Monday 7 July 2025
مجتمع

البدالي: تبرير قرار إلغاء مجانية التعليم من أجل إصلاحه أكذوبة القرن

البدالي: تبرير قرار إلغاء مجانية التعليم من أجل إصلاحه أكذوبة القرن

قبل أيام قليلة أصدر حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بيانا حول التعليم وصفه بالطبقي وأن الإصلاحات التي يشهدها ليست سوى صورية تهدف لخدمة النظام المخزني.مضيفا أن استرجاع الأموال المنهوبة، وتخفيض أجور الوزراء والبرلمانيين وكبار الموظفين، ومحاربة الغش الضريبي وتخفيض ميزانية قطاعات أخرى غير حيوية... يمكن اعتبارها مصادر كافية لتمويل التعليم على أن الإصلاح رهين بإرادة سياسية حقيقية.

في هذا الإطار توصلت "أنفاس بريس" بقراءة لصافي الدين البدالي، عضو الكتابة لحزب الطليعة الديمقراطي، حول الرأي المثير للجدل الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين المتعلق بمجانية التعليم، نعرضها كالتالي:

"عرفت الساحة وطنية هذه الأيام موجة من الانتقادات بعد أن وافق المجلس الأعلى للتربية والتكوين على رأي إلغاء مجانية التعليم العمومي من أجل إصلاحه، لأن الدولة لم تعد قادرة على تحمل متطلباته. فهل التعليم في حاجة إلى إصلاح أم إلى إلغاء مجانيته؟

إن ما يعرفه التعليم في بلادنا من تقهقر شامل، وعلى جميع المستويات، أصاب في العمق الناشئة والأسر المغربية، بل مستقبل البلاد ككل. فكل المؤشرات تؤكد بأن السياسة التعليمية التي تم إتباعها منذ الاستقلال لا تخدم إلا الطبقة الحاكمة ولا تكرس إلا الطبقية والتبعية. وما تبرير قرار إلغاء مجانية التعليم من أجل إصلاحه يعتبر أكذوبة القرن، لأن التعليم في بلادنا ليس في حاجة إلى إصلاح تبدد وتنهب فيه الأموال الطائلة (البرنامج الاستعجالي 33 ملير درهم، مدرسة النجاح) كنماذج لنهب وتبديد مال قطاع التعليم، ناهيك عن تكلفة تعويضات ما يسمى بالخبراء التربويين، بل يحتاج إلى عزيمة سياسية تجعل التعليم العمومي مركز اهتمام الدولة أفقيا وعموديا وحقلا للبحث والإبداع واستثمار القدرات والمهارات والمبادرات المحلية والوطنية بالارتكاز على المقاربات الحديثة التشاركية والتواصلية والتدبير العقلاني للموارد البشرية والمالية وربط المسؤولية بالمحاسبة والمساءلة والتقويم السليم للنتائج والتحفيز بناء على المردودية التربوية ومحاربة ظاهرة الموظفين الأشباح، حتى يكون بذلك التعليم هو أساس أي تنمية شاملة وتطور اجتماعي سليم والإقلاع عن السياسة التعليمية التي ظلت تمهد منذ الاستقلال إلى سلب أبناء الشعب هويتهم الوطنية والتفكير العلمي والإبداع والتحليل والاستدلال والاستنتاج لفهم الواقع والتعاطي الإيجابي معه والإقلاع عن اعتماد أدوات تربوية عتيقة لا تساعد على الاكتشاف ولا على اكتساب الكفايات والمهارات التي تؤهل الطفل إلى الانخراط الإيجابي في المجتمع والتراجع عن تمكين التعليم الخصوصي بجميع التسهيلات الذي يسعى إلى إرضاء أبناء الطبقة الميسورة وتأهيلهم إلى المناصب الحساسة في المؤسسات الاستراتيجية كالمؤسسات المالية والتجارية وغيرها ذات الارتباط.

إن وضعية التعليم في بلادنا وما آلت إليه رغم كل الخطابات الرسمية والتبريرات لها، لم تأت بسبب عطب تقني في الآلة التعليمية أو بسبب أزمة اجتماعية أو اقتصادية فرضتها تحولات لم تكن في الحسبان، ولكنها وضعية ناتجة عن نوايا استعمارية تؤسس لتعليم طبقي في إطار التوجه العام للنظام المخزني الذي يهدف إلى تكريس الفوارق الاجتماعية من خلال المؤسسة التعليمية والجامعية وذلك تماشيا مع استراتيجية المقيم العام الفرنسي "اليوطي" في مذكرة وجهها إلى المدير العام للتعليم "كلستون لوت" بتاريخ 30 أكتوبر 1915 تنص على تخصيص مدارس خاصة لأبناء الأعيان تمكنهم من ولوج الأسلاك العليا قصد توليهم مناصب عليا في أفق تنظيم الإدارة المخزنية، وبالمقابل تخصيص مدارس من نوع ثان لأبناء العمال والحرفيين والفلاحين لتطوير معارفهم قصد الدخول إلى المزاحمة على مستوى الأسواق.

وهكذا تم التخطيط للتعليم في البلاد حتى لا يؤدي دوره الطلائعي كسائر البلدان المتقدمة بدءا من إجهاض شعار المدرسة الوطنية غداة الاستقلال إلى تعليم يؤدي الوظيفة الاجتماعية والإيديولوجية للطبقة السائدة ضدا على الكيان الاجتماعي كنظام من العلاقات الثقافية والنفسية والاجتماعية بين الأطفال بالمدارس وبين الشباب باعتماد الوصفات الجاهزة للعملية/ التعلمية من إعداد مرتزقة تربويين أجانب من فرنسا وبلجيكا وكندا لتكريس سياسة التبعية التي ظل الشعب المغربي يعيش ويلاتها حتى الآن. وهكذا وحتى لا يؤدي التعليم في بلادنا دوره الطلائعي تم إبعاده وبشكل ممنهج عن التطور المستمر الذي تعرفه النظم التعليمية والتربوية في العالم".