فاجأت سيول الأوحال والمياه الغزيرة التي خلفتها العواصف الرعدية المصحوبة بالبرق والتساقطات المطرية صباح يوم السبت 05 نونبر ومساء يوم الأحد 07 نونبر العديد من المواطنين، وبالخصوص هواة القنص في كل من منطقة الرحامنة وأولاد دليم بمركز 44، وجماعة رأس العين والخوالقة والكنتور واليوسفية، ولم ترحم كل من وجدته في طريقها.
ـ انتشال جثة طفلة والبحث جاري عن والدها
هذا وتأكد خبر العثور على جثة طفلة (س.ب) تبلغ من العمر 10 سنوات وفقدان والدها الذي كان يمتطي دراجة نارية بالقرب من مقبرة حي واذ الذهب (البيار)، في حين ما زالت الأخبار تتحدث عن مفقودين جرفتهم سيول مياه واد كشكاط. وقد عاينت "أنفاس بريس" في جولتها بالعديد من الأحياء الشعبية بشمال المدينة محاصرة الأوحال والمياه للعديد من المؤسسات التعليمية والاجتماعية والإدارية والتي لم يتمكن الوافدون عليها من قضاء مآربهم ( إعدادية عمر الخيام من جهة حي الريطب، دار الشباب لغدير، ثانوية جابر بن حيان، المقاطعة الإدارية الثالثة، المحطة الطرقية، شارع المحيط، شارع الأهرام...). هذا ومازال المواطنون يعانون من محاصرة المياه والأوحال لمنازلهم بكل من حي السعادة، ولغدير، وحي السلام، والريطب التي يمر منها واد كشكاط.
ـ منطقة خارج زمن التنمية
لم يكن أحد يتنبأ باستيقاظ واد كاشكاط الذي كانت تسميه ساكنة المنطقة بـ "الواد الجاهل" حسب مجموعة من تصريحات عمال الفوسفاط، "سميتو الحقيقية واد الجاهل، لأنه كان يتسبب منذ عقود في عدة كوراث وخسائر لا تعد ولا تحصى، يجرف معه كل ما يجده في طريقه، عربات مجرورة ، مواشي نافقة، سيارات ، شاحنات، قنينات الغاز، تجهيزات منزلية، وزواحف سامة..."، يقول محمد المباركي الحمري.. لكن ما وقع مساء يوم الأحد 6 نونبر من السنة الجارية يسائل كل المسئولين بالمؤسسات المنتخبة والإدارات الترابية والسلطات المحلية والإقليمية، حيث يقول أحد القناصة الذي كان متواجدا بمنطقة أولاد دليم صباح يوم الأحد في مهمة صيد مع بعض رفاقه الرماة: "كانت تباشير عاصفة رعدية ومطرية واضحة، ومع ذلك لم نكن نتوقع تلك التساقطات الغزيرة التي أدت إلى فيضانات مهولة، ابتداء بعد آذان العصر، وأجرينا مكالمات هاتفية لتبليغ ذلك إلى العديد من الأصدقاء للاستعداد لمواجهة الفيضانات.. وأعتقد أن السلطات علمت بحجم السيول لكن قلة التجهيزات والدعم اللوجيستيكي وقوة الصبيب أدت إلى الكارثة".
المواطن "ص.م" يسترجع ذاكرته ليحكي عن مجرى واد كشكاط عند مدخل اليوسفية عبر شارع المحيط قائلا "كانت واحد الساقية إسمنتية منذ عهد الاستعمار كتستقبل الفيضانات ديال الواد بناوها الفرنسيين لإبعاد المياه عن الحي المحمدي وتحويل المجري، ولكن دمرها أحد رؤساء المجلس الحضري ( ز.ع) وأنشأ في مكانها حائطا مما ساعد على تدفق المياه وهجومها على مساكن المواطنين". هذه الشهادة تطرح علامات استفهام حول ملف تدبير الشأن المحلي والتعاطي مع الملفات الكبرى ذات الأولوية المحلية، حيث يقول أحد رجال التعليم متسائلا "لماذا منذ سنوات وشارع المحيط بحي السعادة يعيش على إيقاع انفجار قنواته التطهيرية، ولماذا لم تتمكن المجالس المتعاقبة على إنهاء أزمة شارع المحيط؟ وما هي الأسباب الحقيقية التي أجلت إصلاح ممر واد كاشكاط؟".
