الجمعة 26 إبريل 2024
فن وثقافة

إبراهيم الغربي الصوت الذي بصم ذاكرة الوطن

إبراهيم الغربي الصوت الذي بصم ذاكرة الوطن حسن بيريش ، وإبراهيم الغربي( يسارا)
1 - إزاء إعلامي أدمن السؤال:
هل يمكن أن نتخيل المشهد الإعلامي السمعي المغربي بدون صوت إبراهيم الغربي..!؟
لطالما راودني هذا السؤال.
ودوما ظل جوابي قيد سؤال آخر:
هل يستطيع العمل الإذاعي أن يراكم ثراءه في غياب صوت إبراهيم الغربي، الذي بصم ذاكرة وطن وأمة..!؟
ما هو بسؤال لأجيب عنه.
بل هو جواب أسأله.
إزاء إعلامي أدمن السؤال، في امتداداته الرحيبة، من العبث ادعاء القدرة على تقديمه عبر تساؤلات.
بلى..
إبراهيم الغربي جواب بشسع الآفاق والأقاصي:
- يملأ الأعين التي فيها يقيم.
- يتسلل إلى الآذان التي به تشرق.
وهل كان، هل يكون غير ذلك طوال عقود من مهنيته رفيعة المستوى، وإنسانيته بالغة الرقي..!؟
2 - متواضع في شموخ مدهش:
بهرم ميدي1:
جمعتني كثير من المناسبات والأنشطة الإعلامية في طنجة التي نتقاسم عشقها حد العجب.
جاورته في منصة الكلام.وتبادلت معه أحاديث وضعتني في تماس مدهش مع غزير ثقافته.
كثير الاستماع.قليل الكلام.
يقدم إبراهيم رأيه الشخصي بهدوء المتيقن.وقناعة العارف. وفصاحة الأديب.ومكر الصحافي.
- إذا هو معك اختلف في وجهة نظر، يتجاوز ببراعة المقطوع به والمشكوك فيه، ثم يمنحك انطباعا باحتمال وجود الصواب معك، لا معه..!!
- إذا اتفق معك في رأي، يذهب إلى أبعد حد في تكريس ما هو مشترك.ثم يثريك برؤاه الغميسة.
هكذا عرفت إبراهيم الغربي:
- متواضع في شموخ مدهش للغاية.
- بسيط تمشي بمحاذاته عظمة نادرة.
- مثقف موسوعي يمتح من رؤى عميقة وثرة.
3 - ميسمه في المقروء وفي المسموع:
حمل القلم قبل أن يبايع الميكرفون.
بدأ مساره في الصحافة المكتوبة، إبان مجدها الغابر.ثم لاذ بالإعلام المسموع.
سنة واحدة بعد انطلاقها، سيلتحق إبراهيم الغربي بإذاعة ميدي1 سنة 1981.
- "كان هذا الالتحاق نقلة نوعية في حياتي، إذ تعلمت الكثير وما زلت أتعلم إلى الآن".
هكذا يقول مسترجعا تلك السنوات الحوافل، التي سارت به نحو رحابة أسماعنا.وحولته إلى قطب من أقطاب الصحافة في هذا البلد.
ترك ميسمه في المقروء، من خلال كتاباته التي اتسمت بعمق الفكرة، واتساع الرؤية، ورشاقة التعبير.
وسيترك بصمته في المسموع، من خلال جرأته في الكشف عن الحقائق، وانتقاد العلل والاختلالات.
4 - ثلاثية سلطته الرابعة:
أربعون سنة قضاها في دواليب السلطة الرابعة.حافظ خلالها على ثلاثيته الراسخة:
أ - نزاهة الصحافي.
ب - أخلاق المثقف.
ت - حياد المحاور.
مع ذلك..
وبعد كل هذا العمر من التألق ذي الصيت البعيد، يأبى تواضعه إلا أن يجعله يقول للصحافيين المبتدئين:
- "في عوالم الصحافة كلنا مبتدئون.أن تكون صحافيا معناه أنك قيد التعلم ستظل دائما"..!!
ما أروع تواضع الكبار.
كلما تواضعوا أكثر ازدادو سموقا في أعيننا.
5 - لغتان وصوت واحد:
منذ انطلاق بثها بتاريخ 8 شتنبر 1980:
رفعت محطة البحر الابيض المتوسط ميدي1 شعارها الشهير "صوت واحد ولغتان".
هذا الشعار سيتجسد، بشكل مختلف وعميق، في حياة ومسار إبراهيم الغربي، على مدى أربعين عاما.
في مقابلته مع موقع "هسبريس":
لخص إبراهيم شعار ميدي1 عبر قوله: "تجربة فريدة انصهرت فيها إرادتان مغربية وفرنسية".
في مقابلتي مع تجربته الخصيبة:
يتبدى لي أن صوته ما كان يوما مفردا، بل غزير التعدد، ثري الروافد، مداه بحجم الوطن.
أما لغته المشاكسة، الآهلة بوافر الرموز، الممتدة من الشجون إلى السجون، فلن أجد لها تعبيرا يوفيها حقها الكبير سوى في إحالتكم على برنامجه المتفرد:
سؤال الساعة.
6 - سليل المجد الطنجوي التليد:
هل يمكن أن نتخيل طنجة في غياب الحضور الطاغي لرجل في قيمة وقامة إبراهيم الغربي..!؟
ما راودني قط هذا السؤال.
لأن طنجة به تكتمل.
وبوجوده تعتز وتفخر.
انظروا جيدا معي هذا المشهد الجميل، الآسر:
إبراهيم الغربي يقوم بجولته اليومية في بوليفار طنجة.إنه يمشي على مهل.يتأمل الأمكنة والشخوص والأشياء.لا يكف الناس عن مصافحته والتقاط صور معه.
أجل:
إنه سليل المجد الطنجوي التليد.
إنه إعلامي يشار له بالحب أينما حل وارتحل.