في سياق الندوة التي نظمتها أسبوعية "الوطن الآن" وموقع "أنفاس بريس"، والتي نشرت كل تفاصيلها في "الوطن الآن" لهذا الأسبوع، بعنوان: "قادة الفيدرالية.. اليسار قادم"، والتي حضرها قادة اليسار: علي بوطوالة، نبيلة منيب وعبد السلام العزيز، طرح سؤال حول موقف اليسار من الدين وعلاقته بالسياسة، وكذا الفهم السائد عند الرأي العام المغربي حول كلمة يسار نفسها التي يراها هذا الأخير أنها تعني الكفر والإلحاد والعلمانية وليس فصل الدين عن السياسة. في ما يلي رأي القيادي اليساري عبد السلام العزيز الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي:
"اليسار لم يسبق له أن كان متخاصما مع الموروث الديني.. هناك مستويان، المستوى الإيديولوجي الدعائي واستغلال جملة معينة قالها أحد قادة اليسار وقد تم استغلال ذلك كثيرا خلال هذه الحملة الانتخابية.. استغلت كثيرا جملة قيلت لدرجة أضحى يطرح سؤال هل أنتم مع المثليين؟ هل أنتم ضد الدين؟ إذا صعدتم للحكم ستقدمون على كذا وكذا؟ والحال أن اليسار مخالف تماما لما يروجه خصومه.. وعلى أية حال اليساريين هم ككل المغاربة فيهم المتدين وغير المتدين، فيهم من يذهب للحج وفيهم من لا يقوم بذلك، وفيهم من يصلي وفيهم من لا يصلي.. هم مغاربة يعتنقون الدين الإسلامي كما عشناه.. وظاهرة الإسلام السياسي استوردت في المغرب بعنف المال وعنف الإيديولوجيا.. وأنا أتذكر في وقت معين، كشبان وكمراهقين، كنا نواجه بشبان قادمين من باكستان عند جلوسنا بالمقاهي.. نوض تصلي.. وأحضروا الكتب وتمويلا كبيرا.. ورغم هذا كله لا ينبغي علينا التهويل من الأمر.. شحال ديال الأصوات عند هاذ الحزب اللي كيستعمل الدين.. مليون و500 أو 600 أو 800 مقابل 26 مليون مغربي في سن التصويت.. الإشكال لا يكمن في من يصوتون، فهذا أمر عادي جدا، بل الإشكال يكمن في اليسار.. قيل إن حزب العدالة والتنمية سيتطور على غرار الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا، لكن ليست هناك أية بوادر لتحول هذا الحزب.. وفعلا ينبغي علينا أن نتحدث بخصوص المسألة الدينية، ولا أعتقد سيكون لدينا اختلاف بهذا الخصوص داخل الفيدرالية. المغرب لم يعرف الثورة من داخل المؤسسة الدينية بخلاف أوروبا التي عرفت الثورة من داخل المؤسسة الدينية والتي أعطت لأوروبا إمكانيات التطور، بينما نحن بقينا للأسف في إطار النقل وفي إطار القرن الثالث عشر.. وللأسف فالعلماء الذي أتوا مع عصر النهضة لم تكن لديهم مقاومة، فلما دخل الإسلام الوهابي إلى المغرب بالعنف بقوة المال ومجموعة من الأشياء.. فعلماء المغرب لم تكن لديهم قوة المواجهة الفكرية، وأنا أتذكر نقاشات كبيرة كانت في السبعينيات من القرن الماضي. ولكن مع الأسف لم يتمكنوا من التصدي للوهابيين الذين كانوا أكثر عدة ومالا حيث تمكنوا، من خلال خطاب فيه السياسة، من الشباب.
وأظن أن اليسار ينبغي عليه الآن أن يلعب دوره على هذه الواجهة، لكن لا ينبغي تحميل اليسار أكثر ما يمكن أن يتحمله، فلسنا لوحدنا من سيقوم بذلك، فالعلماء لديهم دور، ولابد من إعادة قراءة تاريخ الإسلام انطلاقا من هذا العصر، ولا يمكننا أن نتقدم إذا قرأنا ديننا بنظارات الماضي".