الأربعاء 1 مايو 2024
ملفات الوطن الآن

المغرب ينقل الحرب مع الجزائر والبوليزاريو إلى قلب الاتحاد الافريقي

المغرب ينقل الحرب مع الجزائر والبوليزاريو إلى قلب الاتحاد الافريقي

فاجأ الملك محمد السادس المنتظم الإفريقي برسالة يجدد فيها ملحاحية العودة للحضن الإفريقي من خلال الاتحاد الإفريقي، وذلك من خلال 15 مرتكزا (انظر المؤطر)، ولعل التبرير المتعلق بمعالجة المرض من الداخل، يبقى رسالة واضحة، مفادها لقد ولى زمن المقعد الفارغ، وتجفيف منابع الانفصال هو السبيل لربح معركة الوحدة الترابية، أو ما تسميه خطط كرة القدم، أحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم، تكثير سواد الداعمين في صف الأصدقاء، وتضييق دائرة الخصوم في صفهم. عمل متوازي يتطلب من المغرب خطة استراتيحية مهمة في وسط دول افريقيا، فالوضع الافريقي والعالمي سنة 1984، السنة التي انسحب فيها المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية بسبب عضوية «الجمهورية الصحراوية»، يختلف تمام الاختلاف عن مثيله سنة 2016، وهو ما تجسد في العديد من المناسبات التي زار فيها الملك محمد السادس دول افريقيا، تجسيدا لامتداد المغرب في العمق الافريقي، ومن الأمثلة الواضحة على هذا الارتباط، نجده متضمنا في النموذج الاقتصادي للأقاليم الجنوبية. فإفريقيا، بدآ بإنجاز طريق سريع بمواصفات عالمية، يربط أكادير بالداخلة، عبر تيزنيت والعيون، وصولا إلى الحدود المغربية الموريتانية جنوبا، وليس انتهاء ببناء الميناء الأطلسي الكبير للداخلة، إضافة إلى التفكير في بناء خط للسكة الحديدية، من طنجة إلى الكويرة، لربط المغرب بباقي الدول الإفريقية.. هذا دون إغفال الحضور الاستثماري للمغرب في إفريقيا..
ولعل ما يجعل الظرف مناسبا لهذه العودة المغربية لافريقيا يتجلى في:
- الاستجابة لحلفاء المغرب الأفارقة في ضرورة العودة للمنتظم الأفريقي، فلا خير من أن يدافع صاحب الشأن عن شؤونه.
- إحراج بعض الدول الافريقية من هذه العودة، وخصوصا الجزائر وجنوب افريقيا، بعد أن صالا وجالا طوال أكثر من 30 سنة، حتى أصبحا يروجان أن المغرب ليس افريقيا بحكم بشرة ساكنته البيضاء.
- تطور الأنظمة السياسية في افريقيا وبلوغها مستوى من الإدراك والوعي، بأن الانقسام وخلق كيانات وهمية ليس محفزا للاستقرار بل مزيدا من الفوضى والصراعات، إلى جانب انهيار الأنظمة الشمولية الداعمة للجبهة.
- نهاية ولاية «نكوسازانا دلاميني زوما»، رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، والتي عُرفت بدعمها غير المشروط لجبهة البوليساريو، وإرجاء القمة الأخيرة لنقطة الانتخابات على هذا المنصب..
هي إذن سياقات متعددة، يبقى ذكر أولى إشارات التقاط الرسالة الملكية، أن 28 دولة عضو بالاتحاد الافريقي، تقدمت بطلب تعليق عضوية «الجمهورية الصحراوية» إلى حين تسوية وضعيتها أمميا، لأنه لايعقل أن يكون هناك كيان عضو في منظمة إقليمية ليس عضوا في الأمم المتحدة.

 

15مفتاحا جعلت الملك محمد السادس يعيد المغرب إلى الاتحاد الإفريقي

قرار المغرب بالعودة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي لم يكن بالقرار العادي أو المبني على مزاج بقدر ما أملته متغيرات جيوسياسية إقليمية ودولية أجملها، الملك محمد السادس في رسالة قوية سلمت  إلى القمة ال 27 للاتحاد الإفريقي التي تنعقد بالعاصمة الرواندية كيغالي.

