الأربعاء 15 مايو 2024
سياسة

البهيج: غرور بنكيران أوهمه أن الأحزاب ستأتيه راكعة

البهيج: غرور بنكيران أوهمه أن الأحزاب ستأتيه راكعة

أحالت " أنفاس بريس " بعض الأسئلة على الفاعل السياسي والنقابي الأستاذ محمد البهيج لمعرفة رأيه فيما يخص أسباب "البلوكاج " في تشكيل الحكومة؟ و تأثير ذلك على سير المؤسسات الدستورية ؟ فضلا عن قراءته لسلوك رئيس الحكومة المعين عبد الإله بن كيران حيث صور تعطيل تشكيل الحكومة وكأنه نهاية العالم، مع العلم أن العديد من التجارب في تشكيل الحكومات بالعالم تعرف مشاورات مطولة، مع احترام أحقية كل حزب في طرح شروطه. فكان جوابه كالتالي :
أود في البداية أن أؤكد لكم أن مسألة " البلوكاج " كانت واردة سواء مع بنكيران أو غير بنكيران؛ نظرا لطبيعة نمط الاقتراع، وهو النمط الذي لا يعطي الأغلبية المريحة لأي حزب من الأحزاب الفائزة دون عقد تحالفات فيما بينها وبالشكل الذي يرضي كل طرف من هذه الأحزاب المتنافسة على المشاركة في الحكومة، وما يجري الآن من بلوكاج كما يحلو للبعض تسميته؛ هو نتيجة الثقة العمياء والغرور الأعمى لصاحب المصباح في الأغلبية التي حظي بها أثناء استحقاقات 7 أكتوبر الماضي، وهي الأغلبية التي أوهمته أن كل الأحزاب الراغبة في المشاركة الحكومية ستأتيه راكعة راغبة في التودد للأستاذ بنكيران من أجل أن تحظى بقبوله لها ضمن فريق أغلبيته، لكن الخطأ الجسيم الذي ارتكبه بنكيران من وجهة نظري الخاصة؛ هو تسرعه المفرط في عقد اتفاق مع حزب الاستقلال أو بالأحرى مع شباط دون استئذان أو طلب الإذن من طرف أغلبيته السابقة وعلى رأسها حزب الأحرار الذي يتولاه السيد أخنوش بعد مؤتمر 29 أكتوبر الذي بوأه رئاسة هذا الحزب، وهو الخطأ الذي لم يكن في الحسبان لدى فريق مفاوضات البيجدي لتشكيل الحكومة ضمن التجربة الثانية لهذا الحزب.
باعتبار أن حزب الأحرار يعتبر المنقذ الرئيسي لحزب البجيدي من سقوط حكومة بنكيران الأولى؛ ويحق له الاحتجاج اليوم أو حتى رفض حزب الاستقلال أن يكون ضمن تشكيلة الحكومة في تجربتها الثانية للاعتبارات السالفة الذكر، وبالتالي تكون شروط أخنوش أقرب إلى الواقع الموضوعي للمفاوضات السياسية مع بنكيران في عدم قبول غريمه حزب الاستقلال؛ لتبقى الكرة اليوم وغدا ومستقبلا في شباك البيجدي؛ ويبقى هو الوحيد الذي بمقدوره فك البلوكاج الحاصل عبر استبعاد حزب الاستقلال.
إن استمرار البلوكاج وبهذا الشكل؛ ستكون له تأثيرات سلبية على سير المؤسسات البرلمانية وستعمل على تعطيل مجموعة من القطاعات الحيوية نظرا للتأخير الذي ستعرفه مسطرة اجرأت قانون مالية 2017 المرتبطة بهذه القطاعات الحيوية؛ وعلى رأسها قطاعي التعليم والصحة اللذين عاشا وسيعيشان أحلك مراحلهما نتيجة تدبير حكومة بنكيران لهما حلال ولايته الأولى.
إن الانتكاسة التي تعرفها طريق تشكيل الحكومة في صيغتها الثانية؛ ليست بالشيء الجديد؛ بل هناك دول ديمقراطية سبق وأن عاشت نفس الحالة التي تعيشها بلادنا؛ وعلى رأسها الجارة اسبانيا؛ ومع ذلك خرجت بفضل حنكة وخبرة أحزابها من ذلك النفق الذي أخر تشكيل حكومتهم..
أما ما يجري من تسريبات من طرف بنكيران أو مرتفقيه؛ حول تهويل أمر هذا البلوكاج كما يسمونه؛ فهو يدخل في باب الابتزاز السياسي الذي عودنا عليه مناضلو البيجدي؛ سواء من طرف قيادييه أوكتائبه الالكترونية وأشباحه ذوي الحسابات المضاعفة على بساط الفضاءات الزرقاء، للضغط على منافسيهم وتخويف الجهات التي يرغبون في تخويفها من أجل التدخل والضغط على الأحزاب وجعلها تخضع لشروط البيجيدي، وهي لعبة سياسية تجوز في ظل البياض الذي تعرفه ظروف تشكيل الحكومة والفراغات التي تملأ سير المفاوضات التي من المفروض أن تعوضها لتشغل اهتمامات المتتبعين من المهتمين والسياسيين في آن واحد.
ويبقى مع ذلك بنكيران يعي جيدا صعوبة ما يجري؛ كما يدرك جيدا مدى الخطأ الذي ارتكبه باتفاقه المسبق مع شباط دون استئذان حلفائه في الأغلبية السابقة وعلى رأسهم حزب الأحرار، ويحاول ما أمكن أن يظهر بمظهر الرجل الشريف الذي يريد إشراك الجميع حتى لا يتحمل مسؤولية خطأه لوحده؛ عاملا كل ما في وسعه أن يورط الجميع بما فيهم قيادة حزبه لإخفاء أنانيته وتهوره الزائد عن اللزوم والظهور بمظهر المصلح الذي لم يعد المخزن يرغب في سياسته الإصلاحية.