الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

التهاني يشرع نوافذ "مدارات" على مسار وتجربة الكاتب والناقد سعيد يقطين

التهاني يشرع نوافذ "مدارات" على مسار وتجربة الكاتب والناقد سعيد يقطين الكاتب سعيد يقطين (يمينا) والزميل عبد الإله التهاني

نوه الكاتب والناقد سعيد يقطين، الذي حل ضيفا، مساء يوم السبت 20 يونيو 2020، على برنامج "مدارات" بأهمية توثيق كل حلقات البرنامج التي ساهمت في إضاءة مسار العديد من الكتاب والأدباء والباحثين والمفكرين والإعلاميين. على اعتبار يقول ضيف الزميل عبد الإله التهاني في مدارات "أن الذاكرة الإعلامية يجب أن تكون حاضرة في ثقافتنا لأنها تلعب دورا أساسيا في تقديم المعرفة للمتلقي وسبر أغوار شخصيات الفكر والثقافة، مما يستدعي تدوين الحلقات في كتاب.. ولم لا إصدارها كذلك في تسجيل صوتي للاستفادة من هذه المدارات الثقافية والفكرية".

 

الزميل عبد الإله التهاني معد برنامج "مدارات" سلط الضوء على العديد من اهتمامات الكاتب والناقد سعيد يقطين، الذي ساهم في الساحة الفكرية بأكثر من 22 كتاب من تأليفه، فضلا عن نشره للعديد من المقالات والأبحاث العلمية بالجرائد والمجلات المتخصصة وطنيا وعربيا، بالإضافة إلى مساهماته القيمة في التراث الأدبي العربي، أو على مستوى انشغاله بالثقافة الشعبية، ورؤيته لبعض القضايا الفكرية والتربوية.

 

سعيد يقطين لم يتردد في الإفصاح عن أن بداية تشكل علاقته مع القراءة انطلقت من "أول تماس كان مع نص القرآن الكريم، من خلال الاستماع والتعلم والحفظ.. وكان للنص القرآني مساهمة كبيرة في هذه العلاقة..."، ومن ثم جاءت لحظة التعامل مع قراءة "السير الشعبية التي فتحت لي مجالات للتعرف على التاريخ والسرد والخيال الجميل والقصص الشعبية (الغزوات) وفن الحلقة كرافد تراثي".

 

وعن خصوصية الإنتاج المغربي على مستوى الرواية قال سعيد يقطين "الرواية المغربية أعتبرها متصلة بالإنتاج العربي... هي رافد، وامتداد وتطوير لها.."؛ مؤكدا على أن الرواية المغربية لها مكانتها في المشهد الثقافي بدليل "تكريم المغاربة في المحافل العربية والأجنبية دليل على أن للرواية المغربية أفقا واسعا نحو المستقبل".

 

وعلى مستوى البحث قال يقطين "ما زلت أعمل على تطوير مشروعي العلمي.. والخيار المنهجي كان واضحا منذ البداية في مختبري النقدي".. وأوضح بأن النص المترابط هو عبارة عن "عقد وعن بنيات.. وأن تلك العقد تنطلق من عقدة إلى عقدة بواسطة روابط"؛ مصرا على أن مصطلح "النص المترابط" هو المناسب مقابل "النص المتشعب أو المتفرع".

 

وعن مسألة الترجمة قال الكاتب يقطين "أعتبر الترجمة مقوما دالا على عالمية النص الأدبي..."؛ لكن بالمقابل قد تكون "العديد من النصوص الأدبية العربية والتي لم يتم التعرف عليها هي من مستوى عالمي".. مشددا على أن "النصوص عندما تترجم يتم تجاوز لحظة حفل توقيع الكتاب وتقديمه للصحافة وينتهي الأمر" على اعتبار أن "الترجمة للغات أجنبية متعددة هي التي يمكن أن تضع عالمية الرواية العربية في موقعها".

