الثلاثاء 14 مايو 2024
سياسة

الصبار: العدالة الانتقالية في المغرب الهمت "ثوار الياسمين" في تأسيس هيئة الحقيقة والكرامة بتونس

الصبار: العدالة الانتقالية في المغرب الهمت "ثوار الياسمين" في تأسيس هيئة الحقيقة والكرامة بتونس

على مدى يومين، "لا صوت يعلو اليوم فوق صوت الضحايا.. إنه يوم رد الاعتبار للوطنيين الذين قاوموا من أجل بلدهم.. يوم مشهود ولحظة تاريخية ستظل علامة فارقة في مسار بناء دولة القانون.."، هكذا استهلت سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، الهيئة المكلفة بمسار العدالة الانتقالية في تونس، كلمتها في افتتاح أولى جلسات الاستماع العلنية لضحايا القمع والاستبداد خلال العقود السابقة، المنعقدة مساء يوم الخميس 17 نونبر الجاري بفضاء "نادي عليسة"، الذي كان في ملكية زوجة الرئيس المخلوع بن علي.
توالت شهادات الضحايا المثقلة بالآلام والذكريات والشجن في سعي لكشف الحقيقة والمصارحة وكخطوة نحو بقية مسار العدالة الانتقالية، الذي يقوم على ركائز متتابعة، هي كشف الحقيقة وحفظ الذاكرة، مساءلة الفاسدين، وجبر الضرر للضحايا وتحقيق المصالحة الوطنية، وهو مسار متكامل، حدد قانون العدالة الانتقالية آلياته.
تجربة العدالة الانتقالية، يقول الأستاذ احمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن التجربة المغربية الرائدة في مجال العدالة الانتقالية، شكلت مصدر إلهام للعديد من الدول التي رأت في الرؤية المغربية لطي صفحة انتهاكات حقوق الإنسان بالمملكة، نموذجا يحتذى، ومسارا من شأنه أن يضمن لها انتقالا سلسا إلى عهد جديد يجعل من تكريس حقوق الإنسان رهانه الأساسي، واحترام الكرامة الإنسانية على قائمة الأولويات.
ومن هذه الدول، يقول الأستاذ الصبار في اتصال هاتفي مع "أنفاس بريس"، تونس، حيث سبق لوفد حقوقي مهم برياسة سهام بنسدرين، ان زار الرباط في شتنبر 2014، وتباحث مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان على مدى 5 ايام، سياق ونشأة العدالة الانتقالية بالمغرب" و"تفعيل ولاية هيئة الإنصاف والمصالحة"، و"الإشكاليات والدروس المستخلصة"، و"السياق : مدخل للتاريخ السياسي للمغرب"، و"حقوق الإنسان : الإصلاحات المؤسساتية والفاعلون المجتمعيون"، و"بروز إشكالية العدالة الانتقالية" و "الهيئة المستقلة للتحكيم".
وقبل ذلك كان المجلس ممثلا في رئيسه ادريس اليزمي حاضرا في ندوة "إطلاق الحوار حول العدالة الانتقالية بتونس" التي نظمت بالعاصمة التونسية في أبريل 2012، وقدم خلالها رئيس المجلس عرضا حول جبر الأضرار في ضوء تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة. وقد أكد اليزمي في تدخله خلال هذه الجلسة، أن التجربة المغربية راكمت مجموعة من "القيم المضافة" من شأنها أن تثري التجارب الدولية في مجال العدالة الانتقالية. كما مثلت خصوصيات التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية محور عدد من الندوات وورشات العمل التي نظمت في تونس في مارس 2013 في إطار فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي، أبرزت في مجملها أهمية استنساخ هذه التجربة باعتبارها آلية لتحقيق انتقال ديمقراطي سلس..
ويبدو أن النموذج المغربي لا يغري تونس فقط في مجال العدالة الانتقالية، وإنما يقدم لها أيضا تجارب ناجحة في مجالات أخرى ليس آخرها ورش إصلاح الحقل الديني من خلال الاستفادة من التجربة المغربية في هذا المجال وخاصة عبر تكوين وعاظ وأئمة تونسيين بالمغرب.
يذكر أن هيئة الحقيقة والكرامة التونسية تلقت منذ انطلاق عملها أكثر من 65 ألف ملف لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وفساد مالي خلال الفترة ما بين 1955 و2013 أي الفترتين البورقيبية والبنعلية، والتي تتعلق بمختلف العائلات الإيديولوجية والسياسية والاجتماعية. قبلت الهيئة حوالي 51 ألف ملف وأجرت إلى حد الآن حوالي 12 ألف جلسة استماع سرية. وتهدف جلسات الاستماع العلنية إلى "إعطاء الضحية صوتًا طالما كمم في السابق، توفير معلومات بشكل علني لتوثيق ما حصل من انتهاكات ومعالجة آفات نخرت المجتمع التونسي إلى وقت قريب"، حسب تصريح رئيسة الهيئة سهام بن سدرين.