وقد سلمت الرسالة الملكية يوم الأحد 17 يوليوز 2016 إلى الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو،  الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، من قبل رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب.
بالعودة إلى نص الرسالة الملكية نجد 15 مرتكزا أساسيا يعضد قرار عودة المغرب إلى منظمة كان هو أحد المؤسسين لها. وهذه المرتكزات، أو المفاتيح 15 تتجلى في أن:

1 - ملك المغرب هو محمد السادس، وهو ملك سليل عائلة حاكمة لعبت دورا في تحرر إفريقيا. فجده هو محمد الخامس، أحد رموز التحرير بالقارة السمراء. وأبوه هو الحسن الثاني أحد مؤسسي مؤتمر حركات التحرر.
2 - المغرب بلد هويته إفريقية ولن ينزعها عنه أحد.
3 - المغرب بلد مناصر للأسئلة الحارقة للأفارقة.
4 - المغرب بلد حامل لمشعل التعاون جنوب-جنوب.
5 - المغرب ثاني مستثمر بالقارة الإفريقية في مختلف الأوجه الاقتصادية.
6 - المغرب ينتمي لاثنين من التجمعات الاقتصادية الجهوية بالقارة.
7 - المغرب بلد مساهم بشكل بارز في عمليات حفظ السلام الأممية بمختلف بؤر التوتر بإفريقيا.
8 - المغرب بلد يحارب الانفصال وداعم لخيار الوحدة والتنمية المستدامة.
9 - المغرب بلد يؤمن بأن إفريقيا ليست موضوعا في العلاقات الدولية بل هي طرف فاعل جدير بالاحترام.
10 - المغرب بلد يؤمن بأن الاتحاد الإفريقي لا يمكن أن يبقى لوحده المنظمة الدولية خارج الشرعية بخصوص الموقف من الكيان المزعوم.
11 - المغرب ربح سحب 16 دولة إفريقية لاعترافها بالبوليزاريو من أصل 26 منذ عام 2000.
12 - المغرب له أصدقاء عديدون يطلبون بإلحاح عودته إلى صفوفهم.
13 - المغرب دولة تؤمن بأن زمن الإيديولوجيات انتهى وحل زمن العمل الملموس.
14 - المغرب بلد ناطق باسم آلام وآمال إفريقيا في مؤتمر «الكوب 22» بمراكش في نونبر المقبل.
15 - المغرب دولة رائدة في المجال الأمني وفي مكافحة الإرهاب ومستعدة لتقديم العون لكل من يود الاستفادة من خبرته.

 

سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين بالإمارات العربية المتحدة

سياسة المقعد الشاغر استنفدت أغراضها ولابد من محاصرة الأطروحة الانفصالية

في مؤسسة الاتحاد الإفريقي

 

m كيف تقرأ تقدم المغرب بطلب العودة مجددا للاتحاد الإفريقي بعد غياب دام أزيد من 30 سنة بسبب قبول عضوية الجمهورية الوهمية لكن الآن هذا المعطى لايزال قائم فما الذي تغير حتى يقدم المغرب على تغيير موقفه من عضوية الإتحاد الإفريقي؟
l قضية الصحراء كانت سببا أساسيا لانسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية واليوم أيضا يمكن أن نعتبرها السبب الرئيسي لعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي.. عندما انسحب المغرب آنذاك من منظمة الوحدة الإفريقية كانت موازين القوى السائدة في القارة الإفريقية لا تخدم مصلحة المغرب، ولو بقي آنذاك إلى جانب ما يسمى بالجمهورية الصحراوية لاعتبر آنذاك اعترافا عمليا بهذا الكيان، فانسحابه كان ضروريا آنذاك إذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة موازين القوى خلال تلك الفترة في القارة الإفريقية، لكن خلال السنوات العشر الأخيرة موازين القوى تغيرت لصالح المغرب الذي كثفت دبلوماسيته من جهودها في المنطقة (تعاون اقتصادي، تعاون عسكري، تعاون أمني، تعاون ثقافي، تعاون ديني)، حيث عزز المغرب نفوذه في إفريقيا جنوب الصحراء، مما مهد لاتخاذ قرار العودة أو الانضمام إلى منظمة الاتحاد الإفريقي. فسياق الانسحاب والعودة إلى الاتحاد الإفريقي مختلفان، وبالتالي لا يمكن أن نرى في ذلك مفارقة مادامت عضوية ما يسمى بالجمهورية الصحراوية مازالت قائمة، ثم أن المغرب وعى خلال السنوات الأخيرة أن قرار الانسحاب كانت له تكلفة سياسية كبيرة، وإن كان الموقف آنذاك مبررا ، لكن كانت له كلفة سياسية ثقيلة، لأنه ترك الساحة الإفريقية على المستوى المؤسساتي لأعدائه وخصومه. الآن رأى المغرب أن سياسة المقعد الشاغر استنفدت أغراضها، ودبلوماسيتنا استطاعت محاصرة الأطروحة الانفصالية داخل الاتحاد الإفريقي. وبالتالي فسياق توازن القوى مختلف، وإن كانت قضية الصحراء تظل قضية المغاربة. ويمكن أن أضيف أيضا أن المغرب لم يتخذ قرارا مفاجئا، فقد شهدت دبلوماسيته نشاطا كبيرا خلال السنوات الأخيرة في القارة الإفريقية مما مهد لاتخاذ هذا القرار.
 
