الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

فردوس: يا السي العثماني اعترف أنك "مسيلمة الكذاب" في زمن كورونا لعل الله يغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر

فردوس:  يا السي العثماني اعترف أنك "مسيلمة الكذاب" في زمن كورونا لعل الله يغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر أحمد فردوس
الاعتراف بالخطأ فضيلة، هكذا تمنيت لو يعترف سعد الدين العثماني بأخطاء وأعطاب حكومة غريمه بنكيران السابقة وحكومته الحالية. وأعزز اعترافاته بمطلع قصيدة للشاعر أحمد مطر (اعترافات كذاب) لعله يتوب ويطلب العفو من الله والوطن والملك:
( بملء رغبتي أنا / ودونما إرهاب / أعترف الآن لكم بأنني كذاب / وقفت طول الأشهر المنصرمة / أخدعكم بالجمل المنمنمة / وأدعي أني على صواب / وها أنا أبرأ من ضلالتي / قولوا معي : اغفر وتب / يا رب يا تواب ).
ونحن نتلقى رصاص الغدر من الجبان "كورونا" دون سابق إعلان، جمعنا أغراضنا وأقفلنا الأبواب على أنفسنا لاتقاء شر رصاص الفيروس الطائش، واستجابة لبلاغ الحرب المعلنة ضد الجائحة، وعلى حين غرة اكتشفنا أننا دون حماية اجتماعية وصحية وغذائية وأن صدورنا عارية أمام الفيروس التاجي، بسبب ما فعلته قرارات بنكيران وصحبه في الشعب.
لقد سارع ملك البلاد الزمن الكوروني لاتخاذ قرارات جريئة وشجاعة، على المستوى الدولي و الإفريقي و الوطني وبعث برسائل التطمينات للرفع من معنويات الشعب وطبقاته المسحوقة التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها غير قادرة على توفير لقمة العيش داخل المحجر الكوروني...وبقية الحكاية يعرفها الجميع.
عبر أثير الراديوهات والقنوات الإعلامية والصحافة الدولية، شنفت مسامعنا بخطابات رؤساء الدول الديمقراطية التي تحترم نفسها، والتي اعترفت بعد تلقيها ضربات موجعة بسبب جائحة "كورونا" بأنها لم تكن مستعدة لمواجهة الوباء الفتاك. سواء من فرنسا أو إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وحتى ألمانيا الرائدة في منظومتها الصحية.. تناسلت بلاغات طلب العفو والمعذرة من شعوبها، بلغة إنسانية تقوي مناعة الجسد وسيادة الأوطان، وتعترف بفشل المنظومة الإنسانية والاجتماعية والصحية..
أتساءل يوميا مع نفسي ونحن في هذا المحجر الممتد من الماء إلى الماء، لماذا يغيب الجانب الأخلاقي في ممارسة السياسة عند وزراء حكومتنا؟ لماذا لم يعترف رئيس الحكومة بفشل المنظومة الصحية والاجتماعية وحتى الاقتصادية..هذه المنظومة التي تلقت الضربات القاتلة تلوى الأخرى منذ سنة 2011 ؟
إن من لا يعترف بجرائمه التي اقترفت بسبب مخططاته الفاشلة، في حق نساء ورجال التعليم والصحة وقطاعات أخرى ذات أهمية بالغة في حياة الشعب، ونحن نصارع اليوم جائحة كورونا، لا يمكن أن يتفاعل مع متطلبات العصر بعد الدرس الكوروني الذي سيحمل معه متغيرات كثيرة على جميع المستويات.
ليست هناك أي تطمينات أو إشارات من حكومة سعد الدين العثماني الذي اختار أن يتباكى و يذرف دموع التماسيح من أعلى منابر المؤسسة التشريعية لدغدغة عواطف الجمهور، في الوقت الذي كنا ننتظر منه أن يصارح الشعب في زمن كورونا ويقول له:
ـ نعم لقد كشف الوباء عن فشل حكومتنا الذريع في توفير شروط جيدة لولوج المنظومة الصحية والاجتماعية والإنسانية.
ـ نعم لقد اخترنا مخططات فاشلة لم تراعي ظروف الشعب المقهور والمسحوق واخترنا الانسياق وراء إملاءات صندوق النقد الدولي والمانحين من الخارج
ـ نعم لقد راكمنا الفشل في التشغيل والتقاعد والتعليم والصحة ومحاربة الفقر بوسائل ونظرة تضمن كرامة الناس وتحفظ ماء وجههم عند الأزمات
يبدوا أن حليمة ستعود لعادتها القديمة، بعد إعلان قرار رفع الحجر الصحي التدريجي عن الشعب، في غياب خطاب الوضوح والشفافية أمام الله والوطن والملك. لأنكم معالي رئيس الحكومة تصرون على عدم الاعتراف بأخطائكم وأعطابكم مثل ماقام به نظرائكم في الدول الأوروبية، مما يؤكد أنه يستحيل أن تتغير الأمور بوجود مثل عقليتكم في منصب حكومي يعتبر الثاني على مستوى ترتيب المسئوليات بعد المؤسسة الملكية.