ـ السطات الإدارية والمؤسسات المنتخبة تتحمل مسئولية تسونامي واد كشكاط
"أنفاس بريس" حولت بوصلة البحث والتنقيب عن شهادة ميلاد واد كاشكاط ومجاله الجغرافي، لتحديد الجماعات الترابية القروية التي يمر منها لوضع النقط على الحروف، فكان تصريح الباحث الأستاذ مصطفى حمزة المتخصص في تاريخ المنطقة وجغرافيتها "واد كشكاط، يعتبر الواد الوحيد الذي يصب في اتجاه شمال منطقة أحمر، عكس الأودية التي تصب في اتجاه الجنوب (بواد تانسيفت)، ومنبع واد كشكاط هو هضبة الكنتور، وتغذيه في حالة تساقط الأمطار مجموعة من الأودية، مما يجعل حمولته أكثر قوة، وفي كثير من الأحيان يتسبب في عدة خسائر مادية وبشرية وخاصة بجماعة الكنتور، ومدينة اليوسفية". وأضاف حمزة "وزاد من خطورة هذا واد كشكاط تحويل مجراه الحقيقي في فترة من الاستعمار، فضلا عن تخلي الدولة على مشروع سقوي على ضفتيه". وعن سؤال لـ "أنفاس بريس" قال مصطفى حمزة "إذا كانت سيول وقوة صبيب اليوم 06 نونبر 2016، قد خلفت عدة خسائر مادية وبشرية ونفسية بالإقليم فإن المسئولين مطالبين باتخاذ عدة إجراءات تحد من خطورة تسونامي واد كشكاط ومن الخسائر التي يخلفها دائما بالمنطقة وباليوسفية والكنتور على الخصوص". وعن الحلول الممكنة لإيقاف زحف المياه الثائرة عبر واد كشكاط قال "يجب إنجاز دراسة تقنية، تضع في الحسبان وضع قنوات تحت أرضية تنقل المياه إلى خارج جماعة الكنتور ومدينة اليوسفية". واضاف محاورنا بأن "السلطات تتحمل المسئولية في تسليم رخص البناء لمتاجر ومساكن ومؤسسات في مناطق مجاري الأودية والأنهار".
ـ ملف واد كشكاط على طاولة مجلس جهة مراكش أسفي
كشفت فيضانات واد كشكاط أمس الأحد 7 نونبر 2016، عن افتقار مدينة اليوسفية لبنية تحتية واستقبالية قادرة على مواجهة مثل هذه الكوارث، وأبانت عن تقاعس السلطات المحلية والإقليمية والمؤسسات المنتخبة في اتخاذ الإجراءات القانونية للحد من منح تراخيص البناء في مجرى ذات الواد، حسب العديد من تصريحات المواطنين الذين التقتهم "أنفاس بريس"، وعرت واقع تدبير الشأن المحلي وفشل المنتخبون في رصد أولويات المنطقة، مما يستدعي حسب مصادرنا تدخل السلطات والمؤسسات الجهوية لاتخاذ إجراءات وتدابير وقائية وعملية، بل إن هناك من يعتبر أن المنطقة منكوبة وتستدعي التدخل على عجل، لاستنفار مصالح عمالة إقليم اليوسفية وجهة مراكش أسفي وكل الجماعات الترابية المتواجدة على ضفتي واد كشكاط في أفق إنهاء فضيحة هذا الواد الذي رافق حياة أجيال وأجيال، ووقع على صفحات الخسائر المادية والبشرية والفلاحية من المنبع إلى المصب في غياب الضمير الوطني.