m ولكن هناك من يقول إن جلوس المغرب إلى جانب الجمهورية الوهمية داخل الاتحاد الإفريقي، وهي التي كان قبول عضويتها في الاتحاد الإفريقي سببا في انسحابه بعد اعتراف ضمني بالكيان الوهمي؟
l الآن مفاهيم العلاقات الدولية تغيرت، فإذا كان جلوسه في الفترة السابقة يمكن أن يعتبر اعترافا ضمنيا بالجمهورية الصحراوية، فإن الأمر الآن مختلف، علما أن مفاهيم العلاقات الدولية تغيرت، فهل يمكن أن نعتبر جلوس المغرب وتفاوضه مع جبهة البوليساريو اعترافا ضمنيا بشرعية الجمهورية الصحراوية؟.. لا.. فكما قلت مفاهيم العلاقات الدولية ليست هي مفاهيم السياسات الوطنية، فالعلاقات الدولية تغيرت، كما أنها تتغير وفق السياقات السياسية وموازين القوى، فلا يمكن أن نعتبر ذلك اعترافا بشرعيتها. وإذا كان المغرب في بداية الثمانينات لم تكن له القدرة والنفوذ الكافيان لمحاصرة الأطروحة الانفصالية داخل منظمة الوحدة الإفريقية والقارة الإفريقية، فإن هذا المعطى تغير، كما أن قرار العودة إلى منظمة الاتحاد الافريقي يأتي استجابة ليس فقط لرغبة المغرب الشعبي والسياسي، بل أيضا استجابة لدعوات دول إفريقية بالانضمام إلى الاتحاد الإفريقي.
 
m هل يمكن الحديث عن تداعيات لهذا العودة للاتحاد الإفريقي على قضية الصحراء؟
l أولا، المغرب كسب ساحات كثيرة في إفريقيا، مما جعل هذا القرار محصلة لهذه الجهود الدبلوماسية خلال السنوات الأخيرة، وإضافة إلى كون هذا القرار هو نتيجة لهذه الجهود. فانضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سوف يعزز من موقع المغرب بالإتحاد الإفريقي، كما سيتيح له الدفاع عن قضيته. وكما قلت فسياسة المقعد الشاغر استنفدت أغراضها ولابد من محاصرة الأطروحة الإنفصالية في مؤسسة الإتحاد الإفريقي، كما سيسمح هذا الانضمام للمغرب بتعزيز موقعه للدفاع عن قضية الصحراء في هذه المنطقة في مواجهة خصومه، لاسيما الجزائر وجنوب إفريقيا.
 
m حسب ما أفهم فإن قرار الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي والجلوس إلى جانب الجمهورية الوهمية لن تكون له تداعيات على قضية الصحراء؟
l لا بالعكس.. لن تكون له تداعيات على قضية الصحراء، سوف تكون هناك مواجهة مع مناصري الأطروحة الانفصالية وسوف يسمح له بتشكيل تحالف قوي مع أصدقاء المغرب داخل الاتحاد الإفريقي لمحاصرة الأطروحة الانفصالية في هذه المنظمة، ولا أعتقد أن هناك تداعيات سلبية لهذا القرار.. بالعكس فكل الخبراء الذين يتابعون الدبلوماسية المغربية رأوا إنه من مصلحة المغرب خلال هذه السنوات العودة الى الحظيرة الإفريقية في إطار من المؤسسات.

m وهذا يفرض خلخلة ميزان القوى داخل الإتحاد الإفريقي لصالح المغرب؟
l طبعا.. المغرب له أصدقاء أقوياء الآن ومنها دول سحبت الاعتراف بما يسمى بالجمهورية العربية الصحراوية، إذن، المغرب مقبل على تحالف مناصر لقضيته داخل الاتحاد الإفريقي، وهذا أفضل من ترك مقعده شاغرا، والذي يستفيد منه خصوم الوحدة الترابية.

