الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: في الرد على لشكر ووهبي ودعوتهما لـ "حكومة وحدة وطنية"

رشيد لزرق: في الرد على لشكر ووهبي ودعوتهما لـ "حكومة وحدة وطنية" رشيد لزرق

أطلق كل من إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، وعبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، نقاشات سياسية  مغلوطة حول ضرورة  تشكيل “حكومة وحدة وطنية”، لتدبير المرحلة السياسية إذا ما استفحلت أخطار الجائحة، بشكل يؤثر على انتخابات 2021.

 

والحال أن هذا النقاش المغلوط يوضح حجم الإفلاس السياسي للقيادات الحزبية التي تتمادى في إطلاق العنان لخرجاتها الشعبوية؛ حيث أننا لا نجد لها أساسا في النسق  الدستوري المغربي. وهذا ما يبرهن على أنهما مولعان بالنقل دون استعمال العقل، كما يكشف عن انتهازية سياسيوية مرفوضة، نتيجة تغليب المصالح الشخصية الذاتية للثنائي الدوغمائي، وكأنهما يحكمان على المجهودات المبذولة من طرف الدولة بالفشل ويحملونها مسؤوليته.

 

فمن أجل إشباع نزوات فردية، يعمد هذا الثنائي المتهافت إلى محاولة توريط أكبر عدد ممكن من الأطراف السياسية؛ وذلك سواء قبلت هذه الأطراف المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية المزعومة أو رفضت؛ ذلك لأنّ الرفض في حد ذاته سينظر إليه كهروب من تحمل مسؤولية إنقاذ البلاد. في حين أن مناورتهما ليست إلا محاولة رخيصة لتحقيق طموحات شخصية للثنائي الدوغمائي الراغب في الاستوزار عبر تطبيق خدعة الهروب إلى الأمام، وها نحن نراهم يتناطحان فيما بينهما حول من له سبق طرح الفكرة الجاهلة على الدستور.

 

فإذا كانت الغاية من حكومة الوحدة الوطنية هو تحقيق قرارات سياسية تكون بإجماع الكل لمواجهة الوباء، كما يدعي لشكر ووهبي، فأعتقد أن ذاك هو الحاصل حاليا، بفضل الإجراءات الملكية العظيمة لمواجهة الوباء وقراراته المؤسساتية التي ضمنت السرعة والفعالية ببعد إنساني لا مثيل له. وما على الفاعل الحزبي إلا الإخلاص في أداء مهامه الدستورية حتى لا يتسبب للمغرب في الكارثة.

 

والحقيقة أننا في ظل هذا النقاش السياسوي الرديء بالمغرب، يتأكد عدم تحمل الأحزاب السياسية مسؤولياتها الدستورية لأنها تسير بمنطق الغنيمة السياسية حتى في أزمة كورونا، مما يجعلها تجد صعوبات في استعادة الثقة والانخراط في النهج المؤسساتي السليم.

ولنا العبرة في ما يعرفه التحالف الحكومي من صراع بين الأحزاب المشاركة فيها، وكذلك تلك المتواجدة في المعارضة.

 

إن دعوات إدريس لشكر وعبد اللطيف وهبي تضمنت إشارات سلبية على أن الوضع يسير نحو اهتزاز اجتماعي يقتضي وحدة الأحزاب دون تقديم برنامج علمي عملي. مما يؤكد على حالة الترهل الحزبي، وعدم فهم هذه القيادات الشعبوية لطبيعة النظام السياسي المغربي، الذي تعد فيه الملكية ضامنة للاستقرار.

ونتيجة رذيلة التسرع والتهافت الذي جعلهما لم يستوعبا السياق السياسي والإقليمي والدولي الذي تمر به بلادنا المحتاجة للتوازن وحماية الاختيار الديمقراطي الذي يناضل من أجله الملك محمد السادس.

 

وبالتالي، فإني أجزم بخطورة هذه الصيغة (حكومة وحدة وطنية) على المؤسسات والخيار الديمقراطي والمكتسبات المحققة، وإدخال البلاد في متاهات الأحزاب التي ليست لها القدرة على إبداع حلول جديدة؛ وربما يتناسى الثنائي الدوغمائي أن المملكة المغربية لم تعلن عن حالة الاستثناء، وإنما نحن في تدابير استثنائية بسبب فيروس خطير على الصحة.

هذا بالإضافة إلى أن حديث لشكر ووهبي وترويجهما لمثل هذه الصيغة في المغرب، يحمل خطورة كبيرة تتجسد في زرع الشك في مناعة النظام السياسي بالمغرب، وتتمثل في محاولة إضفاء الشرعية والمشروعية لصالح قوى لا تؤمن بالشرعية المؤسساتية باسم الثورة والقومة خارج المؤسسات. لذا في ابتداع مثل هذه الصيغ التي لا تجد سندها في الدستور المغربي هي مغامرة خطيرة يمكن أن تؤدي بنا نحو المجهول.

 

هذا دون أن ننسى أن رئيس الدولة، وفق الصلاحيات الموكلة إليه بموجب روح ومنطوق الدستور، هو الضامن للاختيار الديمقراطي، الذي يوطد و يصون المكاسب التي حققتها بلادنا في هذا المجال. باعتبار الملك هو المؤتمن على المصالح العليا للوطن والمواطنين، ومن خلالها يمكن تجاوز وضعية الجمود الحالية.

 

رشيد لزرق، أستاذ جامعي خبير دستوري