عقد ادريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان صباح اليوم لقاءا صحفيا لتقديم تقرير أولي للملاحظة الإنتخابية للإنتخابات التشريعية 7 أكتوبر 2016، وفيما يلي نص التقرير :
السياق العام لانتخابات 2016
الإطار التشريعي والتنظيمي واللوجستيكي:
بداية لابد من التذكير أن مجال الملاحظة الانتخابية المستقلة قد شهد نقلة نوعية من خلال مقتضيات الفصل 11 من الدستور التي رقت بهذا المجال إلى مستوى أسمى قانون في البلاد، كما أفردت له إطارا تشريعيا خاصا يتمثل في القانون 30-11.
الاطار القانوني:
في إطار الإعداد للانتخابات التشريعية التي نظمت يوم الجمعة 7 أكتوبر 2016، اقر البرلمان تعديلات على قانونين تنظيميين يتعلقان بمجلس النواب (ق.ت 11-27)، والآخر بالأحزاب السياسية (ق.ت 11-57)، كما شملت التعديلات القانون رقم 11-57 المتعلق باللوائح الانتخابية.
وقد سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان أهمية التعديل الذي قلص من العتبة المطلوبة للمشاركة في توزيع المقاعد من 6% إلى 3%.
وإذ يؤكد المجلس أنه يعود للبرلمان وحده تحديد الاختيارات الأساسية للأنظمة الانتخابية، فإنه يسجل بارتياح هذا التعديل الذي يجعل بلادنا تلائم منظومتها التشريعية الانتخابية مع مثيلاتها في البلدان الديمقراطية العريقة، ويشير المجلس بهذا الصدد إلى التوصية رقم 1547 (2007) للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا التي تحمل عنوان "وضعية الديمقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا"، والتي تشير إلى أنه في الديمقراطيات الناضجة لا يمكن أن نتجاوز العتبة بنسبة 3 % في الانتخابات التشريعية.
وسجل المجلس بإيجابية أيضا التعديل الذي مكن الأحزاب من تشكيل تحالفات خلال الانتخابات، ويعتبر المجلس أن هذا التعديل يندرج ضمن إعمال السلطات العمومية لالتزاماتها في مجال النهوض بمشاركة المواطنات و المواطنين في الانتخابات وفقا لمقتضيات الفصل 11 من الدستور.
كما سجل المجلس أيضا إيجابية التعديل الذي مكن من إفساح المجال للشابات والشبان معا والبالغين من العمر أقل من 40 سنة من الترشح في الجزء الثاني للائحة الوطنية، ويعتبر المجلس أن هذا التعديل يشكل خطوة مهمة لأجل إحداث الانسجام الضروري في جعل المقتضيات التشريعية التي تهم التمييز الإيجابي والرامية لتقوية التمثيلية السياسية للنساء والشباب.
تابع المجلس باهتمام بالغ النقاش داخل البرلمان حول حماية المعطيات الشخصية في سياق التسجيل الالكتروني في اللوائح الانتخابية، وذلك بمناسبة مناقشة مشروع القانون 16-02 المعدل والمتمم للقانون 11-57 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة، والذي أثيرت خلاله قضايا قانونية على درجة كبيرة من الأهمية من قبيل الطبيعة الفردية والطوعية لقرار طلب التسجيل في اللوائح الانتخابية وكذا مسألة "الرضى الصريح" للأشخاص في حالة التسجيلات الالكترونية الجماعية والمنجزة من قبل أشخاص معنويين ( أحزاب- جمعيات....)، كما أثيرت أيضا مسألة عدم تطابق التسجيلات الالكترونية الجماعية المنجزة خلال فترة المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية لسنة 2015، مع مقتضيات 09.08 المتعلق بحماية معطيات ذات الطابع الشخصي، وتعارضها أيضا مع التوصية رقم 108-215 الصادر عن اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية.
لقد قدم المرسوم رقم 16-1910 المؤؤخ في 5 يوليوز 2016 الصادر عن وزارة الداخلية جوابا جزئيا عن الانتقادات السالفة الذكر بتطبيق قاعدة "عنوان إلكتروني واحد تسجيل واحد".
في نفس السياق يثمن المجلس تحديد فضاء وضع الاعلانات الانتخابية(affichages) و هو ما يوافق مع رأي المجلس المنسجم مع مقتضيات الفصلين 11 و 28 من الدستور.
يعتبر المجلس الإجراء المتعلق بتحديد سقف النفقات الانتخابية للمرشحين خلال الحملة الانتخابية في 500 ألف درهم لكل مرشحة ومرشح يشكل تدبيرا يهدف تقوية الشفافية ومراقبة النفقات الانتخابية.
