الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: من المسؤول؟.. "ملقيتش كمامة للبيع تسلفت وحدة باش منتشدش"

محمد الشمسي: من المسؤول؟.. "ملقيتش كمامة للبيع تسلفت وحدة باش منتشدش" محمد الشمسي

خرجت من بيتي متسللا ملتفتا ذات اليمين وذات اليسار، أحمل رخصة تنقلي، وتدفعني حاجة قصوى لخرق الحجر الصحي تكمن في جلب المئونة للصغار، كما تفعل الكائنات العاقلة وغير العاقلة، لكني لا أملك كمامة أستر بها فمي ومنخري، وقد قرأت بلاغ الوزارات الثلاث ومعه تعليمات رئيس النيابة العامة، "اللي لقيتوه بلا كمامة جروه للحبس"، لكن خرجت العقوبات ولم تظهر الكمامات في السوق، وصارت الكمامة جواز مرور يحول دون "الشدان"، ولم يعد السؤال عن شد حزام السلامة ولا حيازة أوراق السيارة، تسللت صوب صديق لي، وأنا خائف من "كورونا"، وخائف من "قانون الحكومة"، سلمني صديقي كمامة واحدة "باش نديباني"، سلها من جيبه مشكورا في هذه الأزمة، أتفادى بها أسئلة كل "باراج" أجده في طريقي، تلقفتها في ما يشبه قصة "الكلب والشفنجة"، وأخذتها نحو سيارتي مثل الطريدة، وهناك لم أكتف بتعقيمها بل بللتها بالكحول أو قل "سرّدْتها بلانكول"، درء لكل شبهة، فهي لم تكن مستورة في غلاف أو غطاء، بل كانت "عريانة"، ثم أخفيت وجهي وأنفي خلفها، ونظرت إلى مرآة السيارة وجدت نفسي أصبحت مثل "قاطع طريق القوافل" في الأفلام التاريخية، وانطلقت بسيارتي مزهوا، فقد أصبحت مُقنَّعًا مثل كل الناس، وهذا ما يريده "قانون العثماني"، فجأة أحسست أن ذلك الأنا الذي خرج من البيت ليس هو أنا بعد وضع الكمامة، وتداعى إحساسي حتى شعرت بما يشبه قرب فقداني للوعي، أو كأني في حلم، أين أنا؟، وماذا أفعل هنا؟ وكيف خرجت من البيت؟ وإلى أين أنا ذاهب؟، تناسلت الأسئلة ومعها ازدادت نبضات قلبي، وفقدت السيطرة على نفسي، استجمعت ما تبقى من قواي وضغطت على فرامل السيارة، لعلي استطلع ما أصابني، حينها فقط أدركت أن استنشاق الكحول قد لعب بعقلي، وأني أصحبت في عداد "السكارى"، فأزلت الكمامة وزفرت ثم شهقت من نافذة السيارة، حتى عاد وعيي لبدني، كما أخرجت الكمامة المبللة بالكحول "باش يضربها البرد وتكرم من لانكول"، ثم أعدتها، لكن فوق الفم ودون الأنف.

 

فكرت في مقاضاة العثماني لأنه ألزم الناس بالكمامة وسن قانونا في ذلك، ولم يوفرها لهم في نقط البيع، وفكرت في تحميله مسؤولية شمي للكحول وتأثير ذلك على سلامتي، واحتمال إدماني، فرائحة الكحول ليست مقززة ولكنها في نفس الوقت ليست مستلطفة، ووحده الفضول يدفعني لشم كمامتي بحذر، أخشى أن لا أعثر على علبة كمامات وأظل أشم  هذا الكحول وحمدت الله أنه ليس " سيليسيون".

 

خلال هذه الجائحة، أبان رئيس الحكومة على قدرة هائلة في التناقض والتعارض والاضطراب في التصريحات والقرارات، وكأن يضع كمامة "مغمسة" في الكحول، خشيته فقط أن ينسى "قانون الكمامة" ساريا ونافذا ولو زال الوباء، حينها سنصبح جميعا مدمنين ومقنعين لا نعرف بعضنا البعض، وقد يجر الواحد منا طفلا غير طفله من المدرسة ويعود به لمنزله، فلا الأب عرف الطفل ولا الطفل عرف الأب، وما عليكم سوى أن تتدبروا في كمامة لأن كورونا أمامكم والقانون خلفكم ولن ينفعكم غير شم الكحول.