 

وبشغف كبير تحدث يقطين عن منجزه في السير الشعبية (سيرة سيف بن دي يزن)، التي اعتبرها الزميل عبد الإله التهاني من ذخائر العجائب العربية، حيث أكد الكاتب على أنها تضم "كل ما نجده متفرقا في كتب التاريخ والجغرافيا والأخبار والرحلات..." مضيفا "الراوي اختار فترة تاريخية قبل الإسلام للانتقال في الفضاءات المختلفة، وتوظيف كائنا فوق خيالية.. وكل ذلك صاغه الراوي صياغة تدل على خيال قوي جدا".. في هذا السياق قارن يقطين بين هذه السيرة العجائبية وبين المنتوج السينمائي العالمي الذي يوظف الخيال العلمي فقال: "للأسف، ما نجده في السينما العالمية من منجزات للكائنات فوق الخيالية لن يصل إلى ما تزخر به السير الشعبية".

 

وتحدث ضيف حلقة مدارات عن الثقافة الشعبية التي خصص لها عدة كتابات ومقالات، مؤكدا على أنه "يعتبر السير الشعبية من أهم النصوص السردية العربية والعالمية.. وأطولها نصوصا (الأميرة ذات الهمة، والأمير بيبرص نموذجين). ويصف مضمونها بالقول "غزارة الكتابة الخيالية فيها ذات بعد خاص مستمد من الثقافة الشعبية ومن التاريخ... لأن السيرة هي موسوعة حكاية عربية بصياغة شعبية خاصة يخاطب فيها الجمهور العادي للتعرف على الكون".

 

موقف الكاتب والناقد سعيد يقطين من اللغة واضح "اللغة العربية تاريخية وهي لغة الثقافة ويجب أن يكون لها موقعها العالمي"؛ وبأسف شديد قال "هناك من يعتبر اللغة العربية غير علمية.."؛ لكن لا بد من الاعتراف بأن "المغرب دولة تاريخية، قبل فرنسا، وقبل تشكل بريطانيا... المغرب له عمقه التاريخي الذي تأسس على كل ما أنجزه المغاربة منذ الفتح الإسلامي... لذلك فاللغة العربية هي لغة الكتابة ولغة الثقافة.." منتقدا بشدة كل من "لا يعمل على تطوير اللغة العربية العرب يهملون لغتهم لأنهم يريدون أن يبقوا تابعين للآخر". وأوضح في هذا السياق بأن "هناك توجها سياسيا لا علاقة له لا بالتاريخ ولا بالثقافة ولا بالمستقبل... يجب أن نحسم في هذا النقاش لتكون للغة العربية مكانتها في العالم".

 

واستطرد يقطين "أنا مع الانفتاح على كل اللغات، لأن بوساطة اللغة يمكن أن نتطور لكن مع ضرورة تطوير اللغة العربية"؛ مستحضرا اللغة الصينية التي كانت منكمشة ذات زمن، "لقد أصبحت اللغة الصينية عالمية وتدرس في مختلف الجامعات بالعالم".

 

بخصوص المدرسة العمومية التي كانت تنتج النبوغ المغربي والكفاءات الوطنية، ربط سعيد يقطين بين "التفريط في اللغة العربية والتفريط في المدرسة المغربية العمومية"؛ وشدد على أن وزارة التربية الوطنية هي "وزارة سيادة... والمدرسة العمومية هي التي يمكن أن تنتج الأطر والكفاءات المغربية". واعتبر أن المدرسة الخاصة ما هي "إلا جسر للعبور نحو هجرة الوطن للبحث عن الشغل خارج الوطن".

 

وعن الثقافة في المغرب قال ضيف الزميل التهاني بأن "الوهج الثقافي لم يعد كما كان للأسف الشديد.. رغم أن المغرب الثقافي يعرف تنوعا غنيا... عندنا طاقات متعددة في مختلف التخصصات والمجالات... الكفاءات خارج الوطن... المغرب بلد الحضارة والتاريخ ويجب استثمار ذلك بالشكل الجيد".

 

وقبل انتهاء حلقة مدارات قدم الزميل التهامي هذه الأسماء لضيف حلقته فقال عنها:

ـ أمجد طرابلسي: أعتبره أستاذ أجيال المغرب بغزارة علمه.. أحب المغرب والمغاربة.

- محمد مفتاح: هو من أدخل السيميائيات إلى المغرب.. الباحث العصامي الذي ساهم في نشر الفكر الأدبي الحديث.

- محمد ين شريفة: بحاثة النموذج الناذر.. لا يمكن أن تتكرر شخصيته.

- عباس الجيراري: عميد الأدب المغربي الذي كون أجيالا كثيرة من الباحثين؛ أتمنى أن تنشر حصيلة مجالسه وصالونه الأدبي.