وعلى الرغم من مجمل التدابير التشريعية والتنظيمية المتخذة في إطار تحضير الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الجمعة 7 أكتوبر 2016، كان المجلس لايزال منشغلا بالتأخير الذي يعرفه إصدار سجل الترسانة القانونية والتنظيمية الانتخابية في آجال معقولة قبل موعد الاستحقاق الانتخابي.
والمجلس إذ يثمن المجهودات التي بذلت لتحديد الإطار التشريعي والتنظيمي لانتخابات مجلس النواب، ويذكر بضرورة تحقيق نوع من الاستقرار في المنظومة القانونية التي يجب ألا يطالها أي تغيير سنة قبل موعد الاستحقاقات الانتخابية.
التكوين:
لقد ساهمت التكوينات التي أشرف عليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان واللحنة الخاصة باعتماد الملاحظين في توطيد الشعور بانتماء الملاحظين المغاربة للمنظومة الدولية لملاحظة الانتخابات، وساهمت أيضا في تعزيز قدراتهم ومعارفهم ومهاراتهم التقنية والقانونية والعلمية والنظرية.
لقد شهدت الدورات التكوينية مشاركة 1680 مشاركة ومشارك برسم هذه السنة وهو ما يشكل ضعف العدد الذي سجل في انتخابات سنة 2011، والذي بلغ 889 مشارك ومشاركة، فضلا عن 400 مكون قاموا بدور أساسي في تكوين ملاحظين وملاحظات من مختلف الجمعيات المعتمدة وقد بلغ عدد الدورات التكوينية 18 دورة تكوينية استمرت طيلة شهري يوليوز وغشت وتواصلت إلى غاية بداية شهر شتنبر.
ملاحظة الانتخابات :
طبقا لمقتضيات القانون 30.11 القاضي بتحديد شروط و كيفيات الملاحظة المستقلة و المحايدة للانتخابات، وفي إطار التحضير لملاحظة الانتخابات التشريعية ليوم 7أكتوبر 2016، قامت اللجنة الخاصة المكلفة باعتماد الملاحظين،المحدثة لدى المجلس الوطني لحقوق الانسان ، بتحديد منهجية عملها وتلقي طلبات الاعتماد ابتداء من 2 ماي 2016. ومما يجدر التذكير به أن الهيئات المؤهلة للقيام بمهام الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات، طبقا للمادة 2 من القانون 30.11 ،هي المؤسسات الوطنية المؤهلة بحكم القانون للقيام بمهام ملاحظة الانتخابات، وجمعيات المجتمع المدني الفاعلة، المشهود لها بالعمل الجاد في مجال حقوق الإنسان، ونشر قيم المواطنة والديمقراطية، المؤسسة بصفة قانونية والمسيرة وفق أنظمتها الأساسية، والمنظمات غير الحكومية الدولية المؤسسة بصفة قانونية.
وقد اعتمدت اللجنة في ختام أشغالها 68 هيئة وطنية و دولية عبأت4681 ملاحظا وملاحظة مقابل 3498 سنة 2011 ، أي بنسبة زيادة وصلت إلى% 34 . ويتشكل الملاحظون المعتمدون من 316 ملاحظا دوليا و 412 ملاحظا معبئين من لدن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، و 3954 ملاحظا و ملاحِظة ينتمون لجمعيات المجتمع المدني.
وتنقسم الجمعيات الوطنية إلى قسمين، مجموعة أولى ذات امتدادات وطنية كالنسيج الجمعوي لملاحظة الانتخابات ومنتدى الكرامة لحقوق الإنسان و المنتدى المدني الديمقراطي المغربي و التحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والمنظمة المغربية لحقوق الانسان والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، ومجموعة ثانية ذات امتدادات جهوية أو محلية كجمعية إبداعات نسائية بصفرو وجمعية سواعد للتضامن والتنمية بجرسيف وجمعية الصداقة للتنمية والبيئة والثقافة بواد زم. كما تتميز هذه الجمعيات بتنوع مجالات تدخلها، حيث نجد جمعيات متخصصة في مجال الملاحظة إلى جانب جمعيات تشتغل في مجال حقوق النساء و الشباب و الأشخاص في وضعية إعاقة.
وينتمى الملاحظون الدوليون إلى 36 هيئة وهي الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا (والممثلة ببرلمانيين من إيطاليا،البوسنة والهرسك، المملكة المتحدة، أوكرانيا، هولندا،البرتغال و بولونيا )، شبكة الانتخابات في المنطقة العربية،الشبكة العربية لديمقراطية الانتخابات، فدرالية مراكز حقوق الناس بالوطن العربي ، جمعية النوع الاجتماعي الدولية ، المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية، المعهد الديمقراطي الأمريكي، مجموعة الدراسات حول الأزمات(اليابان)، مجموعة التفكير تنك بياس( مالي)، مرصد السياسات والانتخابات في العالم الإسلامي ( اسبانيا)، مجلس الديلوماسية العمومية بكتالونيا (اسبانيا) ، المجلس الأعلى للاتصالات بالنيجر، الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان و المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان بكل من فلسطين و البحرين و الأردن و قطر و تونس و موريطانيا و عُمان و ونيجيريا و الغابون و السنغال و الطوغو و مالي و غانا، و البعثات الدبلوماسية بالمغرب لكل من المندوبية الأوربية و فرنسا و وكندا و ألمانيا و الولايات المتحدة الأمريكية و السويد و هولندا و المملكة المتحدة.
