الخميس 9 مايو 2024
فن وثقافة

قضية اعتداء قائد تيفلت على صحافيين من زاوية أخرى

قضية اعتداء قائد تيفلت على صحافيين من زاوية أخرى الزميلان سعاد وصيف، ومحمد بوالجيهال
يبدو أن قضية الحادثة التي وقعت بين قائد الملحقة الثالثة بباشوية تيفلت بإقليم الخميسات، والطاقم الصحفي بقناة "تمازيغت" لن تقف عند هذا الحد، فبعد التضامن الواسع مع الصحفي والمصور (سعاد وصيف ومحمد بوالجيهال)، الذي حل بالمدينة في إطار مواكبة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لمستجدات وأحداث ومراحل الحجر الصحي الذي فرضته الظرفية الوبائية ببلادنا. أصدرت جمعيات المجتمع المدني بتيفلت "بيانا تضامنيا مع القائد"، وقعته في فترة الحجر الصحي، وفي ظل جائحة كورونا.
أعلنت جمعيات المجتمع المدني بتيفلت، في بيان لها بتاريخ 08 ماي 2020، عن تضامنها مع قائد المقاطعة الثالثة بتيفليت حول الواقعة بينه وبين الصحفية والمصور من القناة الأمازيغية.
وفي البيان تشهد فيه هذه الجمعيات بالأخلاق النبيلة والحسنة للقائد، ومعاملته الطيبة مع جميع المواطنين داخل الإدارة وخارجها، كما تشهد على الإنجازات التي قام بها داخل المدينة، التي لم يقم بها أي قائد مر عبر التاريخ بالمدينة، والتي خلفت ارتياحا كبيرا في صفوف المواطنين والساكنة عامة... 
وتسرد الجمعيات تفاصيل الواقعة حسب شهود عيان كانوا متواجدين "حسب البيان" وقت الواقعة، أكدوا أن المواطنين تجمهروا بشكل كبير حول الصحفية والمصور الذي كان يحمل كاميرا للتصوير، مما اضطر معه القائد الذي كان يزاول مهنته، للتدخل الفوري لمعرفة سبب التجمهر وتجمع المواطنين المخالف لحالة الطوارئ الصحية، حيث سأل عن الترخيص بشأن التصوير فكانت إجابة الصحفية هي أنها تابعة للدولة، ولم تدل له بأي وثيقة تثبت تعريفها المهني أو تحمل شارة تبين مهنتها. 
ويضيف البيان أن الشهود أكدوا كذلك أن القائد لم يمارس أي عنف أو سب أو شتم في حق الصحفية والمصور حيث كان تدخله في محله لهذا اضطرت الصحفية "حسب البيان" لاستفزازه بكلمة أنا تابعة للدولة ولم تراع ظروف القائد والسلطة المحلية ككل بسبب جائحة كورونا واشتغالهم ليل نهار ولا ينامون إلا ساعات قليلة ويسهرون على خدمة الصالح العام.
انتهى البيان... وعليه نتساءل كيف اجتمعت هذه الجمعيات في ظل الجائحة وفي ظل الحجر الصحي، وتستعمل ورقة لتسرد فيه ما اعتبرته وقائع بشهود، وموقعة من قبل تسعة جمعيات، ألا يشكل اجتماعها والتوقيع على ورقة تهديدا من احتمال انتقال الفيروس، أم أن ذلك يرتبط بحلول اللجنة المركزية الموفدة من الوزارة إلى مقر عمالة إقليم الخميسات والتي أجرت بحثها الدقيق والمعمق، وأصدرت على إثره وزارة الداخلية بلاغ في الحادث، تؤكد أن تدخل السلطة يندرج في إطار فرض مقتضيات حالة الطوارئ الصحية المعلنة. 
وكانت الصحفية قد صرحت الثلاثاء 11 ماي 2020 بانها تعرضت للشتم والسب، وبوابل من الكلام الساقط والصفع من قبل القائد مرتين ودفعها بالقوة والعنف عدة مرات، واعتبرت أن القائد لم يرغب في ممارستهم لمهامهم الصحفية، دون علمه وإعطاءهم الإذن بالتصوير، وبذلك أوقف عملية التصوير باستعماله القوة والعنف، مع محاولة تكسير كاميرا التصوير، الشيء الذي تسبب في إصابة المصور بجروح في يده.