 

33 مادة تحدد أهداف الاتحاد الافريقي

في الوقت الذي كانت أهداف منظمة الوحدة الافريقية خلال تأسيسها بداية الستينات، تتمثل في تحرير القارة نهائيا من الاستعمار الأوروبي، والقضاء على التخلف الاقتصادي، وتوطيد دعائم التضامن الإفريقي، والارتقاء بالقارة إلى المكانة التي تليق بها كمؤسسة قادرة على التأثير صناع القرارات الدولية، وقع تحول ملحوظ في أهداف الاتحاد الافريقي والمضمنة في 33 مادة، من بينها:
- تحقيق وحدة وتضامن أكبر بين الشعوب والبلدان الأفريقية
- الدفاع عن السيادة والأراضي والاستقلال لكافة الدول الأفريقية
- التعجيل بالتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لإفريقيا
- تعزيز السلام والأمن والاستقرار في القارة الإفريقية
- توطيد النظام الديمقراطي ومؤسساته وتعزيز المشاركة الشعبية والحكم السديد
- حماية حقوق الإنسان والشعوب وفقا للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وكذلك المواثيق ذات الصلة
- تهيئة الظروف الضرورية التي ستمكن القارة من لعب دورها المناسب في الاقتصاد العالمي والمفاوضات بين الدول
- الإسراع بتنمية القارة وخاصة عن طريق البحث في مجال العلم والتكنولوجيا

مبادئ الاتحاد

تنص المادة الرابعة من القانون التأسيسي على:
- مبدأ المساواة والترابط بين الدول الأعضاء
- احترام الحدود الموروثة عند الاستقلال
- إقامة سياسة دفاعية مشتركة
- منع استخدام القوة أو التهديد بين الأعضاء
- عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عضو
- حق الاتحاد في التدخل في شؤون دولة عضو عند وقوع ظروف خطيرة مثل جرائم الحرب والإبادة الجماعية
- حق الدول في طلب تدخل الاتحاد لإعادة السلام والأمن
- احترام قدسية الحياة الإنسانية ورفض الإفلات من العقوبة والأعمال الإرهابية والأنشطة التخريبية
- رفض وإدانة أي تغيير غير دستوري للحكومات

 

الأقاليم الصحراوية، باب المغرب نحو إفريقيا

«إننا حريصون على جعل جهة الصحراء المغربية محورا للمبادلات التجارية والتواصل الإنساني بين إفريقيا وأوروبا».

