الأحد 5 مايو 2024
سياسة

طوبى لكل شعوب العالم، لأنها لا تعاني مثلنا مع رئيس حكومة "ضاربو السلك"!

طوبى لكل شعوب العالم، لأنها لا تعاني مثلنا مع رئيس حكومة "ضاربو السلك"!

 لم يكتف عبد الإلاه بنكيران، رئيس الحكومة، بغلق "صنابير" الوظيفة العمومية على " أولاد الشعب" وفتحها على أبنائه وأبناء المقربين من حزبه فقط، بل أصبح يروج في خطبه وتجمعاته الحزبية أن حزبه يحمي الملك ؛ وهو ما يعني أن بنكيران يضع جميع الأحزاب الأخرى في سلة معاداة الملك، كما يضع جميع الزعماء السياسيين الذين لا ينتمون إلى حزبه في سلة الانقلابيين الذين يجتهدون من أجل الإطاحة بالعرش.

ياسلام، يا بنكيران "بحال الى أن المؤسسة الملكية كتسنى حتى يجي حزب البيجيدي باش يدافع عليها"، وسيادنا "كولو باز!". فالدولة العلوية موجودة هاذي خمسة ديال القرون، والملك محمد السادس هو الرقم 23 في شجرة ملوك الدولة العلوية.وفين كان بنكيران والحزب ديالو خلال هذه المدة ديال 500 عام؟ وشكون كان حامي الملكية بالمغرب؟ وجاوب آبنكيران ! شفتك سكتي !

 بنكيران الذي ينتهز الفرصة في كل مناسبة للتحدث، برعونة غير معهودة في رجال الدولة أو الذين يحاولون أن يكونوا كذلك، عن الملك محمد السادس والتحدث بلسانه والظهور بمظهر من يتغذي ويتعشى في مائدته، يفتح النيران ويوجه مدافعه الثقيلة تجاه "المحيط الملكي"، متهما إياه بعرقلة الإنجازات غير المسبوقة في التاريخ والجغرافيا وعالم الفضاء، وذلك دون أن يمتلك الجرأة والشجاعة لتسمية محيط الملك وكاتمي أسراره، فيكتفي بالغمز واللمز و"حشيان الهضرة" و"تعمار الشوارج" و"التقلاز من تحت الجلابة"، وهو ما يذكرنا بعالم الحمامات الشعبية التي كانت تزخر بالألسنة المدربة التي تومئ بالفضائح دون أن تصرح علنا بأصحابها.

 إن الشجاعة، يا بنكيران، تقتضي- وأنتم مشاركون دستوريا في القرار السياسي العمومي- أن تنتقلوا من لغة التلميح والغمز والتماسيح إلى لغة التصريح والاتهام الصريح، وأن توضحوا للملك "الذي تحبونه جدا ولا يأتيكم النوم دون أن تحصلوا على رضاه"، وللشعب المغربي "الذي أعلنتم عليه الحرب منذ مجيئكم في سياق تاريخي أنتم تعرفون تفاصيله"، من هم هؤلاء الذين يعرقلون المسار الإصلاحي للحكومة ، ومن هم المتحكمون الفعليون في ما تحاولون أنتم أن تتحكموا به رغم أن الجميع يعرف أنكم الحكومة، وأنتم الذين أغرقتمونا في المديونية، وأنتم الذين أثقلتم ظهورنا بالزيادات، وأنتم الذين جمدتم الاستثمارات، وأنتم اخترتم السهل بالترامي على جيوب الناس الضعفاء.. عليكم أن تكشفوا أسماء هؤلاء الذين تدعون أنهم، من داخل المحيط الملكي، يعاكسون " الإصلاح" ويتآمرون على الملك.. لماذا لا تلجؤون إلى القانون لوضع حد لهذا التآمرالمزعوم؟ إن سكوتك عن التصريح بالأسماء يجعل منك متآمرا، ويجعل منك شيطانا ما دام "الساكت عن الحق شيطانا أخرس"؟ بل إن عدم تصريحك بأسماء "المتآمرين" يضعك تحت طائلة القانون، ويجعل منك مشاركا في التآمر ويحق عليك العقاب حسب ما هو منصوص عليه في القانون..

