Tuesday 17 June 2025
سياسة

مصطفى العراقي: لماذا تراجع الاتحاد الاشتراكي؟؟

مصطفى العراقي: لماذا تراجع الاتحاد الاشتراكي؟؟

لم يحصل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في استحقاق السابع من أكتوبر سوى على عشرين مقعدا، أربعة عشر منها في اللوائح المحلية. نتيجة صادمة ليس فقط  لمناضلي هذا الحزب الذي تأسس من أجل الدفاع عن قضايا الشعب المتمثلة أساسا في التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية... بل كذلك للحقل السياسي الوطني الذي لم يكن يعتقد أن حزبا بعمق تاريخي مجتمعي وبتضحيات جسام سيتراجع انتخابيا ليحرز فقط على أقل من خمسة بالمائة من عدد مقاعد مجلس النواب.

نتيجة تسائل الآن أكثر من أي وقت مضى ولا تستحمل التأجيل.. تسائل أعضاء الاتحاد ومناصريه الذين حملوا في القلب الفكرة الاتحادية وجعلوا منها هواء تطلعاتهم لبناء مجتمع جديد: لماذا هذا الاندحار العددي؟ وكيف أصبح الحزب الذي شكل  رقما رئيسيا في المعادلة السياسية بالمغرب منذ  تأسيسه كيف له اليوم أن يصبح إحدى أصغر الأرقام في مكونات المؤسسة التشريعية؟؟ وفي انتظار القرارات التنظيمية والسياسية التي ستتخذها الأجهزة الوطنية للحزب   نطرح العناصر التالية:

- أولا؛ أثرت أعطاب تدبير الخلافات داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خاصة في السنوات الأخيرة على وضعه التنظيمي وانتاجه الفكري. أعطاب عدة  بعضها  ذاتي وبعضها مرتبط بالخط الايديولوجي والسياسي لحزب القوات الشعبية أججت نيران هذه الخلافات، وخاصة في المحطات التنظيمية وتداعياتها، واستنزفت قدرات الأجهزة وفعالياتها وأدوارها، وأنهكت المناضلين الاتحاديين ودفعت العديد منهم إلى خيارات أخرى  تنظيمية أو ذاتية تتمثل في وضع مسافة بينهم وبين الحزب الذي رأوا فيه أنه  أخل بالمشروع المجتمعي الذي أسس من أجله وتخلى عن القيم والمبادئ التي تعد جوهر وجوده.

ولم تكن أعطاب الاتحاد مجرد انتاج داخلي تنظيمي فقط. لقد تم استهدافه كذلك  أطراف بعضها ينتمي إلى السلطة وزرعت قنابل موقوتة داخله كانت تفجرها وقت ما تشاء. وأطلقت هذه الاطراف جرائد ومواقع لتنفث سمومها ضد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وتنشر أباطيلها وتفتعل  أخبارا ووقائع وهمية هدفها إضعافه وتأجيج حروبه الداخلية وإلهاؤه على توسيع إشعاعه وبناء أداته التنظيمية وتكوين مناضليه. وقد نجحت هذه الاطراف في مؤامرتها وتعد مسؤولة على ما آلت إليه أوضاعه.

- ثانيا؛ التخلي عن تقوية أدرع الحزب، وخاصة شبيبته ونساؤه، والتي كانت إحدى أبرز روافده، بل أثرت الصراعات التي شهدها الحقل النقابي على قوة الاتحاد ودفع  بأطر وقطاعات إلى مغادرة سفينته. وكان لذلك آثار سلبية وتداعيات افقية وعمودية.

- ثالثا؛ رداءة الخطاب السياسي بالمغرب التي جعلت فئات واسعة تكفر بالعمليات الانتخابية لأنها غير ناجعة ولا مصداقية لها. وأرقام المسجلين في اللوائح الانتخابية والمعبرين عن أصواتهم وانتماءاتهم الاجتماعية ومستوياتهم الفكرية تؤكد ذلك. اليوم هناك وعي عام لدى المواطنات والمواطنين بأن صناديق الاقتراع لا تتوفر فيها شروط التعبير وبحرية عن الاختيار الواعي والمسؤول. اليوم أصبحت الطريق إلى هذه الصناديق معبدة بأموال مشبوهة وبأفكار تتقمص لبوسا دينية تبث فشلها في مجتمعات أخرى.

إن إرادة تكريس هذه الرداءة لا تخدم الديمقراطية في شيء. تماما كما هو الشأن بالنسبة لصياغة خريطة سياسية تصر على تقزيم أدوار الأحزاب ذات العمق الوطني التاريخي.. وليس من ضحاياها الاتحاد الاشتراكي والصف الوطني التقدمي فقط بل إنها تهدد مستقبل الوطن.

هذه بعض عوامل تراجع حزب المهدي وعمر وعبد الرحيم. وهو اليوم بحاجة لاستعادة تلك الروح التي ضحوا من أجلها ومعهم الآلاف من المناضلين.