السبت 18 مايو 2024
سياسة

الفقيدان عبد الرحيم بوعبيد وعلال الفاسي بعيون المفكر عبد الله العروي

 
 
الفقيدان عبد الرحيم بوعبيد وعلال الفاسي بعيون المفكر عبد الله العروي

"الحركة الوطنية هي التي خلقت الشعور الوطني بمعناه الحديث"، و"لست مقتنعا بالجمهورية الريفية. ليست سوى كلمة تغطي بنية جد تقليدية . لو انتصر عبد الكريم لأسس سلالة جديدة كما فعل السعديون". هذه بعض التصريحات التي أدلى بها عبد الرحيم بوعبيد لعبد الله العروي أيام كان هذا الأخير يهيئ كتابه "الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية" الصادر سنة 1977. والمناسبة هي صدور كتاب باللغة الفرنسية بعنوان "Le Nationalisme Marocain" يضمنه مؤلفه عبد الله العروي حوارين لم يسبق نشرهما من قبل مع كل من بوعبيد وعلال الفاسي، وقد ترجمتهما مجلة "زمان" في عددها الأخير (34 و35، غشت/شتنبر2016).
الحواران يفيدان في الاطلاع على جوانب وآراء ترتبط بسيرة الزعيمين الوطنيين. ففي الحوار مع الزعيم الاتحادي نتعرف على ظروف نشأته داخل وسط الحرفيين الصغار. "والدي، يقول بوعبيد، كان متدينا، وكانت والدتي تنتمي إلى الزاوية التيجانية". كما نتعرف على جانب من تربيته الدراسية حين التحق بالنظام التعليمي الداخلي حيث كان يحصل على مبلغ خمسين فرنكا يعطيها لوالده، وبأنه سبق أن قبل الالتزام بالالتحاق بالجيش الفرنسي، بعد تكوين عسكري قرب آسني، لكن طلبه بقي بلا جواب.
يفيدنا الحوار كذلك في الكشف عن بعض مواقف بوعبيد من الوجهة الفكرية، خاصة ما يهم حديثه عن نفسانية المواطن المغربي حيث يقول"
-"أظن أنه (المغربي) عقلاني إلى حد ما، لكنه يثق كثيرا، ما يجعله معرضا للخداع بيسر. يتميز أيضا بكونه صارما. وتلك بدون شك نتيجة التربية العقائدية. واع بأنه يملك تاريخا عظيما. مما يدل على صحة ذلك أن الفرنسيين لم يجرؤوا على أن يقترحوا علينا المرور بمرحلة استقلال داخلي كما فعلوا مع التونسيين. كانوا يعلمون اننا لن نقبل ذلك إطلاقا".
أما الحوار مع علال الفاسي فشمل منظور الزعيم الاستقلالي للوطنية المغربية حيث يقول بأن "الوطنية بالنسبة للمغاربة هي بكل بساطة حب فطري يحملونه تجاه الأرض التي ولدوا فيها، والمغمورة بدماء أجدادهم. إنها نوع من التعلق السحري".
وحول سؤال حول ماإذا كان يختار ريفا مستقلا لكن منفصل، أو ريفا خاضعا لكن متحد مع باقي البلاد؟"
يجيب علال: "أكد لي عبد الكريم نفسه أنه لم يكن ينوي أبدا فصل الريف عن بقية المغرب، أنه كان يقصد بكلمة "جمهورية" ببساطة، إطارا للعمل المشترك".
وحين يسأل العروي: "لدينا حالة عبد الكريم، وحالة محمد الخامس، هل معنى ذلك أننا نحتاج دائما إلى رجل منقذ؟" يجيب علال: "يحتاج المغرب أن يكون على رأسه شخص يحظى بحب واحترام الساكنة. ما لم يكن الأمر كذلك، وفي غياب سياسة توحيد ناجحة، هناك خطر التشتت..."
ويختتم الحوار بهذا السؤال "ما رأيك في مستوى الجيل الجديد؟" فيجيب الزعيم الاستقلالي "أولئك المنتمون لليسار أمميون وماديون. ثم هناك هذا الجو السيء الذي يغذيه النظام الحالي. ليس للفرنسيين، منذ 1930، هم آخر غير وضع بيادقهم في القصر ووسط الجيش. الحسن الثاني يتبع نفس الطريق. لذلك يجب أن نكون دائما حاضرين لنؤثر بوزننا على قرارته. يجب أن نطلق حملة شعبية كبيرة لفرض تعريب الإدارة".