بهذا افتتح الملك محمد السادس، رسالته الموجهة إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الإفريقي الأول حول الصيانة والحفاظ على الموروث الطرقي والابتكار التقني، بمراكش يوم 4 ماي 2016، وأضاف «سنقوم ببناء الميناء الأطلسي الكبير للداخلة، إضافة إلى التفكير في بناء خط للسكة الحديدية، من طنجة إلى لكويرة، لربط المغرب بباقي الدول الإفريقية الشقيقة»، مذكرا المشاركين بمشاريع متكاملة لتعزيز إدماج مناطق شمال المملكة بجنوبها، موضحا جلالته أنه سيتم بلوغ هذه الغاية من خلال الإقدام على إنجاز طريق سريع بمواصفات عالمية، يربط أكادير بالداخلة، عبر تيزنيت والعيون، وصولا إلى الحدود المغربية الموريتانية جنوبا.
وقال: «وتفعيلا لمنظورنا المتكامل، يولي هذا المخطط مكانة أساسية للمحاور الإستراتيجية في اتجاه غرب إفريقيا، تشكل فيه أقاليم الصحراء المغربية حلقة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، فضلا عن استكمال الطريق السيار المغاربي شرقا، من أجل تسهيل المبادلات مع دول الجوار».
وفي هذا السياق، أكد جلالة الملك أن هذه المشاريع الطموحة، بما في ذلك المشاريع الكبرى للطاقة الشمسية والريحية، والبنيات التحتية، لا تهدف إلى تنمية المنطقة وحدها فحسب، «بل نطمح من خلالها إلى ربطها بالدول الإفريقية الشقيقة، بما يساهم في النهوض بتنميتها».
كما كان البعد الإفريقي، حاضرا خلال الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس مؤخرا للصين، من خلال سعي قائدي البلدين لأن تتطور العلاقات الاقتصادية أكثر فأكثر بفضل تكامل موارد البلدين وإمكانياتهما، في جعل التعاون الصيني -المغربي في خدمة الشعوب الإفريقية. 
وسعيا إلى الحفاظ على تطورها الاقتصادي المتسارع، وجدت الصين، التي أضحت في حاجة ملحة للمواد الأولية، نفسها مجبرة على تنويع شركائها والانفتاح على أسواق جديدة بإفريقيا، وعدم حصر تواجدها في الأسواق المسماة بـ «التقليدية» (إفريقيا الأنغلوساكسونية).
ويؤكد القادة الصينيون، في هذا الصدد، أن الصين وإفريقيا يتقاسمان المصير نفسه وأن إمبراطورية الوسط قادمة إلى إفريقيا ليس كـ «قوة مستعمرة»، بل كشريك في التنمية والتقدم.
وهكذا، فإن الصين ملتزمة على أساس شراكة مربحة للطرفين وبدون شروط، بمصاحبة الدول الإفريقية الشريكة في جهودها التنموية من خلال تمكينها من التكنولوجيا، والكفاءات والخبرة الضرورية في مجالات جد متنوعة، من قبيل البنيات التحتية، الكهرباء، الاتصالات، وتكنولوجيات الاتصال.
كما تعبر الصين، الأولى عالميا في 22 قطاعا صناعيا، عن رغبتها في مصاحبة هذه البلدان في تنفيذ إستراتيجياتها الصناعية.

 

الاتحاد الافريقي في تسع محطات

يعد الاتحاد الافريقي الوريث الشرعي لمنظمة الوحدة الافريقية، حيث حل محلها بعد 39 عاما من تأسيسها، ومن أبرز المحطات في منظمة الوحدة قبل حلها وإعلان محلها الاتحاد الافريقي، نجد:
ماي 1963: تأسيس منظمة الوحدة الافريقية بأديس بابا بأثيوبيا
شتنبر 1999: التوقيع على القانون التأسيسي للاتحاد في مدينة سرت الليبية
فبراير 1982: انضمت جمهورية الكيان الوهمي لهذه المنظمة
شتنبر 1984: المغرب يقرر الانسحاب من المنظمة ويعلق عضويته احتجاجا على قبول المنظمة عضوية جمهورية الكيان الوهمي
يونيو 2000: الموافقة على القانون التأسيسي في جمهورية الطوغو خلال التئام القمة الأفريقية بمدينة لومي
يونيو 2002: في مدينة ديربان، بجنوب افريقيا، رأى الاتحاد الافريقي النور
دجنبر 2003: التوقيع على بروتوكول برلمان إفريقيا
يناير 2008: تشكيل لجنة رئاسية تضم 12 دولة، لدراسة اقتراح إنشاء حكومة الاتحاد الافريقي
16 يوليوز 2016: أوضح نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، «ايرستاس موانشا»، أن «عودتة المغرب ستخضع للتصويت من قبل دول الأعضاء في الاتحاد»، مرحبًا في الوقت ذاته بمشاركة الرباط، «كضيف وليس كعضو في الاتحاد»
17 يوليوز 2016: المغرب يتقدم بطلب رسمي للعودة للاتحاد الافريقي، قبيل انعقاد  القمة الأفريقية الـ27 بالعاصمة الرواندية، كيغالي

 

د.ندير اسماعيلي، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بمكناس

استمرار البوليساريو داخل الاتحاد الإفريقي لا يؤثر  على مشروعية قضية الوحدة الوطنية