لقد مللنا من خطاب الحكومة الذي يحصر اليوم مضمون أزمة الجائحة في ضحايا وباء كورونا، وتقديم الأرقام والإحصائيات وعدد الوفيات والمستبعدين من الإصابة والذين تم شفائهم بفضل ملائكة الرحمة والسلطات العمومية المرابطة في الصف الأمامي.
ما يدفعنا لهذا القول أن رئيس الحكومة (أطال الله في عمره وأبعد عنه شبح الإصابة بفيروس كورونا) لأنه أعطى المثل والقدوة بعد أن ظهر في قبة البرلمان بدون كمامة تفرمل منسوب تصريحاته العشوائية والكاذبة (موضوع الكمامات مثلا). أننا لم نسمع خطاب الوضوح على مستوى ارتفاع منسوب جيوش العاطلين و الفقراء والمعوزين بعد فشل سياسة التسول والارتزاق والتي عرت واقع الحال المأساوي. ولم نسمع رئيس الحكومة يتحدث عن فضائح انعدام التجهيزات بالمستشفيات ومرافقها الصحية وقلة الموارد البشرية في المجال الطبي والعلاجي التي هجرت الوطن بفعل تعنتكم، وسوء التغذية التي تداولها الرأي العام بالمستشفيات العمومية.
الدرس الكوروني معالي الوزير أكبر مما تتصور في دائرتك الضيقة التي تبحث عن تسجيل نقط انتخابوية لا غير، حيث تستعملون خطابات الشعبوية التي لا تحل معضلات المشاكل الاجتماعية بل تكرسها.. إن درس كورونا يعلمنا الاعتراف بالقرارات الخاطئة والكبوات والسقطات، و يدفعنا إلى الانكباب العاجل على التخطيط لمشاريع تنموية حقيقية في مجال الصحة والتعليم والتشغيل بالوظيفة العمومية، و تعزيز بنيتنا الاجتماعية من خلال تقوية الاقتصاد التضامني والاجتماعي وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة، ومحاربة كل المظاهر المشينة التي كرستها حكومتكم بصورها التي تخدش و تلوث الفضاء والمرفق العمومي بكل جهات المملكة .
كورونا معالي الوزير كشفت عن انهيار المنظومة الاجتماعية والصحية والتعليمية، لأن المسئولين بحكومتكم وأنتم على رأسها لا يقومون بواجباتهم ومسئولياتهم والدليل أن كل المبادرات تأتي من ملك البلاد الذي يتخذ القرارات تلوى الأخرى من أجل تجاوز هذه المحنة التي كنتم سببا فيها بمخططاتكم السياسية الفاشلة.
المواطن الغلوب على أمره ينتظر منكم في ظل جائحة كورونا، قرارات جريئة واستباقية، تجعل منه محور التنمية، بعيدا عن التسول والصدقة التي كرستم سلوكها في الأوساط الشعبية بستغلالكم للتدين كوسيلة للتحكم والتسلط.
لذلك نسائلكم معالي رئيس الحكومة :
هل أنتم مستعدون للتغيير؟ كيف سيكون حال المغرب بعد الانتصار في حربنا على كورونا؟ كيف ستجعلون من المؤسسات العمومية رافعة للتنمية الشاملة؟ هل ستولون أهمية قصوى للتعليم والصحة والوظيفة العمومية؟ و هل تفكرون في الحقل السمعي البصري و الإعلامي والصحافي بعد كورونا؟ ما هي اقتراحاتكم لمعالجة أمراض المشهد الحزبي والسياسي ببلادنا؟ ما هي نظرتكم للحقل الحقوقي والاجتماعي والجمعوي بعد الجائحة اللعينة؟ هل ستفعلون مبدأ ربط المسئولية بالمحاسبة وأجرأة مضامين دستور 2011؟ وما هي مشاريعكم القانونية على مستوى التشريع لرد الاعتبار للشعب والوطن وفرملة الفاسد والريع بالمغرب؟
وهل ستعتذرون للشعب وتطلبون منه الصفح والعفو وتتوبون إلى لله ليغفر لكم ما تقدم من ذنبكم وما تأخر؟