 إن بنكيران "يهلّل" باسم الملك في كل وقت وحين. يذكره وهو واقف، وهو جالس، وهو مستيقظ، وهو نائم، وهو في البرلمان، وهو في بيته بحي الليمون بالرباط، وهو في مقر حزبه، وهو في الأعراس والجنائز، وهو في الحوارات الصحفية، وفي المذياع وفي التلفزيون، حتى تحول إلى "لسان الملك"، وهو لا يدري أنه يهين المؤسسة الملكية و"يمرمدها" في الوحل، متجاهلا أنه رئيس الحكومة والرجل الثاني في المملكة. وحتى على افتراض وجود خلل ما، فرئيس الحكومة يتحمل المسؤولية بحكم أن الدستور أطر الاختصاصات ورسم لكل لاعب حدوده، وكان عليه أن يسلك المسارب الدستورية، لا أن يثير الزوابع و"العجاج" ويطلق الاتهامات بالباطل و يرمي كل الأثقال والأحمال على محيط الملك وبلاطه الذي يعتبره بنكيران بلاطا تسكنه "العفاريت" و"التماسيح". من هو التمساح- والمقصود دموعه- الذي ركب على نضالات حركة 20 فبراير، ل"يجمع حب وتبن" في الانتخابات التشريعية السابقة راكبا على موجة التغيير التي طالب بها الفبرايريون؟ من هو هذا الذي رفض الاصطفاف جنبا إلى جنب مع الحركة، وقبل أن يأكل غلتها، وأن يعمل كل ما بوسعه من أجل تشويه الدستور والحد من تأثيره وقدرته على تخليق وتجويد الحياة السياسية؟ من هذا الذي ضيع روح خطاب 9 مارس؟ من هو هذا الذي يختبئ الآن خلف الملك ليقلز لمحيط الملك؟ ومن هو هذا الذي يرفع الآن شعارات 20 فبراير والحال أنه تفه وسفه أصحابها وأقسم بأغلظ الإيمان أن يضع خارج الحزب كل من سولت له نفسه من أتباعه؟ لماذا تريدون الاستقواء بشعارات 20 فبراير وقد تبرأت منها حين كانت مطالب الحركة في ذروتها؟ هل لأنكم كنتم تعرفون أنكم قادمون؟ وهل تخشون الآن أن تنصرفوا إلى حال سبيلكم غير مشكورين!؟

 إن حديث بنكيران عن الدولة العميقة- وهو يقصد هنا محيط الملك طبعا- مستعار من حديث زميله مرسي، الرئيس المصري الإخواني المخلوع، الذي كان يطمح إلى اجتثات كل أسس الدولة المصرية، وكل المؤسسات التي كرسها، بما فيها العسكرية والقضائية والأمنية.. وشرع فعلا في محاولة تفكيكها. وهذا الحديث عن الدولة العميقة يخفي رغبة أكيدة لدى الإخوان من أجل تفكيك الدولة القائمة وإعادة تركيبها على النحو الذي يساير أهدافهم ويتماشى مع طموحاتهم.. وما استهداف المحيط الملكي إلا وسيلة لتحقيق ذلك!

 إننا ندرك أن بنكيران دخل، ونحن على مشارف نهاية ولايته الحكومية، في الصخب الانتخابي السابق لأوانه، ويكاد لا يغمض له جفن لأنه يريد أن يحافظ على موقعه الحكومي، وعلى بقائه تحت الأضواء ليقهقه عاليا أمام أغلبيته، وليمارس "الستريبتيز" الخطابي أمام المغاربة في البرلمان.. إننا ندرك أن رئاسة الحكومة القادمة بالنسبة إليه قضية موت أو حياة، حتى لا يشمت به الشامتون، وحتى يظل على مقربة من الملك، ومن محيط الملك.. بل ندرك أنه يريد أن يكون هو هذا المحيط، وليتحقق له ذلك لا بد من تحييد مستشاري الملك والمقربين إليه حتى لا ينازعه في " الأمر" أحد- ولو بالكذب والاختلاق والضرب غير المشروع. إننا ندرك أن بنكيران يحلم بأن يكون هو "رب الموغريب".. وهنا يصبح السؤال المقلق هو: هل هي صدفة أن يتلاقى خطاب بن كيران مع خطاب مولاي هشام و"صحابو"، الذين لايتوقفون هم الآخرين عن نصب المجانيق وقصف محيط الملك ووصفه بأقدح النعوث، وتحميله كل "شرور المغرب"؟ ما الفرق بين خطاب "جماعة" بنكيران و"جماعة" مولاي هشام؟ إن هذا المنحى يؤكد شيئا واحدا، ألا وهو أن بنكيران و"مولاي هشام" يشكلان معا تيارين موازيين يلتقيان في نفس المصب، لكنهما يفترقان في "المنبع".. إنهما يلتقيان- وهذا واضح جدا- في إرادة إضعاف الملك وعزله وتحييده ومنازعته في شرعيته الدينية والمدنية وتعطيل فصول الدستور الخاصة بالمؤسسة الملكية وبمؤسسة رئاسة الدولة، ويلتقيان أيضا في ابتزاز المحيط الملكي والضغط عليه والتضييق على عمله، والاستقواء بالخارج لإرغام الملك على إبعاد مستشاريه وخبرائه وطردهم من تدبير الشأن العمومي.. ولعل الشيء الأهم الذي يخفيه بنكيران هو أنه عاجز عن إدارة شؤون المغاربة، ويحتاج إلى قميص ليعلق عليه مساره الفاشل...

 طوبى لكل شعوب العالم، لأنها لا تعاني مثلنا مع رئيس حكومة "ضاربو السلك" !