متفقه اليوم يسألني ويقول لي هل تحب السيد المسيح وتحتفل وتفرح بيوم وﻻدته فقلت له نعم؟ وما دمت مسلما ومن أصحاب المحتفلين بمولد النبي اﻷمين محمد صلى الله عليه وسلم، ما المانع من الحب والفرح واﻹحتفال بيوم وﻻدة نبي من اﻷنبياء وهو السيد المسيح عيسى عليه السلام، الذي أمرنا الله تعالى أن نحبه ونجله ونقدره من فوق سبع سماوات، كما أمرنا الله نحن معاشر المسلمين أن نؤمن به وبجميع أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، وهذه من السمات الأساسية والجوهرية لديننا الإسلامي أنه يقيم جسور التواصل مع جميع أصحاب الديانات السماوية بطريقةٍ متفردة ليحقق أسمى معاني التسامح الديني؛ لذا يرسي ويزرع في عقول أتباعه ركيزة هامة من ركائزه وهي أن الأديان السماوية كلها تستقي من معينٍ واحد، يقول سبحانه: "شرع لكم من الدين ما وصىّ به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ..". وقوله تعالى: "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبوراً..".
فمصدر الوحي إذن واحد، ولهذا وجب الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين الذين أنعم الله عليهم بالنبوة والرسالة وهذا ما قرره الإسلام بقوله: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتب ورسله لا نفرق بين أحد من رسله"، وأمر الله تعالى به عموم المؤمنين: "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون".
وعلى هذا فمن أنكر نبوة نبيّ من أنبياء الله فهو في عداد الخارجين عن الإسلام. قال الله تعالى: "إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقّاً.. والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفوراً رحيماً". فالمؤمن المتشبع بأخلاق الإسلام المحمدي يحمل بين جوانحه التقدير والإحترام والحب الذي ليس له حدود لجميع أنبياء الله ورسله، هكذا نفهم الإسلام، وهكذا تعلمته في جامعة القرويين بالمغرب، وهي أقدم جامعة إسلامية في التاريخ البشري والإسلامي على الخصوص، ومن أراد أن يلتحق بمدرسة العشاق والمحبين ﻷنبياء الله فليتفضل.