الخميس 18 إبريل 2024
في الصميم

هزوني نطل على لخوا الخاوي !!

هزوني نطل على لخوا الخاوي !! عبد الرحيم أريري
استفزتني اليوم الخميس 18 أبريل 2019 لافتة بشوارع الدارالبيضاء تشير إلى احتضان فندق حياة ريجنسي لمعرض النقل المدرسي ونقل المستخدمين.
مصدر الاستفزار يرتبط بالمنحنى الخطير الذي بدأ يأخذه هذا القطاع الذي نعاين بداية تغوله في الساحة المالية والتعميرية والاقتصادية، بدليل أن الدار البيضاء لوحدها بلغت فيها تراخيص النقل المدرسي حوالي 3000 حافلة، فيما تصل حافلات نقل المستخدمين إلى الضعف تقريبا، (أي أن 9000 حافلة تقريبا تجوب البيضاء خارج الضوابط التعميرية والاقتصادية).
المثير أن حافلات النقل العمومي بالعاصمة الاقتصادية لا يتجاوز عددها 750 طوبيس، أكثر من الثلثين من الأسطول عبارة عن خردة متحركة.
المنطق يفرض ان السلطة العمومية المكلفة بادارة النقل الحضري (اي وزارة الداخلية وولاية البيضاء ومجلس المدينة وشركة كازا ترانسبور) عليها أن ترفض الترخيص لحافلات  نقل المستخدمين على غرار ماهو معمول به في الدول المتمدنة، عبر توفير شبكة محترمة وكافية من الحافلات لنقل كل المواطنين بدون تمييز وفق مونطاج مؤسساتي ومالي يضمن السيولة للشركة الملكفة بالنقل الحضري لتأمين جودة الخدمة.
في باريس الفرنسية (وهذا مجرد مثال)، هناك مساهمة مالية ثلاثية لتمويل مرفق النقل الحضري تتحملها بشكل متساو كل من: جهة إيل دوفرانس وبلدية باريس وأرباب الوحدات الاقتصادية. وهذه المساهمة تمثل ثلثي التعرفة الحقيقية لتذكرة النقل، بحيث لا يسدد المواطن الباريسي سوى ثلث الثمن.
وهنا مربط الفرس، إذ بما أن كل مقاولة تساهم في المجهود الضريبي العام لتمويل الخدمات العمومية فمن غير المعقول أن ترهق خزينة الشركات والمقاولات بتحمل تنقل مستخدميها بإلزامها بشراء حافلات او كراء حافلات نقل المستخدمين، بل وضع المشرع الفرنسي شبكة مرجعية خاصة بمساهمة الوحدات الإنتاحية في تمويل وكالة النقل الباريسية(RATP)، تتمثل في تخصيص نسبة من رقم المعاملات السنوي حسب عدد مستخدمي كل شركة او مقاولة (مقاولة توظف أقل من 10 أفراد ليس لها نفس الوضع مع مقاولة توظف 20 فردا او أخرى توظف 100 أو رابعة تشغل أكثر من 500 فرد، وهكذا ذواليك).
ولمنح ضمانة للمقاولات حول مساهمتها المالية في تمويل النقل الحضري، ألزم المشرع الفرنسي تخصيص ثلث مقاعد المجلس الإداري لوكالة النقل الباريسية لممثلي غرفة التجارة والصناعة بباريس ليكونوا على بينة من أوجه صرف ضرائبهم ولتكون للغرفة كلمة أيضا في السياسة التي يتعين نهجها ( تحديد مسارات الخطوط لتغطي الحافلات الأحياء السكنية وأحياء الصناعة والخدمات والترفيه وكذا عدد الحافلات او عربات الترام والميترو ودوريتها إلخ...).
ميزة هذا المونطاج أنه يؤمن عقلنة في استغلال شبكة النقل الباريسية من جهة ويخفف العبء المالي عن المقاولات من جهة ثانية ويضمن بيئة سليمة بالمدينة خالية من التلوث والضجيج والاختناق المروري.
نفس الشيئ يصدق على التعليم، إذ أن توفير مدرسة عمومية جيدة بكل الأحياء يغني الآباء عن تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة مكلفة ماليا من جهة وتسجيلهم بمدارس بعيدة عن الحي الذي يسكن فيه التلميذ من جهة ثانية مما يزيد من عذابات التنقل ويفكك التلاحم الاجتماعي داخل الحي على اعتبار ان المدرسة تعد أحد أهم وسائل التلحيم بين أفراد الحي الواحد.
وبما أن الحكومة بالمغرب تتواطؤ مع المافيات، فإن الحكومة(كل الحكومات)، تهمل القطاعات الاجتماعية ولا تستثمر فيها، مما يدفع الآباء قسرا إلى تسجيل أبنائهم بمدارس خاصة لا يستفيد منها سوى حفنة من كبار المستثمرين في القطاع، وتدفع العديد من المقاولات إلى التعاقد مع شركات نقل المستخدمين لكون الحي الصناعي او المنطقة الحرة او الخدماتية لاتتوفر على تغطية كافية من النقل الحضري إن لم نقل بأنه منعدم فيه أصلا ( نموذج كازانيرشور التي يشتغل فيها حوالي 17 الف فرد أو الحي الصناعي البرنوصي الذي يوظف 65 ألف فرد أو الحي الصناعي ليساسفة الذي يشغل 25 ألف شخص، أو سابينو وبوسكورة التي لا توجد إطلاقا في خريطة المسؤولين). وبالتالي تضيع الملايير في "لخوا الخاوي"، وتبقى المدينة والمواطن فريسة سهلة بيد المافيا تنهش الدارالبيضاء وسكانها بمباركة الحكومة وإدارتها المعينة والمنتخبة.