ويُعبر هذا التواجد المكثف عن الاهتمام الكبير الذي يوليه الملاحظون الدوليون لهذا الاستحقاق التشريعي الثاني الذي ينظمه المغرب بعد المصادقة على دستور فاتح يوليوز 2011.
أحداث هامة
الحملة الانتخابية
عموما، مرت الحملة الانتخابية في جو طبعه الهدوء، وتوفرت فيه ضمانات الحرية والشفافية، مع تسجيل بعض الحوادث، خلال بعض المسيرات. و قد تدخلت السلطات، تحت إشراف النائب العام، لوضع حد لهذه الاضطرابات.
وقد نظمت الأحزاب السياسية 12،816 تجمعا شارك فيها حوالي مليون مشارك، أي ما معدله 77،000 مشارك في اليوم الواحد، مقابل تنظيم 5600 تجمع خلال سنة 2011، شارك فيها 351،000 مشارك أي ما معدله 35،000 مشارك (ة) في اليوم الواحد.
و قد ساهم الفاعلون الجمعويون، من جانبهم، في المسلسل الانتخابي بانخراطهم في ديناميات التداول و التعبئة والترافع. وقد هم هذا الانخراط بالأساس موضوعات مثل الشباب والثقافة والفن والبيئة وغيرها.
ضمان حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة
شارك المجلس الوطني لحقوق الإنسان بفعالية في جهود التحسيس بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها في سياق هذا المسلسل الانتخابي. وهمت تلك الجهود التدابير الضرورية الكفيلة بضمان ولوج الأشخاص ذوي الإعاقة لمكاتب التصويت ومشاركتهم في ملاحظة الانتخابات. وفي هذا السياق، وبناء على توصيات المجلس ذات الصلة، وجهت وزارة الداخلية دورية للولاة والعمال تحثهم فيها على اتخاذ التدابير الكفيلة بتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة حق التصويت.
وقد حصل ائتلاف وطني وجمعيتان يعملون في مجال الإعاقة على الاعتماد من لدن اللجنة الخاصة لاعتماد ملاحظي الانتخابات. كما استفاد 306 مشاركين، ينتمون لثلاث جمعيات عاملة في مجال الإعاقة، من دورة تكوينية نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ومن جهتها تقدم اللجان الجهوية لحقوق الإنسان الدعم والمساعدة للجمعيات المحلية من أجل ضمان مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في ملاحظة المسلسل الانتخابي.
خلاصات
يمثل اقتراع 7 أكتوبر 2016 دورة انتخابية جديدة أخرى منتظمة ويكرس تطبيع ممارسة التصويت في المغرب. ذلك أن احترام دورية الانتخابات يعد أمرا أساسيا لتعزيز المسار الديمقراطي الوطني في سياق سياسي إقليمي مضطرب.
على المستوى التدبيري، تم تنظيم العملية الانتخابية بشكل جد محكم. وقد ساهمت الإدارة المشرفة على الانتخابات، من خلال نجاحها في التنظيم اللوجيستيكي للعملية، في ضمان مصداقة وشفافية الاقتراع.
ويؤكد عدم وجود حالات طعن كبرى في العملية من لدن الفاعلين السياسيين، وكذا الخلاصات الأولية لمختلف الهيئات الوطنية والدولية المشاركة في الملاحظة المحايدة والمستقلة للانتخابات، أن الاقتراع مر في جو تطبعه الحرية والنزاهة.
تبقى نسبة المشاركة المسجلة في حدود المعدلات المسجلة بالبلدان المشابهة التي تشهد انتقالا ديمقراطيا وتنظم بها انتخابات حرة. وتعادل النسبة المسجلة في هذا الاستحقاق تقريبا تلك المسجلة في الانتخابات التشريعية لسنة 2011 رغم أن هذه الأخيرة عرفت تعبئة استثنائية.
وسيعمل المجلس من خلال الاستغلال المعمق للمعطيات المتأتية من ملاحظته الميدانية للاقتراع على بلورة تقرير ختامي يتضمن خلاصاته وتوصياته. كما سيتابع المجلس مسار المنازعات الانتخابية أمام القضاء الدستوري.