 

m ما هو الجديد أو الطارئ في نظرك الذي جعل المغرب يطلب العودة إلى الإتحاد الإفريقي، في حين أن انسحابه من هذه المنظمة كان بسبب قبول هذه الأخيرة لما يسمى بالجمهورية الصحراوية؟
l في الواقع راهنية عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي لا ينم عن طارئ أو مستجد، بل هو نتيجة عوامل متعددة يمكن إيجازها في ثلاثة عوامل:
العامل الأول: التراكم الهام والقوي للحضور السياسي والاقتصادي والحضاري للمغرب في إفريقيا، يقابله وضع غير طبيعي والمثمتل في تواجده خارج أقوى منظمة إقليمية إفريقية.
العامل الثاني: وهو ذو صلة بالعامل الأول والمتعلق بضرورة التواجد المؤسساتي لدولة المغربية داخل جهاز القرار الإفريقي لأجل تصريف القرارات وتدبير السياسات بشكل يضفي على الوجود المغربي شرعية مؤسساتية وفاعلية إقليمية حقيقية.
العامل الثالث: القطيعة التي تعرفها السياسة الخارجية المغربية مع مقومات دبلوماسية بائدة أخرجت المغرب من عزلته عن إفريقيا جراء سياسة الكرسي الفارغ عسرت من مناقشة مصالحه داخل وخارج المنتظم الإفريقي، بالرغم من الإنجازات المنظورة على عدة مستويات سياسية واقتصادية وثقافية وحضارية، وهكذا فقرار العودة هو تتويج لكل هذه السياقات وإن كان متأخرا بقليل.


m كان المغرب يرفض دائما جمهورية الوهم وسيصبح اليوم عضوا في ظل الاتحاد الإفريقي، ولكن إلى جانب الجمهورية الصحراوية الذي يشكل عضوا كاملا في هذه المنظمة، حيث سيتعامل معه، يصوت معه وضده، فكيف ترى هذه المفارقةإذن؟
l إن انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية كان في وقته موقفا سياسيا وأخلاقيا ومسؤولا بامتياز ناتجا عن قبول كيان فاقد لمقومات الشرعية الدولية من جهة، والمنافي لمبادئ وقواعد منظمة الوحدة الإفريقية من جهة أخرى. لقد كانت للإيديولوجية إلى جانب العجز الديمقراطي هيمنة أكثر على بعض الساسة الأفارقة الذين عبثوا بمصير البناء الإفريقي خلال مدة. أما اليوم فهناك تراجع كبير أمام انهيار أنظمة وضعف أخرى، ولو أن البعض مازال يلعب دور العراب. كما أن ضرورة البناء الإفريقي الاقتصادي والتنموي والسلمي، بالإضافة إلى التوجهات السياسية لمنظمة الوحدة الإفريقية التي أصبحت تقوم على اعتبارات واقعية لضمان أمن وسلام الجميع ساعدوا على خلق أجواء مؤاتية لهذه العودة.
وهكذا وفي ظل هذا الوضع الذي يعرف تراجعا في الاعتراف بهذا الكيان وتقليص حجم تعاملات الدول الإفريقية مع قيادته، فاستمرار تواجده داخل المنظمة لا يؤثر قطعا على مشروعية قضية الوحدة الوطنية، كما أنه لا يمكن أن يشكل عاملا في الحد من الحضورالقوي والمتنامي والمفيد للمغرب داخل الاتحاد الإفريقي. فمن الصعب تصور لعب البوليساريو أدوارا هامة في أفق التطورات التي تعرفها القارة الإفريقية و معها الاتحاد.


m مفارقة اخرى في تعامل الخارجية المغربية، حيث ظلت تسحب سفيرها من كل دولة تعترف بالجمهورية الصحراوية  وتقطع معها علاقاتها الديبلوماسية أو في أضعف الحالات تخفض من مستوى تمثيلها الدبلوماسي بهذه الدولة من سفير إلى قائم باعمال المغرب، إلا الجزائر التي تعتبر رأس الحربة في النزاع،  لكن لم تقطع معها لا علافات دبلوماسية  أو تخفيض في التمثيلية. فكيف تعلق على هذا الأمر؟
l لقد اعتمد المغرب سياسة خارجية تقوم على ردود أفعال قوية وأقل مرونة في التعاطي مع الدول والحكومات التي كانت قد اختارت الاعتراف، وذلك بسحب التمثيلية الدبلوماسية أو تخفيضها، لكن الأمر مع الجزائر كان مختلفا حيث كانت هناك ردود أفعال أخرى، وإن كان الجانب الدبلوماسي حاضرا، ظل المغرب يحتفظ بشعرة معاوية، وهذا يفسره التاريخ، وكذا الجغرافية لحقيقة الروابط الواقعية التي تجمع المغرب والجزائر، كما أن طبيعة الرؤية التي اعتمدها المغرب في سياسته الخارجية مع الجزائر تميزت بعدم المعاداة وتفادي المواجهة والإبقاء على هامش الحوار والتفاوض في حرص شديد على الحدود المعقولة لتواصل من جهة و إبراز العمق الأخلاقي والسياسي والأخوي من جهة أخرى، طمعا في تغلب الحكمة لأجل تعاون ثنائي أمثل في المنطقة.

