الأحد 19 مايو 2024
كتاب الرأي

يحيى المطواط : كيف أسهم السياسيون في انتشار فيروس كورونا بإيطاليا

 
 
يحيى المطواط : كيف أسهم السياسيون في انتشار فيروس كورونا بإيطاليا يحيى المطواط
اجتاح فيروس كورونا إيطاليا، كما اجتاح عددا من دول العالم، وتم التعامل معه في البداية بطرق مختلفة، تختلف حسب تقديرات كل دولة لمخاطر هذا الفيروس، ورغم اتخاذ الحكومة الإيطالية إجراءات وقائية وتدابير احترازية، عرف هذا الفيروس الملقب بكوفيد 19 انتشارًا فاق كل التوقعات.
لن أتحدث عن الإجراءات والتدابير التي اتخاذها الحكومة لأن العالم كله أصبح يعرفها، سأركز هنا على الإستباقية في اتخاذ وتطبيق القرارات، لأن الوضع يشبه حالة حرب بل هي حرب ضد عدو واحد، وكل تأخير يزيد من عدد الضحايا، لا مجال هنا للجدل السياسوي الذي لن ينفع في شيء، وقد أثبتت السرعة في اتخاذ قرارات التدابير الوقائية في المغرب، بالإضافة إلى الإجماع الذي عبرت عنه كل فئات المجتمع المغربي للتصدي لهذا الوباء، نجاعتها رغم تواضع المنظومة الصحية، عكس ما وقع بايطاليا، حيث استغل السياسيون المعلومات بخصوص الفيروس لتحقيق مكاسب سياسية أدت إلى تفاقم آثاره، والتأخر في إغلاق الحدود وفرض الإجراءات الوقائية، إذ أنه في شهر يناير 2020 قللت الحكومة الائتلافية من خطورة كورونا ورفضت فرض الحجر الصحي على العائدين من الصين، لم يكن هذا الرفض مبنيا على دراسات، فقط لأن الدعوة جاءت من طرف اليميني سالڤيني الذي حركته بطبيعة الحال نزعته العنصرية ومعاداته للأجانب.
وقد استعمل الزعيم اليميني الوباء للتسويق لسياساته المناهضة للهجرة ونشر خطاب الكراهية ضد المهاجرين .
وسط هذه الحسابات السياسوية الضيقة بدأ الوباء اللعين ينتشر بسرعة غير آبه بما قد يفهمه أو لا يفهمه السياسيون، ومع بداية استقبال المستشفيات للحالات الأولى روج رئيس الحكومة لوجود حالات فوضى في مستشفيات الشمال ، وذلك فقط من أجل أن يحمل المسؤولية، لرئيس جهة لومبارديا في انتشار الوباء ، تبين بعد ذلك أنها كانت فقط مزايدات سياسية .
وكان رئيس جهة لومبارديا، قد قلل من خطورة كورونا أمام البرلمان الجهوي ،مشيرا إلى أن " هذا الفيروس أكثر بقليل من الانفلونزا العادية".
رئيس الحزب الديمقراطي "نيكولا زينگاريتي" بدوره ظهر في صور بإحدى مطاعم ميلانو محاطا بمجموعة من الشباب يتناول وجبة غذاء حيث دعا المواطنين لتجنب تدمير الحياة أو بث الذعر ، بعدها بأيام أعلن عن إصابته بالوباء .
و في بداية مارس بدأ عضو البرلمان الإيطالي عن الحزب اليميني ڤيتوريو زگاربي حملة مكثفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد إجراءات الحكومة لاحتواء فيروس كورونا حيث قال “ أنا لا أؤمن بشئ اسمه كورونا، لا بد أن هناك شيءَ وراءه " وأضاف أن " الموت هو الجوع وليس الفيروس " وأن الإجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها ضد كورونا هي تعطيل للديمقراطية .
وبعد الانتشار السريع للفيروس عاد زكاربي ليعتذر للشعب الإيطالي ويقر بذنبه مبررا ذلك أن موقفه الأول اتخذه بناء على علماء فيروسات مقربين منه تبن لاحقا أنهم كانوا على خطأ.
بين ادعاء البرلماني أن فيروس كورونا مجرد وهْم ثم اعتذاره، والتقليل من مخاطر الوباء من طرف رئيس الحكومة، و دعوة رئيس الحزب الديمقراطي لعدم تدمير الحياة العامة، تحولت إيطاليا إلى واحدة من أكبر بؤر الفيروس في العالم، و لازال زعيم حزب رابطة الشمال اليميني المتطرف سالفيني يدعو الحكومة بالسماح لفتح الكنائس للاحتفال بأعياد الفصح " باسكوا" خلال شهر أبريل الجاري .
هكذا يكون السياسيون قد أسهموا في تفاقم الوضع وهكذا استغل فيروس كورونا حساباتهم السياسوية لينتشر بسرعة و بهدوء.