الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد حمزة : كورونا والحاجة لمقاربة فكرية جديدة للعلاقات بين الكائن البشري والطبيعة

محمد حمزة : كورونا والحاجة لمقاربة فكرية جديدة للعلاقات بين الكائن البشري والطبيعة محمد حمزة
العالم يعيش على إيقاع جائحة كورونا كوفيد 19 الذي يسير على خطى أسلافه، ينذر ويذكر ويعاقب ويطرح حلولا مؤقتة.
هذا الفيروس فرض مغامرة جديدة ، مغامرة في المجهول، مغامرة غير منتظرة.
يقول الصحفي البيئي "ايشن هيزويزكي "في كتابه "تاريخ الأمراض المعدية "، بأن التدمير البشري للطبيعة يأتي من الأسباب الأكثر شيوعا للأمراض المعدية.
الكثافة السكانية التي عرفتها الإنسانية وتقلص الفضاء الحيوي للحيوانات والكائنات الحية الأخرى ، أدى إلى انتشار الأوبئة المنقولة عن طريق الحيونات، وظهرت أمراض معدية جديدة تسببها الفيروسات جديدة او مستجدة .
التغييرات المناخية واكتظاظ الطيور في فضاءات الشتاء، أدى إلى زيادة كبيرة من انتقال فيروسات الطيور. التحضر في جميع أنحاء العالم أدى إلى زيادة الأوبئة والبيئة غير الصحية المكتظة بالسكان أدت إلى الزيادة من انتشارها . 75 في المائة من الأمراض الناشئة تأتي من الحياة البرية يقول مدير البيئة في الأمم المتحدة.
بقول ارون بيرنشتاين الأستاذ الباحث في كلية هارفاد للصحة العامة في الولايات المتحدة، بأن تدمير المجال الحيوي وتغيير المناخ يؤدي إلى استقبال حيوانات ومعهم مستضيفين جدد حاملين معهم الأمراض المعدية .
استنزاف الموارد الطبيعية وتدمير الغابات والتلوث المؤدي إلى الاضطراب في النظام البيئي والمجال الحيوي للحيونات، ينقل إلى الإنسان الفيروسات الجديدة عن طريق الحيوان.
اذا هناك حاجة الآن لإتباع مقاربة فكرية جديدة للعلاقات بين الكائن البشري والطبيعة، بالمرور من مفهوم الاستغلال إلى مفهوم المعايشة أي عكس فكرة التقدم بدون حدود le progrès sans fin le وعكس فكرة الطبيعة الغير القابلة للنفاد بحسب إرث عصر الأنوار.
وهذا يعني إحياء قيم الوحدة الجوهرية الموجودة بين الإنسانية والعالم الطبيعي مثلما هو التضامن كأساس للبناء الاجتماعي.
الاستعجال البيئي ( الاستمرار على قيد الحياة)يتطلب الانتقال من مجرد الوعي البيئي إلى هجوم راديكالي فكري سياسي من أجل تصور تنمية بيئية متضامنة.
إن الوعي البيئي هو مدخل للانتقال إلى نمط إنتاج جديد وحضارة بيئية جديدة تتجاوز سيادة المال وعادات الاستهلاك المصطنعة بالإعلان التجاري والإنتاج اللا متناهي للسلع الضارة بالبيئة.
إن الاستعمال المفرط للموارد الطبيعية لن يمكن من الاستمرار المتواصل للحياة الفيزيائية والبيولوجية.
فالإنسانية لن تواجه النفاذ المستقبلي لبعض الثروات الطبيعية فحسب، بل ستواجه تدمير الموارد الأساسية لحياة الإنسان، كالتربة والماء والهواء والمحيط الجوي والطقس....
العالم الآن يعيش أزمة الاقتصاد (ليبرالي متوحش) وستنتقل إلى أزمة " الانهيار الإيكولوجي "، والمطلوب الآن هو رفع شعار "عالم مستدام " بموازاة مع شعار " عالم متضامن " لبناء استدامة بيئية واقتصادية طويلة الأمد.