 

الزلزال الارتدادي لرسالة الملك محمد السادس في قمة كيغالي

 

لم يجف بعد المداد الذي كتبت به رسالة الملك محمد السادس بخصوص عودة المغرب  للاتحاد الإفريقي، حتى تم تقديم ملتمس من طرف 28 دولة يقضي بطلب تجميد عضوية الجمهورية الصحراوية في الاتحاد الإفريقي. الملتمس وجه إلى رئيس الدورة 27 للاتحاد الإفريقي المنعقدة بكيغالي برواندا. وقد قدمه علي بونغو اونديمبا (الصورة)، رئيس جمهورية الغابون ، باسم الدول التالية:
 بنين، وبوركينا فاسو وبوروندي والراس الاخضر وجزر القمر والكونغو وكوت ديفوار وجيبوتي واريتيريا والغابون وغامبيا وغانا وغينيا وغينيا بيساو وغينيا الاستوائية وليبيريا وليبيا وجمهورية افريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وساوتومي والسنيغال والسيشل وسيراليون والصومال والسودان وسوازيلاند والطوغو وزامبيا..

 

يوسف غريب، كاتب وإعلامي

رسالة الملك فجرت ما كان يضيق به صدر كل مغربي ومغربية

كانت فعلا رسالة رائعة ولخصت كل ما يخفيه المغاربة من مواقف في هذا الموضوع. لدرجة يمكن القول معها بأن ما أكده الملك وذبح المعادين بالقطن يثبت علمه اليقيني بما يخالج كل مغربي ومغربية. وعليه، لا أظن بأنه بعد اليوم بقي لأي كان الحق في التساؤل عمن نكون بين مكونات المجتمع الإفريقي، أو يستفسر عن المواقف الثابتة لنا حيال أم قضايانا. صحيح أننا نختلف حول مواضيع وملفات داخلية كأيتها دولة ديمقراطية، لكن سرعان ما تجدنا صفا واحدا أمام كل من سمح لنفسه المساس بوحدتنا الترابية أو حتى حاول ذلك. وأعود لأقول بأن الملك محمد السادس ناب عن 40 مليون مغربي ومغربية في إبلاغ  المنحازين للوهم بأن التاريخ لا يرحم المتعاطفين معه، ولابد من حلول يوم الحقيقة التي ولحسن الحظ لا تخشى أحد لتفرض موقعها مهما تعالت صيحات المعارضين أو عويل الخونة المفضوحون منهم والمندسون. وهنا أريد أن أشير إلى أنني على يقين تام بأن الرسالة ستعمل على تغيير العديد من تفاهات المواقف وستعيد الصواب لفئة عريضة من فاقديه، علما أن هناك من المغرر بهم على غير دراية بما هو كائن فعلا، وما انجرافهم لعكس مجرى التيار إلا مجرد نتيجة فقر في المعلومة الكافية الذي لا يجب بأي حال نكران مسؤولية دبلوماسيتنا الضعيفة نوعا ما في تفشيه.

 

عادل مايس، موظف

الرسالة نموذج للنخب السياسية في كيفية الترافع على الطرح المغربي

أول قناعة خرجت بها من خلال الرسالة هي أن الملك يسبق بكثير النخب السياسية في كيفية رسم صورة المغرب. ولو أن أولئك الناشطون فقط إبان كل استحقاق انتخابي يقتفون خطوات الملك في نهج دفاعه عن الخصوصيات المغربية لما تعقدت الكثير من مسارات الحلول. لكن ورغم ذلك يحق لنا أن نحتفظ بحظ امتياز ملك دأب على سد الثغرات وبأفضل البدائل. أما بشأن أكثر المواضع التي أثارتني في الرسالة فتلك التي شبه فيها الملك قرار منظمة الوحدة الإفريقية ضم البوليساريو بالطفل القاصر المغرر به. وهو فعلا تشبيه أعجبني كثيرا لأنه يشخص التلاعب الذي اقترف وقتها في حق المنظمة، وتحريف أسسها المفروض احترامها أولا وأخيرا للشرعية لا الانسياق وراء النوايا القاسمة دون الوعي بمخاطر العواقب التي نجنيها اليوم بكل مرارة. فالمرحلة التي فتحها الملك لاشك وأنها ستعيد ترتيب الكثير من الأوراق، وتضع المعنيين بالشأن الإفريقي عموما أمام الأمر الواقع بالتفكير طويلا قبل الإقدام على إجراءات لا نفع من ورائها، بل تجلب فقط سوء المتاعب لوضع يصرخ أصلا بالكفاية من مصادر التفرقة والعنف المجاني، ويعاني فقرا وهشاشة لا يحتملان المزيد من التهورات الإضافية.

