الجمعة 19 إبريل 2024
خارج الحدود

هل هي نهاية شهر العسل بين تركيا والإخوان؟

هل هي نهاية شهر العسل بين تركيا والإخوان؟ الإرهابي محمد عبد الحفيظ (يمينا) والرئيس التركي رجب طيب أردوغان

هل هي نهاية شهر العسل بين تركيا والإخوان؟ هذا هو السؤال الذي بات يطرح بقوة من طرف عدد من المراقبين، منذ قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تسليم محمد عبد الحفيظ، المحكوم عليه بالإعدام في قضية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، بالإضافة إلى إدانته في أحكام قضائية أخرى في قضايا عنف وإرهاب، ولعل ما يزكي هذا التساؤل هو أن تركيا سبق لها أن اعتقلت بعض عناصر الإخوان لمرات متعددة.

 

لم يكن ترحيل شباب الإخوان، أولى خطوات السلطات التركية، للإطاحة بالإخوان، بل سبقها، قيام أجهزة الأمن التركية بالقبض على الممثل المصري هشام عبد الله، الموالي لجماعة الإخوان الإرهابية في مدينة إسطنبول، وسط تكتم شديد، مع احتجازه في تركيا لإدراج اسمه على قوائم "الإنتربول"، وقبل عامين، قامت السلطات التركية، باعتقال 3 من عناصر تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، وهو ما تسبب في إحداث حالة من القلق البالغ في صفوف أعضاء الجماعة الإرهابية، الذين حملوا قيادات الإخوان حينها في الخارج مسؤولية ما حدث لشباب الجماعة في تركيا. معطيات جعلت الكثير من المحللين يتنبؤون بكون عقد العلاقة بين أردوغان والإخوان في طور الانفراط..

 

ولعل ما يعزز هذا الطرح، هو حالة الغضب والارتباك السائدة في صفوف أعضاء التنظيم الإرهابي المتواجدين بتركيا، والتي تعكس أن ما حدث لا يتعلق بحالة معزولة، بل هناك قناعة راسخة لديهم أن تركيا ستتخلص منهم في وقت قريب، حيث عبر عدد من مذيعي القنوات الإخوانية وعدد من شباب الإخوان والموالين للجماعة عبر حساباتهم على مواقع التواصل عن غضبهم مما جرى للشاب الإخواني، معربين عن خشيتهم من تكرار الأمر مع آخرين، خاصة بعدما تردد عن ترحيل شاب آخر قبل يومين للقاهرة، كما شهدت جمعية رابعة الإخوانية في إسطنبول التي تعتبر مقرا لشباب الجماعة، اعتصاما لعدد من عناصر الإخوان اعتراضا على عدم تدخل قادة الجماعة لمنع ترحيل الشاب عبد الحفيظ، فضلا عن تقاعسهم لوقف ترحيل شاب آخر يدعى عبد الرحمن أبو العلا جاء إلى تركيا قادما من السودان منذ 6 أشهر، واحتجز لفترة في مطار أتاتورك، قبل أن يتم إيداعه أحد السجون بغازي عنتاب.

 

ومعلوم أن تركيا احتضنت الإخوان على أراضيها لتحقيق مصالحها الإقليمية، حيث كان أردوغان يهدف من خلال حضور جماعة الإخوان المسلمين بتركيا استخدامها في التوسع في المنطقة وإعادة الزمن إلى الوراء لنحو 100 عام، وهو المسعى الذي لقي الفشل الذريع، مما جعل التوتر بين تركيا والإخوان يطفو على السطح وهو ما تم التعبير عنه بترحيل الإخواني الهارب من العدالة المصرية محمد عبد الحفيظ حسين  من مطار إسطنبول وإعادته للقاهرة لتنفيذ حكما سابقا بالإعدام.

 

وحسب معهد كارنيجي الأمريكي للدراسات، فإن العلاقة بين تركيا والإخوان هي علاقة وظيفية محكومة بالمصالح الجيوسياسية للرئيس التركي، وما يعتريها من تقلبات في المصالح السياسية والأولويات.

 

ويرى إبراهيم ربيع، خبير في شؤون الجماعات الإرهابية، أن تاريخ تركيا، منذ الخلافة العثمانية وحتى الآن، يشير إلى مدى انتهازية واستغلال هذه الدولة؛ موضحا أن تاريخها كله يتحدث عن مدى مشاركتها في كبرى المؤامرات على الدول، ولها ضحايا كثر.. وأضاف ربيع في حديثه لـ "أهل مصر" أن أردوغان كان يحلم بالسيطرة على المنطقة بأكملها من خلال تنصيب جماعة الإخوان على حكم مصر، ليضعف أكبر قوى في الإقليم كله، لكن ثورة 30 يونيو وموقف الجيش المصري جاء ليجهض كل هذه الآمال، فضلا عن قوة مصر خارجيا لاسيما بعد اتفاقية الغاز مع الشرق المتوسط، مما أشعر أردوغان أن مصر أصبحت قوة لا يستهان بها.

 

وعندما بدأت السلطات التركية تحركها التوسعي، كانت جماعة الإخوان إحدى الركائز التي اعتمدت عليها، ليرتبط الاثنان بعلاقة مصالح وثيقة، فالرئيس التركي يحتاج إلى "الإخوان" للتجييش الداخلي في الخطابات الشعبوية والاستمرار بالقبض على مقاليد الحكم، وفي نفس الوقت لاستخدامهم في مشروعه الخارجي.

 

أما الإخوان، فهم بأمس الحاجة للملاذ الآمن في هذه المنطقة التي لفظتهم بعد أن كشفت شعوب المنطقة نفاقهم القائم على ازدواجية المواقف، وأنهم ضحايا لعقود من الاضطهاد، وأنهم يحملون الحلول لمشاكل شعوب المنطقة، لكنهم وفور وصولهم إلى الحكم نكلوا بالشعوب وضاعفوا من حجم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ففروا حاملين خيبتهم الى تركيا التي وجدوا فيها الحضن الدافئ، مخلفين وراءهم إرثا ثقيلا من الإرهاب والفشل الذريع.

 

وتحتضن تركيا المئات من قيادات تنظيم الإخوان ممن وجدوا في مدينة إسطنبول الحضن الدافئ بعض هروبهم من بلهم، وشهد التنظيم تحركات مكثفة طوال العقد الماضي، وبلغت هذه التحركات ذروتها مع بدايات العام 2003، بعد وصول العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا، حيث ينظر الإخوان للدور التركي على كونه النائب للخلافة الإسلامية التي تم إسقاطها سابقا.

 

ومع سقوط جماعة الإخوان في مصر، عقب أحداث 30 يونيو، تحولت العاصمة التركية أنقرة إلى نقطة انطلاق لأنشطة التنظيم الدولي للإخوان، حيث استضافت تركيا العديد من مؤتمرات الإخوان دون اكتراث بالأمن القومي العربي، في إطار سعيها للهيمنة في المنطقة العربية عبر استخدام جماعات إرهابية مثل تنظيم الإخوان كوسيلة غايتها واضحة وهي إحياء السلطنة العثمانية على حساب مصالح شعوب المنطقة، الأمر الذي وضع المنطقة أمام خطر حقيقي، علما أن الإرهاب هو سلاح الإخوان، والجماعة كانت تشكل في الوقت عينه سلاح تركيا للتوسع في المنطقة وضرب استقرارها.