الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد الوادي:السينما المغربية.. دعمٌ أكثرُ، وجودةٌ أقلُّ..

محمد الوادي:السينما المغربية.. دعمٌ أكثرُ، وجودةٌ أقلُّ.. د.محمد الوادي
بلا شك فإن الثقافة البصرية في بلادنا أصبحت تتربع على عرش الإنتاج المشهدي، والسينما في مقدمة هذا الإنتاج، الذي لم يتحول بعد إلى صناعة.
كشفت لجنة دعم إنتاج الأعمال السينمائية المنعقدة مؤخرا في دورتها الأولى لهذه السنة عن مشاريع الأفلام التي جوزتها اللجنة وعلى رأسها 21 فيلما روائية طويلا. 
كلنا أحببنا ونحب السينما، وننظر إليها على أساس أنها وسيلة تثقيفية، لها تأثيرها في المتلقي، ولها دورها التربوي، ولها أيضا سحرها الفرجوي الترفيهى. وبالرجوع إلى القائمة التي أعلنت عنها اللجنة، والتي شملت الأفلام الروائية الطويلة، والأفلام الوثائقية، والقصيرة،والسيناريوهات، برجوعنا إلى هذه اللائحة أول شيء يشدنا إليها العناوين الغريبة والمبهمة، وكأننا لسنا أمام سينما مغربية موجهة إلى جمهور مغربي.ثاني شيء يلفت الانتباه هو استحواذ المخرجين على العملية الإنتاجية فهم المخرجون، وفي نفس الوقت كتاب السيناريوهات، وبعد ذلك سيظهرون كأبطال في هذه الأفلام.  
في السنة المنصرمة، ومستهل السنة الحالية، عرضت بالقاعات السينمائية أشرطة جديدة حضيت بدعاية إشهارية كبيرة في الإعلام والصحافة، وحج لمشاهدتها جمهور غفير، وحينما تسمع أصحابها، من منتجين، وموزعين، ومخرجين، وممثلين.. يتحدثون عنها يُسوِّقونها على أساس أنها أعمال رائدة، وتلعب ،للأسف، بعض المنابر الإعلامية دورا مضللا.. مدعما لهذه الدعاية. وحينما تجد نفسك أمام شريط، من هذه الأشرطة، تصاب بصدمة، وخصوصا حينما تجد أغلب المشاهدين في القاعة يضحكون لأتفه الأسباب: كلمة نابية مثلا، أو حركة بليدة، أو لقطة مخجلة، أو....وساعتها تبلع ريقك، وتلوذ بالصمت.
 وأنت عائد من حيث أتيت، تطرح- مع نفسك- مجموعة من الأسئلة والتساؤلات: هل فعلا الفيلم الذي شاهدت حين اقتطعت لك مقعدا وجلست كما تلميذ مجتهد تتابع كل اللقطات والحوارات عساك تظفر بالنظر القليل ، على الأقل  من الفرجة كان جيدا، وأنت الذي خانك تقديرك، وآلية قراءتك، ودرجة تذوقك؟ لو استندت إلى ردود فعل العامة من المشاهدين وحدها لما شككت في تقديرك وتقييمك، ولكن ها هي منابر إعلامية، وأسماء فنية، وفعاليات ثقافية... كلها تشيد بهذا الشريط وذاك، هل هذا معقول؟ هل كل هؤلاء متواطؤون، أم أن الذوق العام أصبح فاسدا إلى هذه الدرجة؟ كثيرة هي الأسئلة التي تحاصرك، وكثيرة هي الأجوبة التي تتقدم  كشبه يقين. وتحمل أسئلتك وتساؤلات إلى بعض الفاعلين في أحاديث جانبية حول هذا الشريط وذاك، فيسرون لك أن الضحالة والضحك المجاني، والأداء الهزيل، والرؤية الإخراجية غير الواضحة، وزوايا التقاط إنجاز المشاهد، ومستويات الحوارات البئيسة،  هو ما يطبع جل الأفلام. ساعتها تتنفس الصعداء، ليس انتشاء بالمستوى والضحل للسينما المغربية، ولكن لأن ذوقك لا يزال سالما.