الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

منعم وحتي: نظرية القوة في حماية دجل "الدكتور" الفايد

منعم وحتي: نظرية القوة في حماية دجل "الدكتور" الفايد منعم وحتي
بعد مرحلة التوضيح التي خاضتها عدة أقلام ومواطنات ومواطنين حول إشكالية الإفتاء بالعلاج الطبي خارج الاختصاص والمنهج العلمي، هبت عدة قيادات من الصف الأول في الجماعات، لتشتغل بيدها لإخراج "الدكتور" من مأزقه، هذا يعني الإفلاس الفعلي للدجل في زمن الأوبئة وأمام الملئ.
ولم يقفوا عند حد مساندتهم لأطروحاته اللاطبية، بل لجأوا لتكفير الأمة وتحويل معركتهم للدفاع عن الهوية الدينية لتجييش الأتباع، وهذا دليل إفلاس منظومة الدجل هاته والتخوف من انهيار مشروعها.
والموضوع الأصلي وهو في 3 أجزاء:
1- لا حق لـ "دكتوركم" في الإفتاء بالعلاج وهو ليس طبيبا، وإن كان له اكتشاف خرافي ما فليعرضه على مركز علمي لإثباته مخبريا وسريريا بإحصاء حالات الشفاء والموت.
2- لا حق لكم بالتكلم باسم ديننا الحنيف والمتسامح والذي كرم العلم وإعلاء درجة العقل، ولن نسمح لتجار الدين بتغطية الدجل، فلا سماسرة بيننا وبين الله تعالى.
3- لن نحتاج لعرائض لدحض زيف إدعائكم بأن الشعوذة وتخاريف الجهل سم قاتل للمغاربة، وفي المقابل سنكون بجانب أي هيئة أو اجتهادات طبية وعلمية تواجه تحقيركم للعلم والأطباء.
لكن الأدهى والأمر أن تتحرك آلة التوجيه من هاته الجماعات لمريديها / حوارييها / أتباعها، بعد أن فشل مسعاهم في احتكار الكلام باسم هوية الأمة واستغلال التجارة بالدين، بالمرور للمرحلة الثانية وذلك بالتركيز على نقطتين أساسيتين، وهذا ملحوظ بشكل جلي من حجم النسخ واللصق Copier / Coller، لفقرات وجمل وصور، هي نفسها ويتم الهجوم بها على الصفحات التي تدحض تخاريف "الدكتور"..
لا مشكلة، فهو حق في السجال العلني، لأن الهدف أن يعرف عامة المغاربة ما يجري فعلا، لا ما يتم التسويق له في الغرف المظلمة.
- النقطة الأولى التي هداهم تفكيرهم للدفاع بها عن "دكتورهم"، أن الطب والعلم لا مصلحة للمسلمين بهما، لماذا سيادة العبقري ؟ يردون : لأن هناك أخطاء طبية يرتكبها الأطباء في مزاولة مهنتهم.. مضحك فعلا ما تفتق عنه ذكاءكم الخرافي، هل يمكنكم هدم كل المنظومة الطبية والعلمية ومناهجها، وكل تضحيات الأطر الطبية والتمريضية في هذا الزمان الوبائي الأغبر، فقط لأنه يمكن أن يُرتكَب خطأ ما، وهو وارد في علم الإحتمالات البشرية، مع حجم الإرهاق والضغط العالي بالمستشفيات، ولو كنتم بقيتم في المهزلة الأولى لإخراجنا من الملة، وإدعاء الدفاع عن هوية لا تفقهون فيها شيئا غير استغلال جهل بسطاء الناس، لكان أفضل لكم.. تقتلون العقل والاجتهاد والتطور العلمي بتهمة احتمال الخطأ، إن الإنسانية تسخر منكم، ونزيدكم.. إن كنتم تعتبرون "دكتوركم" معصوما من الخطأ ومقدسا ومبجلا، وهناك من يرفعه لدرجة النبوة "والعيادو بالله"، فإننا نؤكد لكم أن الأطباء والعلماء بشر يجتهدون وينقذون البشرية، ويمكن أن يخطئوا، وهناك منهجية لتصحيح الأخطاء والتطوير المستقبلي.. فَهَلا نصحتم "نبيكم" المزعوم أنه بشر ويحتمل الخطأ، وأن خير الخطائين التوابون، وأنه يجب أن يعتذر للمغاربة لأن وصفاته لعلاج الأوبئة والفيروسات بدون سند مخبري وسريري، هو شروع في القتل.. "الله يهديكوم".
- النقطة الثانية التي تكررت بنفس الجمل، لدى هاته الجماعات، ادعاءهم لنوع من القوة النرجسية والمرضية، ليس للسجال الفكري بل للتجييش العددي، يعني أنهم على استعداد للهجوم، متى ظهر لهم أن مشروعهم يمكن أن ينهار، وأن تخاريف صاحبهم أصبحت في مهب الريح، ونحيلهم لمفهوم "القوة" في منهاجهم وربطه بشروط القومة.. (ليس موضوعنا الآن، لكن له عودة لاحقا).
عذرا وألف عذر.. إنها مهزلة فعلا أن يتم التعامل بهذا المنطق التجييشي للأتباع وأتباع الأتباع، والموضوع جدل فكري فقط لإرجاع صاحبكم عن غيه والتزام تخصص الأطباء..
وقمة العبث أنهم يكررون نفس الجملة: "ناظروه إن استطعتم ؟!!"، نناظر من سيدي المحترم ؟؟!!، نحن لسنا في "حَلْقة" بالسوق أو سوق عكاظ للخطابة و"البوز".. نحن في موضوع للبحث العلمي الطبي وهناك مراكز مختصة لذلك، فليضع فيها صاحبكم القوي بقوتِكم الوهمية، اكتشافه الميتافيزيقي لإثبات صحته أو دجله، وتهرُّبه من وضع اكتشافه لعلاجات كل الأمراض والفيروسات كما يدعي، هو الدليل على شعوذته ودجله وتخاريفه، وأيضا تخاريف القوة المزعومة في حماية التخاريف.
ملاحظة أخيرة، هناك من عن حسن نية أو سوء نية، يحاول رفع الحرج عن "الدكتور" ويدخل مدخلا ثالثا، إما بدعوتنا للتعالي عن نقاش الأشخاص أو بالنصيحة لنقاش مواضيع أهم من سيادة "الدكتور".. فقط للعلم بالشيء فتصدينا للخرافة والدجل ليس مشخصنا في السيد الفايد، فهو نموذج بسيط يخفي وراءه ترسانة وأكمة منظمة من الرُّقاة والمشعوذين وفقهاء "السبوب والحروزات"، والعشابين المدعين، وصارعي الجن.. ووراءهم أدعياء القوة، وواهم من يظن أن دحضنا للفكر الخرافي هو مسألة شخصية، إنه مسألة مبدئية وأساسية، وتحتد في أزمنة النوائب والأزمات.. والصراع لإسقاط بنية الفساد والاستبداد، لا يمكن ان تنجح بدون الصراع الموازي مع بنية الجهل والعبودية المؤسسة على قاعدة الخرافة والاستيلاب.. إنها معركة لنشر الوعي المنظم لنفي كوابح التغيير والتنوير.. لهذا لا يجب أن نترك الحقل الديني فريسة للدجل وتجار الدين، إنه دين تسامح وحكمة أُسَرنا الذي لن نتركه فريسة أهواء القساوسة الجدد.