الحادث استأثر باهتمام الرأي العام الذي يتابع عن كثب تطورات القضية، وأثار غضبا واسعا بين نساء ورجال الإعلام، حيث أصدرت مجموعة من الهيأت الوطنية والدولية بلاغات تضامنية، مع الطاقم الصحفي.
وكانت النقابة الوطنية للصحافة، قد عبرت عن إدانتها التامة لهذا الاعتداء، واصفة إياه بأنه همجي، وعبرت عن صدمتها من هذا الفعل الشنيع، والشطط الصارخ في استعمال السلطة، ومطالبة وزارة الداخلية التسريع باتخاذ القرارات اللازمة اتجاه هذا الاعتداء الواضح على حرية الصحافة. 
ومن جهتها عبرت النقابة الوطنية للإذاعة والتلفزيون المنضوية تحت لواء الكونفدرالية العامة للشغل عن استنكارها الشديد للعنف والاعتداء والسب والقذف والصفع الذي تعرض له الطاقم الصحفي من طرف القائد الملحقة الثالثة لمدينة تيفلت وعرب عن تضامنه المطلق معهما كما طالب بفتح تحقيق مستقل ونزيه في هذه الحادثة التي اعتبرها مشينة، كما حذر من استغلال بعض الأطراف لحالة الطوارئ الصحية لضرب الحريات العامة ومنها حرية الصحافة.
وقد نشر فرع شمال إفريقيا لمنظمة مراسلون بلا حدود، بيان تدين فيه عملية الاعتداء على الطاقم الصحافي للقناة الأمازيغية، ومنعوا من تصوير مادة إعلامية بمناسبة شهر رمضان، وأنهم عرضوا أفراده لاعتداء جسدي ولفظي.
كما أدان المنتدى المغربي للصحافيين الشباب واستنكر تعرض الطاقم الصحفي، للاعتداء، واعتبر أن هذا العمل يشكل اعتداء واضحا على حرية الصحافة ويشكل تهديدا لحرية الإعلام في بلادنا، مؤكدا أن الصحافيان قاما بعملهما في إطار الاحترام التام للضوابط القانونية، وكانا بصدد تأدية مهمتهما في الإخبار والتوعية خلال فترة الحجر الصحي وشهر رمضان.
كما ندد المركز الوطني للإعلام وحقوق الانسان، بالاعتداء الذي وصفه بالشنيع على الصحافة، والصحافيين، معبرا عن تضامنه المطلق مع طاقم قناة الأمازيغية، وأدانته للإعتداء على الصحافيين ورفضه إهانة مؤسسة إعلامية وطنية، وسائل الوزير المكلف بقطاع الاتصال و”الوصي” على الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة  عن موقفه من هذا الفعل الهمجي المدان.
بالمقابل عم صمت رهيب في المديرية العامة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة التي تتحمل المسؤولية القانونية في مراسلة السلطات والمصالح المختصة في الولايات والعمالات بحلول طاقم الصحفي ليتمكنوا من تقديم التسهيلات والحماية أثناء أداء واجبهم المهني بحرية ومهنية، كما أن النظام الأساسي للعاملين يحمل المسؤولية لإدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في حماية مهنييها والدفاع عنهم أثناء مزاولتهم لمهامهم. ولماذا لم تصدر المصالح المختصة بلاغا في الموضوع تنويرا للرأي العام، منها مديرية التواصل ومديرية الموارد البشرية ومديرية الشؤون القانونية والمديرية العامة. 
تبقى الصحفية سعاد واصف ومحمد بوالجيهال اللذان أصيبا بأذى نفسي أثناء تأدية واجبهما المهني خاصة وأن الصحفية حامل في شهرها الثاني وقد تعرضت لمضاعفات صحية جراء الحادث، والضحية الثانية في هذه القضية هي صورة المؤسسة "دار البريهي" التي تتوفر على مصالح أكل الدهر عليها وشرب لا تتفاعل لا تتواصل ولا تحمي مهنييها.
كان من الممكن تفادي هذه الواقعة الغير مسؤولة، لو تم استحضار المصلحة العامة، لأن من شأن ذلك أن يسيء لسمعة المغرب خاصة في هذه طبيعة المرحلة الاستثنائية التي تمر منها البلاد، والتي تتطلب الحكمة والتنسيق المحكم بين مختلف الفاعلين في مواجهة الجائحة.