة أمنيستي الإرتكاز على أدلة مفبركة أو غير موجودة وقد تم رفض طلبها بسحب NSO تم يوم 13 يونيو2020، عندما اعتبرت محكمة القدس أن الطلب لم يقدم ما يكفي من الأدلة لإثبات أن التكنولوجيا المقدمة من طرف NSO كانت تستعمل للتجسس على مناضلي أمنيستي..فلو قبلت المحكمة دعوى أمنيستي فهذا سيعني أن على الشركات الإسرائيلية أن تخضع لتوصيات أمنيستي لتزويد زبناءها الخواص وهو يعني أيضا أن أمنيستي تضطلع بسلطات الحكومة الإسرائيلية في تنظيم، ليس فقط صادرات المنتوج، بل أيضا في عمليات تجسس ترمي لمراقبة الإستعمال الصحيح لتكنولوجيا وهو أمر يتحدى المنطق والرأي السديد.
(...)وهكذا يدعم قرار المحكمة الإسرائيلية موقف المغرب فيما يتعلق بتقرير 22يونيو مليء بالمغالطات ودون حجج.....:
وتواجه NSO كذلك دعوى قضائية من طرف فيسبوك الذي يدعي أن البرنامج تسلل إلى مجموعات واتساب واستهدف آلاف المستعملين .ويقول دفاع NSO أن الشركة الإسرائيلية لا تتعامل إلا مع فاعلين مؤسساتيين يستعملون برنامج Pegasus لأغراض الأمن القومي وهو ما يعني موافقة الحكومة الإسرائيلية وأن البرنامج يستهدف مواجهة تهديدات مشروعة للأمن مثل الإرهاب وخلايا الجريمة المنظمة.