 

عبد الرحيم الملحمة، فاعل جمعوي

كلام سيصيب حتما الجزائر ودميتها في مقتل

بكل صراحة وكما كنت أنتظر ما ستحمله رسالة الملك من جديد، لم أكن أتوقع كل تلك الدقة في وضع الأصبع على مكمن الألم. ولا أظن بأنه تصوري أنا فقط بل الكثير من المواطنين. فالملك خرق كل التوقعات على الرغم مما عرفناه عنه من تبنيه مسلك «شرح ملح» في إثارة الأمور الحساسة والحاسمة. من هذا المنطلق، لا يمكن إلا أقول بأن سماعي للرسالة عبر القناة التلفزية وإعادة قراءته على صفحات المواقع الإلكترونية أثلج دواخلي. ويشعرني بأننا لسنا ذلك الشعب الذي يؤمن بمسألة «من غير شروط»، ومن ثمة لابد من فرض مقدساته كخط أحمر محرم تجاوزه مهما كانت طبيعة الظرف أو قوة الضغط. ولعل هذا ما سيعطي أيضا المثل لأحزابنا ومعها جميع المكونات السياسية لأخذ العبرة من أن «تعزها تعزك»، ولا مجال للتنازل في الأولويات، وتحديدا تلك التي تخص وطنا هو ملك للجميع ويهم الجميع. أما مسألة الجواب حول احتمالات تعامل الجزائر ودميتها «البوليسارية» مع الرسالة، أجزم بأنها نزلت ولا صاعقة مدوية عليهم، والأكيد أنهم لا يزالون على وقع دويها. بل الأكثر من ذلك أتوقع بأنهم الآن في موقف لا يحسدون عليه وينشغلون بالعمل على إيقاظ الجانب «المشيطن» من سياستهم، وإن كان معلوما مآله باعتباره لن يكون سوى سليل سابق المناورات التي لا تفرز سوى مجهودا ضائعا.

 

جهاد أزرود، مهاجر بالديار الإسبانية

جرأة ملكية في إعلاء الصوت المغربي

نظرا لإكراهات خاصة لم أتمكن من سماع خطاب الرسالة الملكية إلا صباح يوم الإثنين. ولن أخفي مدى القشعريرة التي أحسستها بفعل تلك الجرأة التي أبان عليها الملك في إعلاء الصوت المغربي أمام الغير سواء كان صديقا أو غيره. لأني لا أعتبر ما قاله يخص فقط الملتقى الموجهة إليه ومن يحضره، ولكن يهم العالم ككل لتصحيح ما هم خاطئون بشأنه. علما، وكما جاء في ما بين السطور أحيانا وبالواضح أحيانا أخرى، فإن القارة الإفريقية أحوج إلى المغرب، واستفادتها منه ستكون أوفر موازاة مع نجحت فيه تكتلات دولية من تقدم. ولو أن ذلك لا يحتاج لتبيان في ظل ما حققه المغرب على المستوى الاقتصادي والأمني بمختلف تشعباته وأيضا الاستقرار السياسي. ولن أخفي كذلك الارتياح الداخلي وأنا أشعر حقا بشعور من له ملك بتلك الشجاعة التي صرنا نعاني ندرتها لدى الزعماء العرب، وهيبة لا تخشى لومة لائم وهي تدافع على حق مشروع بصرف النظر عن المقصود بقصفها. وكما أسلفت، فإن الرسالة فرصة من جهة أخرى لمن يعتبرون أنفسهم قادة العالم حتى يتأكدوا بأن لا شيء يتقدم عند المغاربة على صيانة مقدساتهم، وللجميع كامل الوقت لفهم الدلالات بطريقته.