الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد بنيس: سؤال الهوية المواطنة في علاقته بـ "التّمْغربيت"

سعيد بنيس: سؤال الهوية المواطنة في علاقته بـ "التّمْغربيت" سعيد بنيس

في خضمِّ تنامي خطاب الكراهية والتنافر واتساع رقعته، خاصّة مع وسائل الاتصال الحديثة، من المستحب التمسك بقيم “التّمغربيت”، والتوحّد تحت لواء الهوية المواطنة، من أجل التصدّي لخطاب الكراهية الذي باتَ تناميه يثير القلق، بتحوّله من العنف اللفظي إلى العنف المادّي. فاعتماد قيَم المواطنة المغربية بديلا لخطاب الكراهية -في علاقته بالتنوع الثقافي والتعدد اللغوي- والاختزال والتراتُبية، يُعتبر مدخلا أساسيا لمواجهة “مقولات الصفاء اللغوي والثقافي والاجتماعي والقبلي والترابي...

 

كما أن من عواقب إعادة مقولات الماضي؛ من قبيل “دولة الخلافة”، و”تامزعا” و”الأمة”... ظهور سلوكات عنيفة مادّية ورمزية، باعثة على خطاب الكراهية وثقافة الإكسنوفوبيا (Xenophobia)، وكراهية الآخر والخوف منه. في هذا السياق يبدو أن الطريقة المُثلى لتقويض خطاب الكراهية هي تبني خطاب المُصالحة المجتمعية عبر الحوار، والارتهان بالزمن الدستوري؛ بإعمال مقتضيات دستور 2011 وإنشاء مؤسسة مستقلة حاضنة للفعل المدني، هدفها خلق تراكم يساعد عل تبنّي خطة وطنية للتصدي لخطاب الكراهية.

 

في المقابل لا يمكن تناول خطاب الكراهية إلا بربطه بمدى تملُّك الفاعلين لأسُس مقولاتِ المواطَنة والتنوع والعيش المشترك والتمازج والرابط الاجتماعي، من خلال اعتماد مقولة التنوع المتكامل؛ وذلك لأن من خلال رصد أنواع خطاب الكراهية في حقل التنوع والتعدد بالمغرب يبدو أنّ هذا الخطاب مُؤسَّسٌ على عنف رمزي يتغذّى على خلق بؤرِ تشنّج هوياتي، عمادُها انتهاج مواقفَ متضاربة وإقصائية، من قبيل الإكسنوفوبيا التي يوصف بها الأمازيغ، والفاشية التي تُلصق بالإسلاميين، والعنصرية التي يُنعت بها القوميون العرب...

 

وتباعا يقابل عودة مختلف الهويات (الثقافية واللغوية والجنسية والدينية والايديولوجبة والرياضية والترابية والقبلية...) تراجع الهوية المواطنة في المغرب. ومن تجلّيات هذا التراجع انعدام السلوك الحضاري في التفاعلات، وحضور فلسفة الكراهية، وغياب معايير التداول حول مسألة التنوع والتعدد، وحَجْب خطاب المصالحة، ووُجودُ وسائل اتصال محتضِنة لخطاب اللاتسامح، إضافة إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية الباعثة على ثقافة العنف والتنافي. ثمّة إذن حاجة إلى “التفاوض والتداول المجتمعي لأنّ إشكالات التعدد والتنوع تُحيل أساسا على قبول الآخر وتُلغي مواقفَ الإقصاء والكراهية وهي محكومة بالقيم المشتركة للتمغربيت” وبدورها في إشاعة ثقافة التنوع وخطاب التسامح والعيش المشترك

 

من هذا المنطلق يستلزم بناء الهوية المواطنة إيلاء الأهمية لإشكالات الرابط الاجتماعي والعيش المشترك، وذلك من أجل تطوير مجتمع مغربي منسجم ومسؤول ومتضامن يعمل على ترسيخ مبادئ ومحددات سياسة هوياتية، هدفها التصدي للإحباط الهوياتي وإرساء مرتكزات التمغربيت والسلم والعدالة الهوياتية والمشاركة في إنتاج وتفعيل صيرورة الدسترة والمأسسة على ضوء ما جاء به دستور 2011.