السبت 11 مايو 2024
كتاب الرأي

محمد جدري: في الحاجة لقيادات سياسية مسؤولة !

محمد جدري: في الحاجة لقيادات سياسية مسؤولة !

بعيدا عن الحديث عن المشاورات لتشكيل حكومة بنكيران الثانية، وفي ظل حركة المد و الجزر التي يعرفها الحقل السياسي، في غياب أي منطق معقول. فإن البلاد أصبحت في حاجة ماسة لإعادة النظر في مكونات النخبة السياسية، من أجل الرقي بالعمل السياسي، وذلك عن طريق التأسيس لقيادات حزبية تحترم نفسها، ثم تحترم مناضليها، و الأهم من هذا كله، أن تحترم إرادة الناخبين.

في قراءة بسيطة لما ترتب عن تشريعيات 07 أكتوبر، راعت انتباهي نسبة المشاركة العامة في الانتخابات، إذ أن هذه الأخيرة، لم تتجاوز 43%. مما يعني أن كل حساسيات المجتمع من إدارة و أحزاب و مجتمع مدني و إعلام لم تستطع مجتمعة إقناع أقل من نصف المسجلين في اللوائح الانتخابية (ليس نصف ما يحق لهم التصويت) من الذهاب إلى التصويت يوم الإقتراع. دون الحديث عن البطائق الملغاة و التي بلا شك ستكون بالألاف، فإن النسبة الحقيقية لن تتجاوز 40% في أفضل الأحوال.
بالعودة للفصل السابع من دستور فاتح يوليوز 2011، يتبين أن المسؤولية الكبرى لتعبئة المواطنات و المواطنين تظل على عاتق الأحزاب السياسية. هذه الأخيرة، تتحمل مسؤولية تأطيرهم و تكوينهم و تعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، و في تدبير الشأن العام ...

انطلاقا مما سبق، و بقراءة تحليلية لأهداف كل الأحزاب السياسية المعلنة قبل الإنتخابات، سنحاول عرض وجهة نظرنا تجاه كل الفرقاء السياسيين:

1. حزب العدالة والتنمية: صرح حزب البيحيدي، أن هدفه الأسمى، هو تحقيق المرتبة الأولى في استحقاقات 07 أكتوبر. الشيء الذي تحقق و بفارق مريح عن صاحب المرتبة الثانية. بالمقابل، فإن تنحي عبد الإله بنكيران عن منصب الأمين العام، أصبح أمرا ملحا، لثلاث أسباب، أولا، لأن القانون الداخلي للبيجيدي، يمنع بنكيران من الحصول على ولاية ثالثة، ثانيا، لرفع اللبس عن تصريحات بنكيران، هل هي بصفته الحزبية، أم بصفته رئيسا للحكومة. ثالثا، كلى المنصبين يحتاجان تفرغا كاملا.

2. حزب الأصالة والمعاصرة: حزب البام صرح هو الأخر أن هدفه، تحقيق المرتبة الأولى في الانتخابات. الشيء الذي لم يتحقق. وعليه، فإن الحزب مطالب بإعادة ترتيب أوراقه للإستعداد لاستحقاقات 2021. الشيء الذي لم يمكن تحقيقه إلا من خلال إعادة النظر في منظومته بشكل كامل؛

3. حزب الاستقلال: سبق أن صرح حميد شباط خلال اتتخابات 2015 أنه يتعهد بتقديم استقالته إن لم يحصل حزبه على المرتبة الأولى، بل أكثر من ذلك، عاد مرة أخرى، ليصرح أن حزبه سيحصل على المركز الأول في استحقاقات 2016. لكن، لا شيء من هذا تحقق، بل إن الحزب فقد 14 مقعداً مقارنة بانتخابات 2011. بالمقابل، هرول الحزب للمشاركة في الحكومة بعدما ظل يعارضها لمدة 03 سنوات. وعليه، فإن لملمة الصف الداخلي للحزب لن تتم إلا عن طريق انتخاب قيادة جديدة قادرة على إعادة التوهج لحزب علال الفاسي.

4. حزب التجمع الوطني للأحرار: لم تتأخر استقالة صلاح الدين مزوار كثيرا، لكن دعوة عزيز أخنوش للحزب و احتمال ترؤسه، خلال المؤتمر الاستثنائي المزمع عقده غدا، لا يمكنها أن تخدم الحياة الحزبية المغربية. أليس عزيز أخنوش من قفز من مركب الحزب للاستمرار في منصبه كوزير للفلاحة عبر بلاغ لوكالة المغرب العربي للانباء ليلة إعلان حكومة بنكيران الأولى.

5. حزب الحركة الشعبية: يعتبر امحند العنصر من أقدم الأمناء العامين، إن لم يكن أقدمهم. هذا الحزب الذي يتقهقر اتتخابات بعد اتتخابات. وعليه، فإن وقفة مع الذات و فرز قيادة جديدة أصبحت أمرا محسوما.

6. حزب الاتحاد الدستوري: أصبح الحزب فاقدا لهويته، خصوصا بعد فقدانه لفريقه. لن يكون مستبعدا إن سمعنا غدا بانصهار الحزب داخل التجمع الوطني للأحرار.

7. حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: فقد الحزب الكثير من بريقه، إذ لم يحصل على سوى 20 مقعداً، و ذهب مجموعة من القياديين نحو تأسيس حزب البديل. لا يمكن لحزب عبد الرحيم بوعبيد أن تقوم له قائمة إلا بعودة كل الاتحاديات و الاتحاديين لصفوفه. هذه العودة لا يمكنها أن تتحقق إلا عن طريق استقالة القيادة الحالية.

8. حزب التقدم و الاشتراكية: ماأثار استغرابي، في حزب علي يعتة هو امتناع وزراء الحزب الخمسة عن النزول للترشح في الانتخابات. إذ يعبر هذا المؤشر عن مدى تراجع ثقة الناخبين في هذا الحزب. وعليه، فإن قيادة الحزب مطالبة بوقفة تأملية للوضع الداخلي، وكذلك لتقييم التحالف الاستراتيجي مع البيحيدي.

9. فيدرالية اليسار: لم تستطع ثلاثة أحزاب مجتمعة من الحصول على أكثر من مقعدين. بل لم تستطع الحصول على 3% من أصوات الناخبين على المستوى الوطني. وعليه، فإن الفيدرالية، يلزمها الكثير من العمل لفهم الماكينة الانتخابية المغربية.

10. الأحزاب الأخرى: لن يكون باستطاعة هذه الاحزاب أن تعيش في ظل غياب دعم عمومي من طرف الدولة، و بالتالي، فإن هذه الأحزاب ستكون أمام خيارين اتنين لا ثالث لهما، إما الاندماج في أحزاب تراها قريبة من ايديولوجيتها و إما إعلانها عن حل نفسها.

ختاما، من أجل المحافظة على ذلك البصيص من الأمل الذي تولد لدى الناخب المغربي، فإن مكونات النخبة السياسية مدعوة للعمل من أجل تخليق الحياة السياسية بالبلاد.