الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: في الحاجة لحكومة الخبراء لتحقيق المصلحة الوطنية

رشيد لزرق: في الحاجة لحكومة الخبراء لتحقيق المصلحة الوطنية رشيد لزرق

فشل سعد الدين العثماني رئيس الحكومة في تدبير حالة الطوارئ الصحية، وها هو يمارس سياسة الهروب إلى الأمام من خلال دعوة الأحزاب إلى اجتماع مشترك، محاولا بذلك التغطية على الفشل الذريع لفريقه الحكومي في إيجاد الحلول الحقيقية لتداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد المغربي. ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، فلا يمكن لعاقل لبيب أن يرهن مستقبل المغرب في أيادي السياسيين الفاشلين والأحزاب التي أهملت الكفاءات والطاقات الشابة ومنعتها من المساهمة في صنع مصير الأجيال الصاعدة.

 

ولأن الوقائع أثبتت بالملموس فراغ الأحزاب من العقول المبدعة القادرة على طرح مشاريع جديدة تتناسب وطبيعة التحديات المستجدة، فإن ما يبدر عنها ليس إلا تلفيق اجتماعات تضليلية لتنظيمات متقادمة ومتجاوزة تحاول ركوب الموجة والمزايدة في خضم بلورة تصور للخروج من الجائحة والضائقة.

 

فهل يعقل اليوم أن يعمل رؤساء الأحزاب الذين أثبتوا على مدى السنين فشلهم وانقضى رصيدهم على "المساهمة" في بلورة المشروع البديل؟

 

أكاد أجزم أن هذا الخطب الجلل (دعوة رئيس الحكومة لاجتماع الأحزاب) كفيل بتحويل ورش استراتيجي -يرهن مستقبل المغرب- إلى مسرحية هزلية حتما ستكون  نهايتها تراجيديا دراماتيكية.

 

ولأن الشيء بالشيء يذكر، لا بد لي من العودة إلى مقترحات الأحزاب التي طرحتها تصوّراً للنموذج التنموي البديل. لكي نتأكد أنه لا يمكن اعتبارها غير خربشات تشخيص انطلاقا من زاويتها، كما أنها تحاول تصوير أمانيها على كونها مقترحات ذات جودة مزعومة!

 

فضلا عن ذلك، فإنه لا يمكن أن تكون عروض الأحزاب قوية بشأن تصوراتها للنموذج التنموي الجديد. لماذا؟ الجواب ببساطة ينحاز لكونها جميعا تفتقر في أدبياتها الحزبية إلى ما يسمى على الصعيد المقارن بـ "الأطروحات الاقتصادية" التي تتطلب مراكمة سنوات من الاشتغال داخل مراكز حزبية متخصصة.

 

إن وضع تصور من قيمة نموذج اقتصادي، يحتاج إلى مثقفين وخبراء وكفاءات متخصصة لها من الزاد العلمي والسياسي ما يكفي لتقديم استراتيجية مستقبلية متكاملة الأركان. وهذا ما لا تتوفر عليه المنظومة الحزبية المغربية التي تنتمي إلى زمن ما قبل الرقمنة والذكاء الاصطناعي.

 

ولقد كشفت جائحة كورونا، على الخصوص، وجود هوة شاسعة بين مكونات المنظومة الحزبية المغربية وبين حسن سير المؤسسات الدستورية. حيث تاهت الحكومة والمعارضة عن لعب أدوارها كاملة في تكريس الديمقراطية، وطرح المشاريع البديلة، وغلب على ممثلي الأحزاب ظاهر التيهان وفقدان البوصلة وعدم القدرة على تأطير المجتمع الذي فقد الثقة في هذه المنظومة الحزبية.

 

كل هذا، يؤكد الانطباع السائد بأن البنية المعطوبة للأحزاب ومن يدور في رحاها، منعتها من التكيف مع مستجدات الجائحة الوبائية، جراء عدم الوعي بتغيير عظيم شمل المبنى والمعنى، وكذلك عدم القدرة على إبداع حلول جديدة.

 

وبمراعاة الحاصل المتمثل في عجز الدولة، على استخدام الوظيفة العمومية كآلية لخلق فرص الشغل في ظل معدل نمو ضعيف، سيفرض السؤال المركزي نفسه حول دور الدولة في خلق الشغل خاصة في القطاعات ذات التشغيلية العالية والمردودية الاقتصادية المحدودة، وهذا الدور أضعفته تداعيات كورونا الجائحة. مما يستدعي البحث عن جواب المرحلة القادمة الذي يظل حتى اللحظة شعارا دون مضمون؟

 

إن الإجراءات التي يتخذها سعد الدين العثماني رئيس الحكومة لمعالجة الأزمة الصحية غير كافية ولا تبشر بقدرة الحكومة على إخراج البلاد من الأزمة. لذا لا بد من حكومة خبراء تتأسس على تضافر الجهود للتغلب على تداعيات الوباء التي لا يمكن أن تحجب أو تبرر أوجه القصور، ولا أن تمنع من تحديد المسؤوليات، وعلى رأسها أخطاء تدبير حالة الطوارئ الصحية التي فشلت فيها حكومة العثماني، و التي أضعفت دور الدولة بشكل خطير في حماية صحة المواطنين واقتصاد المغرب.

 

ولأن المناسبة شرط، فها هنا نتساءل حول دور رئيس مجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي من المفروض أنه يعبر عن مؤسسة دستورية تتشكل إلى جانب الرئيس الذي يعين بظهير شريف، من 105 عضوا موزعين على خمس فئات.

 

فالمفترض في رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن يكون له تصور علمي عملي حول كيفية التغلب على تداعيات الأزمة.

 

رشيد لزرق، أستاذ جامعي خبير في القانون الدستوري والشؤون البرلمانية